مرشد البنتاغون الوزير دونالد رامسفيلد اكتشف ان الغالبية الساحقة من الناس من كل الأديان لا تؤمن بالارهاب... كأن التوصل الى هذا الاستنتاج يستدعي خوض حربين، في افغانستانوالعراق. بل ان الوزير الذي يخطط ل"حرب العقول"، يبدو كأنه يتنصل من نتائج الحربين، منذ انتزع ملف العراق من وزارة الدفاع الأميركية، ليوضع بين يدي مستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس. فما تسرب من مذكرة رامسفيلد الى قادة البنتاغون، يتضمن اعترافاً بالتورط وتجاهلاً ل"انجازات" طالما تمسكت بها إدارة الرئيس جورج بوش، لا سيما اطاحة نظام "طالبان" في افغانستان شعبية الحركة تتزايد مجدداً ونظام صدام حسين لا أدلة بعد على ترسانته المحظورة. يعترف الوزير بأن لا تقدم تحقق في الحرب على الارهاب، لذلك ينصح بتعقب "خطر المدارس الدينية"، الاسلامية بالطبع، لأنه معني بالجذور... وكما فشل حتى الآن في العراقوافغانستان، يزرع على الأرجح بذور هزيمة في "حرب الأفكار"، لأنه ليس معنياً بالبحث عن الداء في موطنه، وفي كل ما تفعله أميركا العظمى التي نصّبت نفسها وصية على العالم. عناوين مذكرة رامسفيلد تسربت بعد أيام على فتح تحقيق في عاصفة العداء للاسلام والمسلمين التي اثارها نائب وكيل البنتاغون لشؤون الاستخبارات وليام بويكن، صاحب "نظرية" أميركا "الدولة المسيحية اليهودية"، الذي كلف مطاردة اسامة بن لادن. ولا أحد يدري هل يكتشف المرشد وباء بويكن، أو يوصي بانشاء جهاز خاص في الولاياتالمتحدة لمطاردة أساتذته وتلاميذه، وهؤلاء عدواهم في الغرب وأميركا خصوصاً كفيروس نقص المناعة، ولا تقل أضرارها عن شطط انصار بن لادن، وتشويههم سمعة الاسلام والمسلمين. عدواهم في اسرائيل أيضاً، حيث عشرات الجنرالات "الصغار" من أمثال بويكن يخططون الآن لخيار الضربة الذرية في الحرب على الفلسطينيين، باعتراف "مصدر عسكري بارز" كشف هذه الفكرة الجهنمية لصحيفة "جيروزاليم بوست". وبين اميركا "المسيحية اليهودية" واسرائيل شارون، اليهودية العنصرية التي تستكمل نهب فلسطين تحت راية الحرب على الارهاب، لن يجتهد رامسفيلد ولا سواه من صقور الادارة الأميركية وحمائمها لتبرير "لغز" اختيار هوية اسلامية لذاك الارهاب الذي بات يستنزف كثيراً من الأرواح والأموال... وربما الأنظمة. الشق الآخر من مهمة الوزير الذي لا يعترف في حملته على مدارس دينية، بسيادة دول أو خصوصية مجتمعات، يتبدى في حملة الرئيس نفسه على الأممالمتحدة ورفع شعار تغييرها لئلا يبقى عالم القرن الواحد والعشرين سائباً. على مضض، وافقه الرأي الأمين العام لأن "التحديات" تقتضي التجديد. ولكن، ما لم يقله بوش هو تعديل هيكلية المنظمة الدولية لتتناسب مع حجم أميركا، وسطوتها في العالم. وسلاح "الفيتو" الذي استخدمته إدارته مرتين أخيراً، مستفيدة من مكرونيزيا وجزر المارشال في الجمعية العامة، ومن احتكار الولاياتالمتحدة احتكار نادي الخمسة تقرير مصير العالم في مجلس الأمن، لم يكن سوى في مصلحة "العدالة" الإسرائيلية وبربريتها. على رغم كل ذلك، يجتهد رامسفيلد لكسب العقول والقلوب، كأن المطلوب من الفلسطيني مثلاً أن يعلن عبودية للإسرائيلي، ومن العراقي أن يبجل الاحتلال طريقاً إلى الشركات المتعددة الجنسية ونهب عائدات نفطه... ومن الدول العربية تغيير دساتيرها لإبعاد شبهة الإرهاب، وتبني المفهوم الأميركي للدين. في هذه الحال يجوز افتراض تشكيل فرق تفتيش للمدارس الإسلامية في المنطقة، للتحقق من عدم تخريجها "إرهابيين" معادين لأميركا "المسيحية اليهودية"!