تحاول الحكومة الروسية اقناع الشركات العالمية الكبرى والمستثمرين وعواصم الغرب بان حملتها على شركة يوكوس النفطية العملاقة لا تعني تراجعا عن توجه تحرير الاقتصاد والالتزام بخطط الخصخصة وتشجيع رأس المال الاجنبي والخاص على العمل في روسيا. تعود الحملة على عملاق النفط يوكوس الى بداية يوليو الماضي عندما القي القبض على بلاتون ليبيديف، شريك خودوركوفسكي واعتقاله بتهم الفساد. وكان واضحا ان الرئاسة الروسية تخوض حربا ظاهرها تطبيق القانون وحماية الاموال العامة وباطنها رفع عصا السلطة في وجه مجموعة من الاثرياء الجدد الذين استفحل نفوذهم حتى بدأوا يتبرعون لدعم خصوم الكرملين السياسيين. ويأتي في مقدمة هؤلاء خودوركوفسكي الذي بدا يتحدث في مقابلاته التليفزيونية والصحفية عن تاييده لافكار الليبراليين المعارضين للكرملين ودعمه لهم في الانتخابات البرلمانية الشهر القادم. كما انتقد خودوركوفسكي موقف القيادة الروسية في قضية العراق، واجمالا بدا الرجل الاغنى في روسيا في التشكيك في جدية الاصلاح الاقتصادي مؤلبا الدول الغربية على القيادة الروسية. ولا يخلو الامر ايضا من بعض مصالح ضيقة، مثل هجوم خودوركوفسكي مؤخرا على الشركة الحكومية المنافسة لشركته، روزنفت، واتهامه لها بممارسة الاحتكار ورشوة المسؤولين الكبار للحصول على الامتيازات التنقيبية والانتاجية بشكل غير تنافسي. وبغض النظر عن مدى الصحة في اتهامات الرجل، الا انه هو نفسه كون ثروته بطريق لا يختلف كثيرا ومعه في ذلك المجموعة الرئيسية من الاثرياء الجدد في روسيا عن ما ينتقده الان. فقد كون كل هؤلاء ثرواتهم في منتصف التسعينيات من عمليات بيع ممتلكات الاتحاد السوفيتي السابق ضمن عمليات خصخصة ما تزال تصبغ فترة حكم الرئيس السابق بوريس يلتسن بالفساد الهائل. لا يمكن اذا النظر الى موقف بوتن على انه مجرد تطبيق للقانون لضمان العدل وحماية حقوق الناس، اكثر منه محاولة لتقليم اظافر مناوئيه السياسيين خاصة وانه يستعد للمنافسة على تجديد رئاسته في مارس القادم ولم يخف خودوركوفسكي رغبته في التقدم للترشيح للرئاسة. كما تكشف ردود الفعل الغربية العنيفة عن ان عواصم غرب اوروبا واميركا الشمالية ليست حريصة على الشفافية والنزاهة بالشكل الذي يصمون به الاذان يوميا. المسألة ببساطة تضافر للمال والسياسة في تحقيق هدف كسر ما تبقى من سلطة روسيا، ليس للتحرير وفتح السوق بقدر ما هو بهدف تأنيب بوتن وتعظيم المنافع الاقتصادية السريعة ولو عن طريق مفسدين كبار من امثال مجموعة اثرياء روسيا الجدد. ثم هناك المصالح المباشرة، فشركة اكسون موبيل التي كانت تستعد للدخول في شراكة مع يوكوس (40% من يوكوس سيبنفت) بعد شرائها للشركة الروسية الاصغر سيبنفت ضغطت على ادارة الرئيس الاميركي بوش وهي ادارة موظفي وتجار طاقة اساسا كي تسارع بالاعراب عن قلقها مما يجري لرئيس يوكوس وتحذر من اي تراجع روسي عن اقتصاد السوق وخطط التحرير والخصخصة.