انخفضت قيمة الجنية المصري بصورة حادة امام الدولار الاميركي والريال السعودي ووصل سعر الدولار الى 540 قرشاً والريال الى 160 قرشاً في "السوق الخفية"، وسط توقعات بأن يصل سعر الدولار في غضون أيام الى560 قرشاً فيما قد يبقى الريال عند قيمته أو ينخفض نسبياً عقب موسم الحج. دخلت غالبية البنوك المصرية في المضاربة على أسعار الدولار والريال السعودي في السوق الخفية نتيجة تفسير قرار محافظ البنك المركزي المصري محمود ابو العيون خطأ. وكان أبو العيون طالب جميع البنوك قبل عشرة أيام بتدبير حاجات الحجاج من الريال والدولار لتحجيم المضاربات في السوق الخفية. وأعلنت البنوك عدم قدرتها على تنفيذ قرار المركزي لعدم وفرة الريال والدولار لديها بالأسعار المعلنة من المركزي 464 قرشاً للدولار و122 قرشاً للريال. ووجدت البنوك هذا الأمر مبرراً لفرض نسبة تجاوزت ال10 في المئة على مبيعاتها النقدية تحت غطاء ايصالات نقدية وخلافه ليصل سعر الدولار في البنوك للحجاج الى 515 قرشاً والريال الى 140 قرشاً، ما ادى الى رفع تجار السوق الخفية السعر الى 540 قرشاً للدولار و160 قرشاً للريال. ولا تزال اركان الحكومة منقسمة في شأن خفض جديد لقيمة الجنيه، اذ يرى فريق ضرورة ذلك وآخر يطالب بالتروي انتظاراً لما ستسفر عنه احداث المنطقة في ظل توقعات شن حرب على العراق. وطالب الخبراء بضرورة ان تتخذ الحكومة حزمة تدابير لتحريك السوق، في مقدمها النظر الى سياسة جديدة لسعر الصرف بعد القفزة الهائلة لسعر الدولار الذي ظل مراوحاً مكانه منذ عام 1991 وحتى عام 1997، الا ان تطورات محلية واقليمية أدت الى قفز السعر من 350 الى 464 قرشاً حالياً حسب قرار المركزي. الصرافة الى ذلك دخلت شعبة الصرافة منعطفاً جديداً بإعلان محمد حسن الابيض رئيس الشعبة تقاعده نهائياً عن العمل في الصرافة. وعزا الابيض في تصريح ل"الحياة" ذلك الى أوضاع السوق السيئة وعدم رغبته ان يكون سبباً في توتر العلاقة بين جهات عدة عامة وخاصة، مشيرًا الى أن المطلوب منه قد يصعب تحقيقه. وكشف الابيض ان الشعبة بعثت الى القيادة السياسية برسالة عبر الفاكس، توضح المشاكل القائمة والضرر الذي لحق بشركات الصرافة المحترمة بسبب بعض قرارات حكومية. وذكر أنه لجأ الى الفاكس بعد تجاهل حكومي تام لمشاكل شركات الصرافة، قائلاً: "طلبنا غير مرة الاجتماع بالمسؤولين دون جدوى، وكل ما يشغلنا حالياً هو الافراج عن اصحاب الشركات المعتقلين عددهم ستة، تم اعتقالهم أخيراً في اطار قانون الطوارئ لأنهم تجاوزوا المسموح به في التعاطي مع سوق النقد الاجنبي". وأضاف: "بمجرد الافراج عن هؤلاء سنتفرغ لقضايا أخرى تحاصرنا، مثل موقفنا من قانون البنوك الجديد الذي يعصف بآمال شركات الصرافة في العمل مستقبلاً، فهو يتضمن بنوداً عدة هدفها الاطاحة بتلك الشركات من دون مبرر قائم". وقال الأبيض: "للأسف لم يعد لنا دور وتبحث 126 شركة وفروعها ال316 عن نشاط آخر في ظل بطالة حادة نعانيها حالياً". وأكد الابيض ان تحويل النشاط ليس قراراً ملزماً، ولكل صاحب شركة الحرية في الاستمرار من عدمه، لكنه توقع ان تكون الفترة المقبلة في غاية السوء بالنسبة لأوضاع الشركات. وكشف الابيض ان اقصى حجم تعامل لشركة واحدة لا يتجاوز 100 دولار حالياً مقابل 100 ألف في السابق، ما يعني تراجع الوضع المالي للشركات بشدة وباتت الخسارة حتمية. ورفض الابيض تحميل الشركات مسؤولية التدهور الحاد في وضع العملة الوطنية الجنيه امام الدولار، مشيراً الى أن هناك عوامل عدة ساهمت في هذا التدهور وان كان بعض الشركات تجاوز تعليمات البنك المركزي.