باشر الزعيم الاسلامي السوداني الدكتور حسن الترابي نشاطه السياسي بعد ساعة واحدة من اطلاقه، بزيارة مقر حزبه المؤتمر الشعبي الاسلامي المعارض، قبل التوجه الى منزله. وهرع آلاف من السودانيين الى المنزل في ضاحية المنشية. وسجل الصحافيون بكاء كثيرين من الفرح ونحرهم الذبائح ابتهاجاً بخروج الزعيم الاسلامي بعد احتجاز استمر سنتين ونصف السنة. وسارع مسؤولون كبار الى زيارة الترابي لتهنئته. وحرص زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق على أن يكون أول المتصلين بالترابي بعد خروجه. وكان الزعيم الاسلامي اعتقل بعد يوم واحد من توقيع حزبه "مذكرة تفاهم" مع حركة قرنق. راجع ص 6 وشمل نشاط الترابي في يومه الاول خارج المعتقل، لقاء سياسياً في منزله مساء، كما اعلن حزبه تنظيم مؤتمر صحافي اليوم، وطلب من السلطات السماح له بتنظيم ندوة سياسية عامة غداً. وتلقى الترابي اتصالات هاتفية من شخصيات اسلامية من دول عدة، واستقبل في داره قيادات معارضة. واعتبر الترابي في تصريحات الى "الحياة" ان خروجه من السجن جاء نتيجة "ضغوط شعبية ودولية، وموازنات فرضها منطق القوة في غرب السودان وجنوبه" في اشارة الى تمرد دارفور ومحادثات السلام مع "الحركة الشعبية". ورأى الرئيس عمر البشير في مرسوم اطلاق الترابي واثنين من قادة حزبه يعتبران آخر المعتقلين السياسيين في السودان، أن الافراج عن السجناء يشير إلى "بداية عهد جديد في تاريخ السودان السياسي يقوم على محاولة إيجاد مناخ سياسي صحي". وأعرب عن أمله في أن تؤدي الخطوة إلى دخول البلاد "مرحلة جديدة من المناخ السياسي الملائم الخالي من أخطاء الماضي"، مضيفاً أن القرار أفرغ معسكرات الاعتقال السودانية من السجناء. وقال الترابي: "دخلت المعتقل بسبب المطالبة بالحرية والشورى، وسأواصل ذلك، ولا أبالي اذا عدت الى المعتقل لأنني قضيت أكثر من عقد من عمري في السجون". وسألته "الحياة" عن مغزى توقيت اطلاقه فرد قائلاً: "جاء في اطار موازنات لم تأت بالحجج والمنطق وانما بالقوة في الجنوب والغرب والضغوط الشعبية والدولية التي فرضت هذه المعادلة على القوة المتسلطة". ولاحظ أن المطالبة برفع حال الطوارئ التي اعتقل بموجبها "كانت مطالب اساسية في مفاوضات السلام في الجنوب" مع حركة قرنق، "وفي الغرب" مع متمردي دارفور. واعتبر أن أي اتفاق سلام "لن تكون له قيمة من دون حرية"، وأكد انه سيسعى "مع القوى السياسية لترسيخ الحريات والتنافس الحر ليختار الشعب بحرية وعن قناعة". وعلق وزير الخارجية مصطفى عثمان على اطلاق الترابي قائلا إن الخطوة "نزلت برداً وسلاماً على أهل السودان"، وأعرب عن أمله بمشاركة الزعيم الاسلامي في جولة محادثات السلام المقبلة، فيما رأى مستشار الرئيس للسلام غازي صلاح الدين القرار "خطوة كبيرة ستساهم في تحقيق السلام، وضمانة لإقرار الوفاق"، وتوقع ان يقابلها حزب المؤتمر الشعبي ب"إيجابية". وأكد المدير العام لجهاز الامن اللواء صلاح عبدالله أن اطلاق الترابي جاء "بعد ان انتفت الأسباب والملابسات التي أدت الى توقيفه"، موضحاً ان الاعتقال لم يكن يهدف الى "اغتيال سياسي أو تغييب متعمد وانما تمت معاملته بصورة حسنة وكان على اتصال مع اسرته". وأكد ان الحظر رفع كلياً عن دور الحزب وصحيفته "ليمارس عمله من دون قيد أو تضييق".