ركزت المحامية شيرين عبادي، أول شخصية ايرانية تفوز بجائزة نوبل للسلام، نضالها في مجالات صعبة في ايران، حيث تخوض معارك من اجل الدفاع عن حقوق الانسان والمرأة والطفل، ما جعلها عرضة لنقمة المحافظين المتشددين في الجمهورية الاسلامية. وحيّت لجنة نوبل دورها في "الدفاع امام المحاكم عن ضحايا هجمات الفصيل المحافظ على حرية التعبير والحرية السياسية". واشادت ب"الشجاعة الشخصية الفائقة" التي ابدتها بصفتها محامية حين تولت الدفاع عن "افراد وجماعات وقعوا ضحية نظام سياسي وقضائي يستمد شرعيته من تفسير لا انساني للاسلام". وشيرين عبادي التي تمثل بنظر لجنة نوبل "اسلاماً اصلاحياً"، تدعو الى "تفسير جديد للقانون الاسلامي ينسجم مع حقوق الانسان الاساسية كالديموقراطية والمساواة امام القانون والحرية الدينية وحرية الكلام". وقالت اخيراً في تصريح اوردته وكالة الانباء الايرانية "قلما تستمد القوانين في بلادنا جذورها من القرآن، ومعظمها يقوم على تقاليد قديمة غاب عنها اي اثر للمنطق". وعانت عبادي البالغة من العمر 56 عاماً، على الصعيد الشخصي من التغيير الذي طرأ على وضع النساء بعد الثورة الاسلامية. فبعدما كانت اول قاضية في ايران ابان حكم الشاه، أرغمت مع قيام الثورة على تبديل وظيفتها. اذ حظر على النساء مزاولة هذه المهنة. واختارت عبادي الحاملة اجازة ماجستير في الحقوق من جامعة طهران العمل كمحامية. وكانت لها مساهمة كبيرة في اصلاح قانون الاسرة، ولا سيما في ما يتعلق بالطلاق والإرث، كما كانت في طليعة المعركة من اجل تحسين وضع المرأة. ولعبت دوراً من خلال نضالها من اجل حقوق المرأة في انتخاب الاصلاحي محمد خاتمي رئيساً للجمهورية الاسلامية عام 1997، اذ حضت النساء على الالتفاف حوله وتأييده. وهي تعتبر ان "الثقافة المبنية على شخص الأب هي اكبر عدو لحقوق المرأة في الدول الشرقية، وعلى الاخص في ايران". غير انها عالجت ايضاً ملفات سياسية بالغة الحساسية. اذ تولت التحقيق في سلسلة الاغتيالات التي استهدفت مفكرين ومثقفين ومعارضين ايرانيين بين 1998 و1999، ومثلت في هذا الاطار مصالح عائلتي المعارضين الليبراليين داريوش وبرفانيه فوروهار، الزوجين اللذين قتلا هما ايضاً. والقيت مسؤولية موجة الاغتيالات في نهاية الامر على عناصر "خارجة عن القانون" من اجهزة الاستخبارات الايرانية. وأثار نشاط عبادي استياء المحافظين المتشددين. وفي حزيران يونيو 2000 اعتقلت عبادي مع محام اصلاحي آخر وسجنت لمدة 22 يوماً بتهمة تسجيل وتوزيع "اعترافات" لأمير فرشاد ابراهيمي، احد العناصر السابقة في "انصار حزب الله"، الميليشيا المتشددة التي شاركت في اعمال عنف معادية للاصلاحيين. وشرح فرشاد ابراهيمي في اعترافاته كيف تلقت المنظمة الاسلامية المتشددة تعليمات بالتصدي بعنف لأي حركة احتجاج. وحكم على المحاميين بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ ومنعا من مزاولة المحاماة، في ختام محاكمة أجريت خلف ابواب مغلقة. وناضلت عبادي من اجل حقوق الانسان والمرأة، وأسست وترأست جمعية حقوق الطفل في ايران، وهي لا تزال بين اعضائها. وقالت اخيراً: "لسوء الحظ في ايران، فان المسافة بعيدة بين القانون ومعايير المعاهدة" الدولية لحقوق الطفل. وهي تدرس القانون في جامعة طهران ولها مؤلفات عدة عن المعارك التي خاضتها. كما انها متزوجة وأم لفتاتين في ال20 وال23 من العمر.