احتفت الرياض الليلة قبل الماضية بالتوأمة بين دار "الحياة" والفضائية اللبنانية "ال بي سي"، وشهدت قاعة المملكة في فندق فورسيزونز في العاصمة السعودية احتفالاً في المناسبة رعاه امير منطقة الرياض الامير سلمان بن عبدالعزيز، الصديق الاقرب الى الاعلاميين، الذي اعرب في كلمة القاها عن ترحيبه بمشروع التوأمة وسعادته به، وتمنى ان يكون خيراً للمملكة العربية السعودية وللبنان وان يكون فيه خير للعرب جميعاً. وشدد امير الرياض في كلمته على اهمية الاعلام وأكد امانة الكلمة وحذر من ان تكون سلعة تباع وتشترى، ولفت الى ان استهداف المملكة العربية السعودية في بعض وسائل الاعلام العالمية سببه دفاعها عن قضايا العرب والمسلمين، لكنه أكد ثبات الموقف السعودي في نهجه العربي الاسلامي الصادق والصريح. واهاجت المناسبة ذكريات للأمير سلمان مع جريدة "الحياة" ومؤسسها المرحوم كامل مروة، فسرد فيها جانباً من الذكريات وزياراته لبيروت، واشاد بمناقب مؤسس "الحياة" المهنية ومواقفه السياسية كما اشاد بمواقف الجريدة المنصفة تجاه المملكة. وقال امير منطقة الرياض في كلمته: "لقد لبيت هذه الدعوة سعيداً لأشهد توأمة "الحياة" و"ال بي سي"، ولا شك في ان هذا الحضور الكريم يجعل الانسان اكثر سعادة، ان علاقتي بجريدة "الحياة" علاقة قديمة ولهذا دائماً اشعر بالتعاطف معها وأشعر انها صديقة عمر. لقد عرفت الحياة مع صاحبها كامل مروة رحمه الله في اوائل الستينات وكان مدرسة صحافية وسياسياً لامعاً، ولقد استفدت من علاقته بي وعلاقته ب"الحياة" في معرفة كثير من الامور عندما كنت ازور لبنان وأزوره في دار "الحياة" كما ازوره في بيته في بيت مري، وعندما كان يزور المملكة، وكانت المملكة تواجه ظروفاً صعبة في ذلك الوقت، وكانت "الحياة" منصفة عادلة في موقفها مع المملكة. لا شك في ان للأستاذ كامل رحمه الله تاريخاً قبل ذلك وكلكم تعرفونه، انا اتكلم على علاقتي به، لذلك اشعر هذا اليوم بحضور هذه المناسبة، مناسبة التوأمة، فنرى في هذه الايام الوليدين يفصلان هنا في المملكة وفي اماكن اخرى، لكنكم عملتم العكس في التوأمة. وأرجو من هذه التوأمة ان تكون خيراً للمملكة العربية السعودية وللبنان. لبنان الحبيب والشقيق الصديق، واني اذ اعتز بصداقتي مع اللبنانيين جميعاً ورجال الاعلام بصفة خاصة فإنني ايضاً اعتبر نفسي واحداً ممن يتحملون متاعب الاعلام في هذا البلد ولذلك يقولون: صديق، لكن صديق يتحمل المتاعب معهم". وتابع الأمير سلمان قائلاً: "ان الكلمة سلاح خطير. الكلمة، منذ ان كانت، سلاح خطير إما للخير او للشر كما هو اي شيء آخر. هذا الماء الذي امامي يشربه الظمآن ويروي الشجر وينبت العشب والزهر، لكنه لو اغرقت به انساناً لغرق، النهر اذا امسك مجراه ومشى في مجراه افاد واستفاد البشر منه واذا تغير مجراه كان طوفاناً فهدم ما بناه البشر. الكلمة امانة. الكلمة مسؤولية، ويجب علينا ان نحترم الكلمة الصادقة، الكلمة البناءة، الكلمة التي تدل الى الخير وتؤشر عليه، الكلمة التي تدافع عن الحق وتحارب الباطل، الكلمة المسؤولة التي يقولها الانسان وهو يعرف ويتحمل مسؤوليتها امام الله قبل كل شيء ثم امام مواطنيه. انني احترم صاحب الرأي وان خالفني فيه، ولي اصدقاء كثر من اصحاب الكلمة سواء في الاعلام المقروء او المرئي، ولو اختلفت معهم في الرأي، فالصداقة تبقى والاحترام يبقى ما دام الانسان يقول الكلمة وهو مؤمن بها. خطورة الكلمة ان تكون سلعة تباع وتشترى. هذه خطورة يجب ألاّ يقبلها انسان شريف في نفسه. اما عندما يعبر الانسان عن رأيه وهو صادق فيه فيجب ان نحترمه وكذلك عندما يتضح للانسان منا كبشر، سواء الكاتب او المتحدث او المتلقي، انه اخطأ او انه لم يعرف الحقيقة، فليس عيباً ان يقول اخطأت وان يتراجع ويقول الحقيقة. سلاح الاعلام من اخطر الاسلحة في وقتنا الحاضر بل هو قدّم البشر بعضهم البعض وجعل العالم قرية. ترى في الصحف وفي التلفزيون احداث العالم مباشرة. ترى العالم كله مباشرة. تسمع العالم تتأثر وتؤثر في العالم. لذلك اقول ان هذه مسؤولية كبرى على اصحاب الرأي سواء المقروء او المكتوب. نحن نعلم ان الاعلام كان منذ الازل وهنا اقول: كان الشعر في الجاهلية مثلاً، اتكلم على العالم العربي او العالم كله او بعد الرسل او بعد الرسالة الاسلامية، كان هو المعبر، كان هو الاعلام، فترانا نردد الشعر القديم وبصدر النهضات كلها وبصدر العصور كلها كشواهد على عصره، بل يمكن في هذه الجزيرة العربية ان كثيراً مما حفظه التاريخ هو الشعر لانه شواهد على الواقع. نحن نرى الاعلام مثلاً، ونرى الصحف ومحطات التلفزيون، شيء منها ينقل الواقع على حقيقته فيجب ان يحترم، وشيء منها نراه ونعرف حقائق ثابته مئة في المئة ونرى في هذا الجهاز او تلك المطبوعة خلاف ذلك تماماً، ونقول: ماذا عن الماضي ماذا عن التاريخ الماضي؟ ماذا نسمع عن المدونات في الشعر او النثر او في كتب التاريخ؟ هل هي حقيقة كما نقرأها او هي كما نرى في بعض وسائل الاعلام في العالم الحاضر؟ انا لا اعمم في الاعلام، وأقول: احترم من يقول الحقيقة، احترم من يسعى الى الحقيقة، احترم من يبدي الرأي البناء، اما من يخالف ذلك باجتهاد منه واعتقاد منه ان هذه الحقيقة احترمه كذلك، لكن من يعرف الحقائق ويجعل الابيض اسود والاسود ابيض هذا ليس لي فيه حيلة. اقول هذا الكلام ليس لي انا كشخص بل لنا كبشر. على كل، "الحياة" عزيزة. كانت عزيزة وهي الآن اعز. و"ال بي سي" سعيد بتوأمتها، وسعيد ان تكون هذا اليوم في المملكة، وارجو ان يكون هذا الاتفاق وهذا العمل فيه خير للعرب جميعاً، للمملكة وللبنان ولجميع العرب، لانه من يقول بصدق خير العرب للمملكة وخير المملكة للعرب. والمملكة لم تستهدف في بعض وسائل الاعلام العالمية الا لانها تمثل المسلمين وتمثل العرب، والا غير ذلك ليس بيننا وبين احد مشكلة، لكننا سنظل ان شاء الله سائرين تحت ظل قيادتنا الحكيمة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين والنائب الثاني على سياستنا، على نهجنا العربي الاسلامي الصادق الصريح، متعاونين مع كل العالم، متعاونين مع كل الدول في سبيل الخير، خير البشرية جميعاً، والعالم في الوقت الحاضر لا يعرف اطلاقاً الفردية او الانعزال عن العالم". وختم الأمير سلمان كلمته بالقول: "اننا اذ نحضر هذه الليلة هذا الحفل الكريم، اشكر الابن الامير خالد بن سلطان على هذه الدعوة، دعوتي هذه الليلة، فإني بهذه المناسبة استرجع ذكريات جميلة وبعضها مؤلم مع الاعلام، لكنني سعيد بها، وأرجو لكم التوفيق، وأتمنى للاخوة وللاصدقاء من لبنان الاقامة الطيبة في الرياض كما نشعر دائماً كمواطنين سعوديين بالاقامة الطيبة والحفاوة في لبنان ولكم مني الشكر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". وشارك في الاحتفال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن بن حمد العطية بمشروع التوأمة بين "الحياة" و"ال بي سي" واعتبره "اضافة نوعية الى مسيرة الاعلام العربي، في الوقت الذي يشهد العالم تطورات متسارعة في مجالات متعددة من بينها مجال وسائل الاتصال". وقال العطية: "في تقديري ان هذه الخطوة تشهد بادرة اولى في منطقتنا العربية هي محط اهتمام واعجاب نتوقع لها انعكاسات ايجابية على خريطة الاعلام ونتائج مماثلة في ميدان الصحافة المكتوبة والاعلام المرئي". وتمنى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي المزيد من النجاح لهذه التجربة "لخدمة تطلعات الانسان وقضايا التنمية في المنطقة العربية". وكان رئيس مجلس ادارة دار "الحياة" عائض الجعيد نوه في كلمة له في المناسبة برعاية الأمير سلمان للحفل واعتبرها دعماً لصدقية الكلمة واستثماراً في عالم الإعلام ودعمه وجعله اعلاماً نظيفاً ايجابياً يتمتع بالشفافية والصدقية والاحتراف. وتطرق الى الظروف التي يمر بها العالم العربي والاسلامي اليوم خصوصاً بعد اصداء الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة والحرب على العراق ووصم العرب والمسلمين ظلماً بالارهاب والتخلف وزعزعته استقرار العالم، الامر الذي اكد انه يتطلب استراتيجية اعلامية اخذت بها "الحياة"، تقتضي الحرب على جبهتين داخلية وخارجية ترصد، في حيدة وشفافية واحترام للمتلقي، المتغيرات المحيطة، وتعمل على نفي السلبي منها وتنمية الايجابي. وعرض الجعيد في كلمته لدلالات التوأمة بين "الحياة" و"ال بي سي" في الوصول الى عمل اعلامي نظيف في وجه ما وصفه بالمنافسة الشرسة غير الاخلاقية والاثارة الرخيصة. وشدد على تطابق رؤية الوسيلتين التوأمين في صدق الكلمة وشرفها وصدقيتها، وأشار الى انها التجربة الاولى في العالم العربي لمشروع يرتبط فيه النشاطان المقروء والمرئي لتحقيق اعلام مزدوج الاغراض، ووصف مشروع التوأمة كعروس تدخل حياة اعلامية جديدة وتمنى لها التوفيق والسعادة. ودعا الى الاخذ بإعلام ملتزم بعفة القول وامانة الرأي غير منحاز لجهة او منبر من المنابر الا بالحق والعدل. وقال ان حرية الرأي او التعبير لا تعني انفلات القول وتجريح الآخرين او الاساءة الى السياسة الداخلية او الخارجية لبلد من البلدان. كما دعا الاعلاميين الى الالتزام بصدق الكلمة واستثمار حريتها بالبناء والاصلاح والتشييد، وبعدم استغلال الحرية لتحقيق مصلحة فئة على مصلحة الوطن. من جانبه نوه رئيس مجلس ادارة "ال بي سي" بيار الضاهر بمشروع التوأمة، واعتبره "خطوة على طريق طويل وتجربة رائدة قامت على عقد الخناصر الاعلامية بين صحيفة يومية واسعة الانتشار غنية الامكانات الاحترافية ثاقبة النظر الى آفاق عوربة في موازاة العولمة وبين محطة تلفزيونية تعيش الحالة والهموم المهنية نفسها". وعدد الضاهر ثلاثة عناصر وراء هذه التجربة وابصارها النور ونموها، هي: التلاحم الخالد الذي لا ينفصل بين السعودية ولبنان، وصحيفة "الحياة" بتوجهات راعيها، ومحطة "ال بي سي" التي ولدت كبيرة واستمرت كبيرة. واكد في هذا الصدد انكباب الشريكين "الحياة" و"ال بي سي" على تنمية هذه التجربة والعمل على عوربة اعلامية لاختراق العالم بصورة امتنا العربية وصوتها الحق، بما هي عليه من الق الحاضر وتألق الماضي. ونوه بالدور السعودي في خدمة قضايا الامة ونشر دعوتها السمحة ورسالتها الوسيطة في انحاء العالم. كما اعرب عن سعادته برعاية الأمير سلمان بن عبدالعزيز "امير الصحافيين والاعلاميين والكتاب وصديقهم الدائم". وكان الزميل سليمان نمر قدم للحفل بكلمة اشار فيها "الى المنافسة المهنية التي تصل الى حد الغيرة بين الاعلام المطبوع والاعلام المرئي والحيرة في أيهما الاهم اعلامياً وسياسياً"، وقال: "ان ناشر جريدة "الحياة" ورئيس مجلس ادارة الفضائية اللبنانية "ال بي سي" اراحا المحتارين من الباحثين عن جواب في شأن من هو الاهم: الاعلام المكتوب ام الاعلام المرئي، فقررا توأمة المطبوع والمرئي من خلال مشروع "الحياة" و"ال بي سي". وبالتوأمة هذه اكدا ان الاعلام المطبوع والاعلام المرئي يكملان بعضهما بعضاً". واستقبل الأمير سلمان لدى وصوله مقر حفل "الحياة" - "ال بي سي" الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية ورئيسا مجلسي ادارة "الحياة" و"ال بي سي". وجرى الحفل بحضور الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز رئيس مجلس ادارة شركة المملكة القابضة، والأمير فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز الأمين العام لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية، والأمير تركي بن سلطان بن عبدالعزيز مساعد وزير الاعلام، والأمير عبدالعزيز بن احمد بن عبدالعزيز رئيس الجمعية السعودية لطب العيون، والأمير الدكتور فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس ادارة المجموعة السعودية للابحاث والنشر، والأميرين فيصل وعبدالله نجلي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز. كما حضر الحفل عدد من كبار المسؤولين السعوديين والسفراء العرب والاجانب وعدد من الاعلاميين السعوديين والعرب ورجال الاعمال.