مُخطئ من يقول بعد اليوم: "إذا اجتمع لبنانيان كانت السياسة ثالثهما". فالأصح ان يقول: "إذا اجتمع لبنانيان، فكندا ثالثهما". فمنذ مغادرتي لبنان، العام الماضي، الى الإمارات، واقامتي فيها، ارتاد وأصحابي مقاهي أبو ظبي التي يكثر فيها اللبنانيون. وأكون إما مستمعاً الى أحاديث الآخرين، وإما مشاركاً فيها، فالأمر سيّان، والموضوع واحد: اليأس من لبنان والهجرة الى كندا. "لماذا لا تقدم طلب هجرة الى كندا؟" هو السؤال الشائع الذي يبادرك به لبناني بعد أن يسألك عن حالك وأهلك. ثم يشرع في تعداد الفوائد التي تجنيها من حصولك على الجنسية الكندية. أما طلبات التقديم فجاهزة وعند الطلب. ويُذكرك محدثك انك اذا كنت تجيد اللغة الفرنسية فذلك يزيد حظوظ تأهيلك للجنسية. فإذا انتهت تلاوة فرمان الهجرة ودفتر الشروط، اكتفيتُ بالايماء والرد: "حسناً! سأفكر في الموضوع". وأفكر... أفكر في لبنان وفي أهله. ترى، ماذا نسمي الحال التي يتمنى فيها الإنسان أن يفقد مواطنيته لمصلحة مواطنية أخرى: يأساً من الهوية، كرهاً للانتماء، أم حباً بالشتات؟ وأصر على القول اننا نفقد مواطنيتنا لمصلحة مواطنية أخرى. وإلا فلماذا نشهر، بعد أن نصبح "كنديين"، الجواز الكندي بكل ثقة وفخر في المطارات، بينما جوازنا اللبناني مرمي في قاع الحقيبة، إذا كان أصلاً في حوزتنا؟ أليس ذلك نسياناً وتهميشاً للمواطنية؟ أنا لست لأحمل على الذين ركضوا وراء الجنسية الكندية أو غيرها. فالذنب ليس ذنبهم، بل ذنب الذين دفعوهم ولا يزالون يدفعون اللبنانيين المقيمين للتخلي عن مواطنية أصبحت عبئاً عليهم وعلى أبنائهم. ومن يرفضون فكرة الحصول على جواز كندي أو غيره، مهما هانت الاجراءات والشروط، كثيرون. فهل ندفع ثمن وطنيتنا يوماً ما؟ باسل الخليل [email protected]