فقدت "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي يتزعمها حسان حطاب الكثير من شبكات الدعم والإسناد التي كانت تضمن لها الحصول على المؤن والأسلحة من الداخل والخارج. ولا تستبعد أوساط متخصصة أن تؤثر هذه التطورات على نهج هذا التنظيم المسلح وأساليب عمله التي كان يعتمدها خلال الأعوام الماضية، وتحويل "بوابة" الصحراء الكبرى في جنوب البلاد معبرا لتزود الاسلحة. تواجه شبكات الدعم والإسناد ل"الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي يتزعمها حسان حطاب في عدد من العواصم الأوروبية، منذ أسابيع، ضغوطاً شديدة بعد تفكيك قوات الأمن عدداً من "الخلايا النائمة" التي يعتقد بأنها كانت تحضر لتنفيذ اعتداءات ضد أهداف غربية. ومنذ هجمات 11 ايلول سبتمبر 2001، تضررت الشبكات الخارجية لدعم التنظيم المسلح الأساسي في الجزائر بعد سلسلة من الإعتقالات التي استهدفت إسلاميين متطرفين. وتتخوف أوساط جزائرية مطلعة أن تؤثر هذه التطورات الخارجية، إضافة إلى الضغط الأمني الذي تمارسه قوات الأمن على شبكات الدعم والإسناد في الداخل، على نهج التنظيم الذي ظل يستهدف منذ تأسيسه العام 1998 قوات الأمن والجيش ورجال الدفاع الذاتي. وقبل أسابيع اعترف أحد أعضاء التنظيم الذي اعتقل في مدينة بومرداس 50 كلم شرق العاصمة أنه كان وراء سلسلة الاغتيالات التي استهدفت أعوان الأمن في العاصمة الجزائرية منذ بداية العام 2002. لكن المثير في الاعترافات أن "أمير" التنظيم حسان حطاب كان يسعى إلى تأسيس تنظيم مسلح يختص في قتل المثقفين على غرار ما كانت تقوم به "الجبهة الإسلامية للجهاد المسلح" فيدا خلال مطلع التسعينات والتي راح ضحيتها أكثر من 70 صحافياً وعشرات المثقفين ورجال الدين. ولا تستبعد أوساط أمنية أن تكون الاغتيالات التي استهدفت رئيسي بلديتي شطايبي في ولاية عنابة 600 كلم شرق العاصمة وسي مصطفى في ولاية بومرداس، فضلاً عن عدد من المدنيين في ولايات تبسة وسكيكدة وتيزي وزو ومناطق أخرى، بداية لعودة الاعتداءات الفردية التي تستهدف "فئات نشطة" في المجتمع. وخلال تشييع جثمان رئيس بلدية سي مصطفى، مساء الجمعة، اعترف وزير الداخلية السيد نور الدين زرهوني أن هذه الاعتداءات تستهدف "القوات النشطة في المجتمع التي تقاوم الإرهاب"، ما قد يعني أن "الجماعة السلفية" وسعت مجال فتوى "التكفير" إلى فئات جديدة من المجتمع بعدما كانت محصورة فقط في من يرفع السلاح ضدها. وتعتقد أوساط على صلة بالملف الأمني بأن التحول الحاصل داخل "الجماعة السلفية" يعود أساساً إلى الوضع الصعب الذي تعيشه، بسبب اشتداد تضييق الحصار الأمني عليها ونجاح قوات الجيش في إبعاد التهديدات إلى خارج المدن الكبرى. وقد يكون توسيع نطاق العمليات ضد المدنيين بداية معركة جديدة يقودها تنظيم حسان حطاب ضد الأهالي الذين ظلوا، تحت وطأة الخوف والقتل، يوفرون له الدعم والسند خلال الأعوام الأخيرة. يذكر ان "الجماعة الإسلامية المسلحة"، المرجعية الأساسية للعمل المسلح في الجزائر 1992 - 1998 فقدت نفوذها في أوساط سكان المناطق النائية والريفية منذ أن أصدر "أميرها" السابق عنتر الزوابري فتوى "تعميم الردة" ضد السكان بعد مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرين الثاني نوفمبر 1995. ولا يستبعد مراقبون أن تسلك قيادة "الجماعة السلفية" النهج نفسه إزاء المدنيين، خصوصاً بعد تقلص مراكز الدعم الشعبي لها في الكثير من الولايات أكثر من 500 معتقل في شبكات الدعم خلال عامين وتفكيك قوات الأمن الأوروبية الكثير من خلايا الدعم والإسناد. وفي ظل غياب بيانات باسم "الجماعة السلفية"، تشير معلومات متخصصة أن "أمير" المنطقة الخامسة في التنظيم عماري صايفي، المدعو عبدالرزاق المظلي قام خلال الأسابيع الأخيرة بجولة على شمال جمهورية مالي. وبحسب بعض الأنباء، يسعى المظلي الذي كان وراء مقتل 49 عسكرياً وإصابة 15 آخرين بجروح قبل عشرين يوماً في كمين، إلى تزعم "الجماعة السلفية"، وقد تكون جولته على الصحراء لها صلة بالموضوع، خصوصاً أن بوابة الجنوبالجزائري تبقى في الوقت الراهن المنفذ الأساسي للتزود بالسلاح، بعد تشديد الرقابة على الحدود مع المغرب وتونس وتفكيك الشبكات الناشطة في أوروبا.