دخل الدوري الانكليزي لكرة القدم ثلثه الاخير الحاسم، وللمرة الاولى في تاريخ الدرجة الممتازة ينحصر الصراع على إحراز اللقب بين ما لا يقل عن ستة فرق، فيما يوفر التأهل الى دوري أبطال أوروبا باحتلال أحد المراكز الاربعة الاولى سبيل نجاة أمام جماهيرها في صراع قد يتشكل على خط مواز. وما زال الصراع تقليدياً بين مانشستر يونايتد وأرسنال وليفربول وتشلسي ونيوكاسل وليدز، الا أنها المرة الاولى منذ بداية الدرجة الممتازة عام 1992، لا ينفرد فريق واحد بفارق شاسع في مثل هذه الفترة كعادة مانشستر يونايتد في السابق أو ينحسر الصراع بين فريقين كمانشستر وأرسنال. وأثار إعلان مدرب حامل اللقب والمتصدر الحالي أليكس فيرغسون رغبته في تمديد عقده وبقائه موسمين إضافيين، حيرة المتابعين عن أسباب هذا القرار المفاجئ، الذي فسره بعضهم على أنه طلب من إدارة النادي التي فشلت في بحثها عن بديل له، فيما قال آخرون إن السبب هو فيرغسون نفسه الذي لا يريد التقاعد خاسراً خصوصاً مع خروج فريقه من مسابقتي الكأس المحليتين وتفاوت مستواه، علماً أن الفريق استعاد عافيته في الاسابيع الاخيرة وفاز في 10 مباريات من 11، الا أن هذه الانتصارات كانت أمام فرق الوسط والمؤخرة، وهزيمته الوحيدة في المباريات ال11 كانت على أرضه أمام ليفربول منافسه على اللقب، وفي الواقع فإنه يحتل المركز الاخير بين الفرق الستة المنافسة إذا احتسبت نتائج المباريات بينهم فقط، فهو خسر مرتين أمام ليفربول ومرة أمام كل من أرسنال وتشلسي ونيوكاسل ضمن هزائمه السبع. ولكن نقاطاً إيجابية عدة برزت خلال تلك الفترة منها تحسن أداء الدفاع، وعودة راين غيغز من أصابته وتلقائياً الى التألق، وديفيد بيكهام بعد فترة "راحة"، والاهم عودة فيرغسون الى استخدام طريقة اللعب القديمة وهي 4-4-2 التي سمحت باستخدام مهاجمين ما أفرز عن تألق الهولندي رود فان نيستلروي بتسجيله 31 هدفاً في كل المسابقات منها 18 هدفاً في الدوري، ما رشحه كثرٌ من النقاد الى نيل جائزة أفضل لاعب في نهاية الموسم، غير أن الخيبة إن لم تكن كبيرة كان الارجنتيني خوان سيباستيان فيرون الذي تحتم إشراكه تغيير طريقة اللعب. وتبقى حظوظ الفريق قوية للاحتفاظ باللقب إن كانت التوقعات تشير الى أن ذلك قد لا يتحدد الا في المباراة الاخيرة. أما أرسنال، فربما يكون الفريق الاقوى هذا الموسم نظراً لنتائجه لا سيما أنه لم يخسر سوى ثلاث مباريات طيلة الموسم، لكن مشكلته تكمن في سوء الاداء على أرضه وكان آخرها تعادله مع ساوثهمبتون المتواضع، كما ستضعفه الايقافات، فالفريق يحمل أسوأ سجل في حالات الطرد والانذارات، إذ طرد منه الى الان ستة لاعبين وأنذر 54 لاعباً، ما سيحتم غياب نجومه مثل المهاجم الفرنسي تييري هنري ومواطنيه روبير بيريس وباتريك فييرا والهولندي دنيس بيرغكامب، عدا الاصابات التي حرمت مشاركة قائد الفريق توني آدامز والحارس الدولي ديفيد سيمان ومارتن كيون وآشلي كول، وجميع المذكورين هم أساسيون. والنقطة الايجابية الكبرى كانت تمديد عقد المدرب آرسين فينغر ما أعطى دفعة للاعبين واستقرارية للنادي. وتخطى ليفربول المرحلة الصعبة عندما فشل في الفوز في 9 مباريات خلال الشهرين الماضيين، لكنه عاد بفوز كبير الاسبوع الماضي على ليدز 4-صفر خارج أرضه، ووضح خلال هذه الفترة مدى افتقاد الفريق للمدرب الفرنسي جيرار هوييه الذي يتعافى بعد جراحة في قلبه، كما كان واضحاً مدى عجز الفريق في تسجيل الاهداف في حال غياب الهداف الاول مايكل أوين، وإن كان الفرنسي نيكولاس إنيلكا أظهر بعض الامل بتعويض رحيل روبي فاولر انتقل الى ليدز الا أن الوقت قد لا يسعف، خصوصاً أن المهاجم الثالث إميل هيسكي يتجاوب ببطئ مع احتياجات الفريق وعلى دفعات طويلة، كما ظهر العقم في خط الوسط الذي يفتقد الى صانع الالعاب والجناح السريع، وعدا ستيفن جيرارد فإن لاعبي الوسط في مستوًى متواضعٍ. وسيزيد الضغط على الفرق الثلاثة المذكورة في نهاية الشهر الحالي مع العودة الى منافسات دوري الابطال التي ستأخذ حيزاً كبيراً من جهد اللاعبين وقد تعطل سيرهم نحو إحراز اللقب المحلي. أما تشلسي فيعج بالنجوم، لكنه يعاني من عدم الاستقرار في الاداء كما عكستها النتائج عندما تغلب على ليفربول 4-صفر ومانشستر يونايتد 3-صفر وليدز 2-صفر ونيوكاسل 3-1، وخسر على أرضه أمام ساوثهمبتون 2-4 وتشارلتون صفر-1. ويلام المدرب الايطالي كلاوديو رانييري على بعض النتائج بسبب استمراره في تغيير خطط اللعب حتى خلال المباراة الواحدة. وبرز ثنائي الهجوم الهولندي جيمي فلويد هاسلبانك 23 هدفاً والايسلندي إيدور غديونسن 17 هدفاً. وربما تكون فرص إحراز اللقب ضئيلة الا أن التأهل الى دوري الابطال ضروري بسبب الضائقة المالية التي يعاني منها النادي. وربما يكون نيوكاسل الحصان الاسود ومفاجأة الموسم، فتحت قيادة "العجوز المخضرم" بوبي روبسون تفجرت مواهب الفريق فتألق المهاجمان آلان شيرر وكريغ بيلامي وأبدع لاعبو الوسط الفرنسي لوران روبير والبيروفني نوبي سولانو وكيرون داير، وعلى رغم بروز علامة استفهام حول قدرة الفريق على الاستمرار في المنافسة فإنه لعب بغياب بعض المصابين مثل كارل كورت وروبرت لي وروبير وداير في كثير من الاحيان. وحتى لو أن الفريق لم يحرز اللقب فجماهيره قانعة بمكان في دوري الابطال الموسم المقبل. وعلى رغم صرف ملايين الجنيهات في ليدز على ضم روبي فاولر وروبي كين وسيث جونسون الا أن متاعب الفريق كانت داخل الملعب وخارجه، فبعد بداية واعدة في مطلع الموسم الا أن الفريق فشل في الفوز في مبارياته الخمس الاخيرة، وخرج من كأس الاتحاد على يدي كارديف درجة ثانية، وتذبذب مستوى الفريق في شكلٍ ملحوظٍ بعد انتهاء محاكمة نجميه لي بوير وجوناثان وودغيت بسبب اعتدائهما على طالب آسيوي، فأثرت على معنويات الفريق بصورة غير مباشرة، فليدز قادر على العودة الى المنافسة لكنه يبقى الاكثر تدهوراً من بين الفرق الستة، وربما عزاؤه الوحيد يظل في التأهل الى كأس الاتحاد الاوروبي التي لا يزال يخوض منافساتها هذا الموسم.