المصورون الباحثون عن لقطات مثيرة ينتظرون يوم السبت بشغف، لأنه اليوم الوحيد الذي سمحت فيه السلطات للمتظاهرين في دافوس المناهضين للعولمة بالمجيء ورفع لافتاتهم وصراخهم. راجع ص 11 قوات الجيش والأمن المنتشرة في صورة غير ظاهرة، داخل المباني وفي المرتفعات المطلة على المنتجع، تتخوف من هجوم يشنه تنظيم "القاعدة" على المدينة الصغيرة المعزولة داخل سفوح الألب. أما رجال الشرطة فتجنبوا حمل أسلحة ظاهرة لتبديد الانطباع بأن هناك مخاوف من أي نوع، وان كانت طائرات "اف - 16" التي تحلق باستمرار في الأجواء لاسقاط أي جسم طائر في دائرة محيطها 80 كيلومتراً حول المنطقة، تجعل هذا الجهد يبدو عقيماً. "منتدى دافوس 2003" بدأ أمس دورته ال33. شعاره المرفوع "بناء الثقة"، وحول الشعار تدور مواضيع 271 ندوة يحضرها حتى الثلثاء المقبل 2300 مشارك جاؤوا من 104 دول. لكن عدد الندوات الكبير لا يرقى الى ثلث ما اعتاده "المنتدى الاقتصادي العالمي" في السنوات السابقة. التغير يندرج في اطار سعي المنظمين الى طرح قضايا اجتماعية وفكرية أكثر تنوعاً، وابعاد طابع النخبوية عن المنتدى الذي يحضره عادة رؤساء أكبر ألف شركة في العالم، كما يؤكد المنظمون، وتبديد الانطباع بأنه بات نادياً يلتقي فيه أقوياء العالم مطلع كل سنة، ليتحدثوا... ويقرروا مصير الدنيا. الأميركيون يأتون مطلع كل سنة الى دافوس ليقولوا كيف سيقودون اقتصادهم، ومن ورائه الاقتصاد العالمي، ليمنحوا المنتدى زخمه الدولي. هذه المرة أرسلوا وزير الخارجية ووزير شؤون الأمن القومي، وهما ليسا اقتصاديين. مع ذلك يتحمس الصحافيون الأميركيون والكنديون لمجيء الوزير كولن باول، ومداخلته مساء الأحد، وان كانت بقية الصحافيين لا تتوقع ان يقول شيئاً حاسماً. فخطاب كبير المفتشين في العراق هانس بليكس يوم الاثنين المقبل وتعقيب الرئيس جورج بوش الثلثاء، بالتالي على باول التمسك بالعموميات في حديثه عن حرب العراق، وهي المسألة الكبرى التي تشغل جميع الحاضرين، إذ يتساءلون عن طول مدة تأثر الاقتصاد العالمي بالحرب المحتملة على العراق، وهل تطول سنتين أم أكثر. الرؤساء المشاركون عددهم 24 بينهم الرئيس البرازيلي الذي يجتمع فوق أرضه 126 ألف مندوب مناهض للعولمة، لكنه سيتركهم ليأتي الى دافوس. وبين الرؤساء المشاركين أيضاً، البولندي الكسندر فاشينفنسكي الذي يحب التشبه بالرئيس السابق بيل كلينتون. والصحافيون البولنديون يشغلهم موضوع واحد في دافوس يتندرون به: هل يسألونه أم لا عن الأنباء التي تشير الى أن احدى أشهر المغنيات البولنديات على وشك وضع مولود منه؟ أما كلينتون الذي أقام الدنيا ولم يقعدها حين أتى عام 2000 يرافقه 60 من أشاوس ال"اف بي آي"، فسيأتي هذه المرة كمشارك عادي. ويحفل المنتدى أيضاً بمفاجآت أخرى، منها ان سورية تشارك رسمياً، للمرة الأولى، بشخص وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية غسان الرفاعي، بعدما دأبت على مقاطعة المنتدى، باعتبار ان "طبخات" كثيرة للتطبيع مع اسرائيل أعدت فيه، وأن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كانا يوزعان فيه جوائز الترضية على الدول "ذات السلوك الايجابي". وهناك انتصار عربي سجله مجتمع الأعمال الخليجي والمصري الذي أثبت أنه أقوى من مجتمع الأعمال الاسرائيلي في دافوس. وفي مقابل الحضور السياسي العربي الذي يبقى جيداً، غاب الحضور الاسرائيلي الى درجة تقترب من الصفر. بعضهم برر ذلك بأن موعد الانتخابات الاسرائيلية الاثنين حرم المنتدى من "اطلالة" المسؤولين الاسرائيليين، وفي طليعتهم بيريز، بطل صفقات التطبيع في دافوس. اما رجال الأعمال الاسرائيليون ففضلت غالبيتهم عدم الحضور، والسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي جعلت كثيرين منهم يبقون بعيداً عن دافوس، لادخار 20 ألف دولار هي كلفة رحلتهم الى ثلوج الألب.