عكست مذبحة الأحد الماضي في ولاية سكيكدة شرق الجزائر تحولاً لافتاً في نشاط "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي يقودها حسان حطاب كونها حملت تغيراً في كيفية القتل والفئات التي تعرضت له خصوصاً أفراد قرات "الدفاع الذاتي" الذين منحتهم الحكومة أسلحة، بطلب منهم، لحماية أنفسهم وداخل مساكنهم فقط. وأبدت أوساط سياسية وأمنية مخاوف من أن يعرف الوضع الأمني مزيداً من التردي في عدد من ولايات الشرق الجزائري بعد المذبحة التي نفذتها الأحد الماضي سرية يُعتقد بانها تابعة ل"الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي يتزعمها حسان حطاب. وشهدت منطقة فج مخابة في قرية مفروش التابعة لبلدية عين قشرة ولاية سكيكدة، 350 كلم شرق الجزائر، الأحد، مذبحة راح ضحيتها تسعة قرويين عند "حاجز مزيف" نصبه عناصر "الجماعة السلفية" قرابة الرابعة بعد الظهر. وأحرق المسلحون ثلاث سيارات وسلبوا أموال بقية المواطنين الذين عبروا الطريق طوال ثلاث ساعات كاملة. وإذا كان معظم الضحايا من رجال الدفاع الذاتي، وهم القرويون الذين حصلوا على أسلحة بطلب منهم لحماية أنفسهم من اعتداءات الجماعات المسلحة، فإن شكل تنفيذ الاعتداء واللجوء إلى ذبح بعض الضحايا بالأسلحة البيضاء والتنكيل بجثثهم ثم ضرب عدد من عابري الطريق وابتزازهم ونهب أموالهم كلها مشاهد أثارت رعباً في أوساط سكان القرية الذين عمدوا، مساء الاثنين، ومباشرة بعد تشييع جنازة الضحايا، إلى احتجاز رئيس الدائرة داخل مفرزة الحرس البلدي، ولم يفرج عنه إلا في اليوم الثاني بعد تدخل الوالي الذي تعهد توفير الأمن لسكان هذه المنطقة المعزولة. ويقع مكان المذبحة ضمن خريطة انتشار "الجماعة السلفية" في "المنطقة الخامسة" التي يُشرف عليها مظلي سابق في الجيش الجزائري يدعى عبدالرزاق البارة. ويُوصف الأخير بأنه كان أحد المتشددين في "الجماعة الإسلامية المسلحة" وضمن فرقة الحرس الخاص التي تسمى ب"الكتيبة الخضراء". وترتكز المخاوف أساساً على مدى صلة هذه المذبحة بما يتردد عن خلافات بين قيادات "الجماعة السلفية" على "المنهج"، خصوصاً ما يتعلق بالتعامل مع الأشخاص الذين تخلوا عن دعمهم للجماعة بسبب الضغط الذي مارسته ضدهم قوات الأمن بعد عمليات التمشيط الواسعة لمعاقل الجماعة في ولايات عدة والتي راح ضحيتها عدد كبير من أفراد الجيش، إضافة الى عشرات المسلحين. ودأب عناصر "الجماعة السلفية" في السابق على تنفيذ عمليات ضد إفراد الأمن والجيش من الذين لهم علاقة مباشرة بعمليات مكافحة الإرهاب. غير أنه، ومنذ شهور، بدأ الحديث عن عمليات قتل في مناطق تخضع لنفوذ هذه الجماعة شرق البلاد خصوصاً في ولايات سكيكدةوعنابة وقالمة ومناطق في ولاية باتنة. ولا تستبعد أوساط مختصة في رصد نشاط الجماعات أن تلتحق "الجماعة السلفية" بنهج "الجماعة المسلحة" التي كانت بدأت منذ 1993 بتنفيذ عمليات قتل ضد بعض الفئات من المدنيين مثل المثقفين والصحافيين، قبل أن تشمل مع بداية 1996 وفي شكل واسع عموم السكان. وشكّل ذلك تحولاً لافتاً في منهج "الجماعة" خصوصاً بعد صدور فتوى الأمير السابق للتنظيم عنتر زوابري حول "عموم الردة". وجاء ذلك بعد تخلي سكان المناطق القروية عن دعمهم ل"الجماعة" بسبب إدراج الحكومة مثل هذه النشاطات ضمن أشكال الدعم التي يعاقب عليها القانون. وتعد "الجماعة السلفية" أهم تنظيم مسلح ينشط حالياً في الجزائر. ويُعتقد بانها تضم أكثر من الف عنصر مسلح ينتشرون على محور يمتد بين شرق العاصمة إلى ولاية عنابة وتبسة على الحدود مع تونس. وينسب الى هذا التنظيم غالبية عمليات قتل أفراد الأمن والجيش، ويشكل تحول اعتداءات هذه الجماعة نحو القرويين سابقة قد تخلط الوضع الأمني مجدداً.