بدأ خبراء نزع الاسلحة الذين يوسعون نشاطاتهم تدريجاً لتشمل كل الاراضي العراقية، يوماً جديداً أمس من عمليات التفتيش بزيارة مواقع في بغداد والموصل والبصرة، وتفقدوا فجأة مقر "دائرة الرقابة الوطنية" في العاصمة، في الوقت ذاته اعتبر العراق انه اسقط "انياب" القرار 1441 بفتحه الابواب أمام المفتشين وتعاونه معهم، ويلقي الرئيس صدام حسين اليوم خطاباً في ذكرى تأسيس الجيش. بغداد، واشنطن - أ ف ب، رويترز - ذكر مسؤولون عراقيون ان فريق تفتيش قام بزيارة مفاجئة لمقر "دائرة الرقابة الوطنية" في بغداد. وروى شهود انه بمجرد دخول المفتشين مجمع المراكز العلمية في الساعة التاسعة صباحاً أغلقوا البوابة الرئيسية وسدوا المدخل بإحدى سياراتهم ومنعوا الدخول والخروج. وقال مسؤولون عراقيون ان المفتشين ركزوا عملياتهم على شركة "الباسل" الموجودة داخل المقر بعدما جمدوا الحركة داخل المجمع. وخلال عمليتهم التي استمرت اكثر من ست ساعات، اوقف المفتشون السيارات والناس، وصوّر احدهم سيارات بينما فتش آخرون سيارات اخرى. كما أوقف الموظفون المغادرون للمبنى وخضعوا لتفتيش دقيق. وطلب من رجل يسير ومعه مغلّف صغير في يده ان يفتحه لاحد المفتشين، كما طلب من النساء فتح حقائب اياديهن. و"دائرة الرقابة الوطنية" هي الجهة التي تتولى الاتصال والتنسيق مع المفتشين، ويرافق مسؤولون فيها المفتشين في عملياتهم. وافاد المركز الصحافي لدى وزارة الاعلام العراقية ان خمسة فرق كانت تعمل على الارض صباح أمس. وزار فريق من الخبراء في مجال الصواريخ "مصنع 7 نيسان" في نهروان على بعد 20 كلم جنوب شرقي بغداد. فيما توجه فريق آخر الى مدينة الرمادي على بعد 100 كلم غرب العاصمة. وفي الموصل، زار فريق من المفتشين مستشفى ابن سينا، وكانوا أقاموا السبت قاعدة موقتة في احد فنادق المدينة في انتظار اقامة مركز اقليمي دائم. وكانت فرق التفتيش تفقدت مواقع في الموصل في كانون الاول ديسمبر الماضي، لكن اقامة قاعدة موقتة ستتيح لها العمل في شمال العراق من دون الاضطرار الى قطع مسافة 400 كلم للعودة الى بغداد. وقال الناطق باسم مفتشي الاممالمتحدة هيرو اوكي: "سيساعدنا فتح القاعدة على توسيع عمليات التفتيش والاسراع بها في شتى انحاء البلاد، خصوصاً في الشمال". وافاد المركز الصحافي ان فريقاً من المفتشين موجود في البصرة منذ السبت تفقد مركز دراسات المحيطات في جامعة المدينة لليوم الثاني. وللمرة الاولى منذ استئناف عمليات التفتيش في 27 تشرين الثاني نوفمبر نفّذ فريق اول من امس عملية تفتيش في البصرة، ثاني المدن العراقية 550 كلم جنوب شرقي بغداد. واعلنت وزارة الخارجية العراقية في بيان أصدرته مساء السبت ان مفتشي لجنة المراقبة والتحقق والتفتيش التابعة للامم المتحدة انموفيك والوكالة الدولية للطاقة الذرية زاروا في اليوم ذاته سبعة مواقع وكان عددهم سبعة وخمسين. وأوضح البيان ان فريقاً من الخبراء البيولوجيين في "انموفيك" زار كليتي الزراعة والتربية التابعتين لجامعة البصرة وجمع معلومات عن الهيئة التعليمية والباحثين. وأضاف ان "فريقاً تابعاً للوكالة زار مصنع المأمون 60 كلم جنوببغداد فيما فتش فريق آخر شركة العبور العامة 30 كلم غرب العاصمة اضافة الى مصهر للالمنيوم". وتفقد فريق من الخبراء الكيماويين "شركة ابن سينا" التابعة لهيئة التصنيع العسكري العراقية 35 كلم شمال بغداد، في حين زار فريق مختلط من خبراء في الكيمياء والصواريخ البالستية قاعدة جوية سابقة في الصويرة في محافظة واسط، وتفقد فريق من البيولوجيين مصنع الخالص للكحول في قضاء الخالص 70 كلم شمال شرقي بغداد. ويكثف خبراء "انموفيك" والوكالة نشاطاتهم مع اقتراب 27 كانون الثاني يناير، موعد تقديم رئيس "انموفيك" هانس بليكس ومدير الوكالة محمد البرادعي تقريراً الى مجلس الامن في شأن نتائج اول شهرين من عمليات التفتيش. وسيجري بليكس والبرادعي قبل ذلك محادثات في بغداد، وسيكون على المفتشين المفوضين بموجب القرار 1441 بت هل يملك نظام الرئيس صدام حسين او يطور اسلحة كيماوية او بيولوجية او نووية او صواريخ بعيدة المدى. وهذا هو الاسبوع السادس للمفتشين في العراق لكنهم لم يعلنوا التوصل الى أي ادلة تفيد بوجود برامج لتطوير اسلحة محظورة. الى ذلك، اكدت صحف بغداد ان العراق نجح في "اسقاط انياب القرار 1441" بعد فته الابواب للمفتشين، وتعاونه معهم في "اظهار الحقيقة كاملة امام العالم". وكتبت صحيفة "العراق" "اثبتنا للعالم ان ما نقوله هو الحقيقة، واسقطنا انياب القرار 1441، بالمصداقية والثقة بالنفس والاقتدار". وانتقدت بشدة مواقف الادارة الاميركية مشيرة الى "الغباء المفرط الذي تمارسه في التعامل مع ارادات الشعوب"، وشددت على انه "صار مهزلة تاريخية تعكس السقوط الاخلاقي المريع في تصرفات ادارة الشر الاميركية". وسخرت من تصريحات الرئيس جورج بوش التي اشار فيها الى ان العراق يشكل خطراً يهدد اميركا، في حين كتبت صحيفة "الثورة" ان "من يتابع التهديدات الاميركية والحشود التي تمثل تهديدا للوطن العربي بأكمله والمنطقة، ويتابع مسلسل العدوان المستمر على العراق، لا بد ان يتساءل اين هو مجلس الامن؟ وهل يعقل ان يستمر صمته ازاء عدوان مستمر وتهديدات اميركية وبريطانية" وزادت "ان تهديدات الولاياتالمتحدة … لا بد ان تواجه بردع". ووصفت صحيفة "القادسية" تصريحات الرئيس الاميركي بأنها "نتاج جنون وهلوسة وكذب فاضح" وتساءلت: "كيف يمكن بغير ذلك تفسير تصريحات بوش بأن العراق يشكل خطراً على اميركا وانه اذا هاجم اميركا فإن اقتصادها سيصاب بالشلل". وكانت بغداد اتهمت واشنطن بمحاولة "زعزعة استقرار العراق" بدعمها المعارضين الذين وصفتهم بأنهم "مرتزقة" و"ارهابيون". وفي رسالة وجهها وزير الخارجية ناجي صبري الى الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان، ونشرت السبت، اعتبر صبري ان بوش استهدف في تصريحات الدعم لهؤلاء المعارضين "زعزعة الوضع السياسي والامني والاجتماعي في العراق"، ورأى ان ذلك "يشكل تهديداً لسيادة البلاد ووحدة اراضيها واستقلالها". قصف اميركي بريطاني على صعيد آخر، افاد بيان عسكري اميركي ان مقاتلات اميركية وبريطانية قصفت السبت ثلاثة مواقع للمضادات الارضية العراقية رداً على اطلاق النار باتجاهها، كما القت منشورات تدعو العراقيين الى الاستماع الى بث اذاعي لقوات التحالف. وجاء في بيان اصدرته القيادة المركزية الاميركية ان المقاتلات استخدمت قذائف دقيقة فأصابت تجهيزات رادار وبطاريات مضادة للطائرات قرب مدينة الناصرية 275 كلم جنوب شرقي بغداد. وأعلن ناطق باسم سلاح الجو العراقي ان "صواريخ ارض - جو أطلقت لطرد طائرات اميركية وبريطانية". الى ذلك بثت وكالة الأنباء العراقية ان الرئيس صدام حسين سيلقي اليوم "خطاباً قومياً وتاريخياً الى ابناء الشعب والنشامى في قواتنا المسلحة لمناسبة الذكرى الثانية والثمانين لتأسيس الجيش العراقي الباسل". وسيبث الخطاب عبر قنوات التلفزيون ومحطات الاذاعة المحلية والموجهة ووكالة الانباء العراقية وعلى شبكة ال"انترنت". وتتوقع الأوساط العراقية ان يتضمن الخطاب دعوة الى العراقيين والعرب لتعبئة امكاناتهم في مواجهة حرب محتملة تهدد بشنها الولاياتالمتحدة. وبعث نائب رئيس مجلس قيادة الثورة عزة ابراهيم ببرقية تهنئة الى صدام أكد فيها، بصفته نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة، استعدادها الدائم "لمواجهة الأعداء". كما بعث النجل الأصغر للرئيس، قصي صدام حسين المشرف على "الحرس الجمهوري" ببرقية مماثلة أكد فيها "ولاء رجال المهمات الصعبة من الحرس الجمهوري الذين يشكلون قوة عقائدية مؤمنة وحماية متميزة، وتأكيدهم التضحية والفداء حتى تحقيق النصر". واستقبل نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز امس منسق الاممالمتحدة السابق للشؤون الانسانية دينيس هاليداي، ونوه بجهوده "لتوضيح حقيقة موقف العراق وقضيته العادلة في مواجهة الادارة الاميركية الرامية الى العدوان عليه". ونقلت وكالة الانباء العراقية عن هاليداي قوله انه "استقال من منصبه عام 1999 لرفضه التعامل وفق منطق استمرار الحصار والتهديد بشن العدوان على العراق". واوضح انه يزور العراق "للاطلاع على الاوضاع في ظل التهديدات الاميركية المحمومة بالعدوان عليه، على رغم تعاونه التام مع مجلس الامن ومبادرته بعودة المفتشين".