تصاعدت المواقف الغربية المعارضة لشن الولاياتالمتحدة حرباً أحادية على العراق. وفي حين اعلنت روسيا ان اي عملية عسكرية اميركية ستهدد تماسك التحالف الدولي ضد الارهاب، لمحت فرنسا الى انها يمكن ان تستخدم حق النقض الفيتو ضد اي قرار بالحرب. وفي وقت انتقد "الاتحاد المسيحي" المعارضة الالمانية موقف برلين المعارض الضربة العسكرية ضد نظام الرئيس صدام حسين، قالت اسبانيا انها لن ترسل قوات الى العراق في حال اندلاع الحرب. جددت روسيا رفضها الحرب ضد العراق. وقال وزير الخارجية ايغور ايفانوف ان شنها قد يهدد وحدة الائتلاف المعادي للارهاب. ونفى ان تكون لبلاده صلة بسيناريو تنحي الرئيس العراقي صدام حسين عن السلطة. وصدر موقفه في وقت انضمت الكنيسة الروسية الى الحملة المناوئة للحرب ووقّع 80 نائباً في مجلس الدوما عريضة تندّد بالنيّات الاميركية. واثر عودته من نيويورك، دعا ايفانوف الى مؤتمر صحافي اكد فيه ان بلاده لا تؤيد "عملية احادية" قال انها يمكن ان تعقّد الوضع في المنطقة وتُنزل ضربة خطيرة بوحدة الائتلاف المناوئ للارهاب. واضاف ان اتصالاته في الاممالمتحدة أظهرت ان غالبية اعضاء مجلس الامن ترى ضرورة مواصلة الجهود الدولية لحل المشكلة ديبلوماسياً. واضاف ان المفتشين الدوليين يجب ان يواصلوا عملهم للتأكد من وجود اسلحة دمار شامل او خلو العراق منها. ولوحظ تشديد ايفانوف على انه في حال العثور على اسلحة فإن المهمة التالية هي اتلافها، وهذا تفسير يختلف مع التوجه الاميركي الذي يلمح الى ان اكتشاف اي سلاح هو مبرر لبدء الحرب. كما ان وزير الخارجية الروسي اشار الى ان التقرير الذي سيُقدم الى مجلس الامن في 27 الشهر الجاري "اذا لم يتضمن استنتاجات تقتضي قرارات اضافية، فإن العمل بالقرار 1441 يجب ان يستمر". من جهة اخرى، ارتفع في موسكو صوت معارضي الحرب. اذ اعتبرها اليكسي الثاني بطريرك عموم روسيا "شراً … يؤدي الى موت كثيرين". ووقّع 80 نائباً بينهم عدد من رؤساء الكتل البرلمانية واللجان الرئيسية عريضة كانت أُعدت في لقاء القاهرة للتنديد بالحرب الاميركية المحتملة ضد العراق. وعلمت "الحياة" ان مداولات تجري في مجلس الدوما لاستصدار قرار في شأن العراق، وتوقع نائب روسي ان يحصل القرار على غالبية ساحقة اذ ستنضم اليه الكتل الموالية للحكومة. وافادت وكالة "ايتار تاس" الروسية التى وزعت النبأ مساء الاثنين ان العريضة التى وقعها 80 نائباً من اصل 450 في الدوما اقترحتها المجموعة الشيوعية في البرلمان. وحرص النواب الليبراليون، في الوقت نفسه، على التأكيد ان العملية العسكرية الاميركية في العراق ستلحق الضرر بالمصالح الروسية. وقال نائب رئيس الدوما السفير السابق فلاديمير لوكين: "اذا كان بالامكان تجنب الحرب بالشروط التى اقترحتها كل من روسياوفرنسا والصين ودول اخرى فسيكون ذلك أمراً طيباً لأن النفوذ الروسي سيزداد في العالم العربي". وعقدت في مجلس الدوما طاولة مستديرة روسية اميركية حضرها من الولاياتالمتحدة وزير الدفاع السابق جيمس شليسنجر ومساعد الرئيس لشؤون الامن القومي روبرت ماكفرلين، ومسؤولون كبار من وزارتي الدفاع والخارجية في روسيا. واشار شليسنجر الى انه "يرجح قيام حكومة جديدة" في العراق، لكنه قال انها لن تكون لها صلة بمجموعات المعارضة الموجودة في المنفى وتحديداً في لندن وعواصم اخرى. وطلب "التعامل بهدوء" مع تصريحات قادة هذه المعارضة عن وقف التعامل مع شركات روسية مستقبلاً. واضاف ان الحفاظ على مصالح روسيا سيكون "الالتزام الثاني" للولايات المتحدة بعد التزامها "رفع مستوى حياة العراقيين". لكنه لم يذكر من تلك المصالح سوى الديون وتجاهل موضوع النفط. باريس تطالب بغداد بتوضيحات وفي باريس قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا ريفاسو امس ان فرنسا تنتظر من العراق ان يحوّل سريعاً التزاماته الى افعال وان يسمح للمفتشين الدوليين بالحصول سريعاً على كل التفسيرات والايضاحات التي يريدونها. واوضح ريفاسو ان على العراق مثلاً ان يتيح للمفتشين الدوليين التحدث بحرية مع العلماء العراقيين المعنيين ببرامج التسلح ويزود المفتشين الايضاحات اللازمة حول النقاط الغامضة فلي الاعلان عن التسلح العراقي الذي قدم الى مجلس الامن في كانون الاول ديسمبر الماضي، وان يمكّنهم من الاطلاع على الوثائق التي حُجبت عنهم حتى الآن. واضاف ان مجلس الامن يتوقع "تعاوناً نشيطاً وملحوظاً ودائماً"، وانه من الملح ان يتمكن المفتشون من القاء الضوء على النقاط الغامضة المتعلقة بوضع برامج التسلح العراقي. وأقر ريفاسو بأن بعض الوثائق العراقية وُضع اخيراً في تصرّف المفتشين، وان هذا العمل يُشكّل "خطوة اولى" نحو تعاون دائم وثابت. وكان وزير خارجية فرنسا دومينيك دوفيلبان لمح في نيويورك اول من امس الى احتمال استخدام حق النقض الفيتو لاحباط مشروع قرار محتمل لمجلس الامن يتضمن تفويضاً بشن حرب في حال عُرض مثل هذا الامر على التصويت في المجلس خصوصاً اذا تدخلت الحكومة الاميركية في العراق في شكل منفرد. وقال دوفيلبان: "في حال عرض قرار ثان… لن نربط انفسنا بتدخل عسكري لا يحظى بتأييد المجتمع الدولي". واضاف في مؤتمر صحافي: "لن يكون استخدام القوة الا ملاذاً اخيراً وعلى افتراض ان الاحتمالات الاخرى قد استنفدت كافة… فإننا نعتقد ان ليس ثمة الآن ما يبرر القيام بعمل عسكري". كذلك اعرب يوشكا فيشر، وزير الخارجية الالماني، عن معارضة بلاده الشديدة للقيام بعمل عسكري. وقال في اول تصريح له في المجلس منذ انضمام برلين عضواً غير دائم في بداية العام الى مجلس الامن: "يساورنا قلق بالغ لان القيام بعمل عسكري ضد النظام في بغداد ينطوي على مخاطر كبيرة لا يمكن الكهن بها على على الحرب العالمية ضد الارهاب". وفي بروكسيل أ ف ب اعلن وزيرا الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان والبلجيكي لوي ميشال امس ان بلديهما يرغبان في ان يتخذ الاتحاد الاوروبي الاسبوع المقبل موقفاً مشتركاً حول العراق. وقال دوفيلبان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ميشال على هامش الاتفاق على مستقبل اوروب: "نريد ان نؤمن" بأنه "من الممكن" التوصل الى موقف مشترك خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الاثنين والثلثاء. أما ميشال فقال ان البلدين "على الموجة نفسها الى حد كبير" حول "ضرورة اصدار قرار ثان من مجلس الامن" قبل شن هجوم على العراق. واضاف ان فرنسا وبلجيكا تريدان "استنفاد كل السبل الديبلوماسية والسياسية المتاحة لتفادي الحرب. وسنحاول معاً دفع هذه الفلسفة وهذه العقيدة". واعلن جان مارك ايرولت، رئيس المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان، امس ان نواباً اشتراكيين فرنسيين ونظراءهم من الاشتراكيين الديموقراطيين الالمان سيحاولون "تشكيل وفد" للتوجه الى الكونغرس الاميركي لتوضيح اسباب رفضهم لحرب على العراق. غير ان اسبانيا اشادت بالموقف الاميركي. وقالت وزيرة الخارجية آنا بالاسيو وهي المرأة الوحيدة في الاجتماع ل"رويترز" "اني اتفق معه وزير الخارجية الاميركي كولن باول تمام الاتفاق" لأن مستقبل الاممالمتحدة في خطر. وكان باول حذر اعضاء مجلس الامن من التقاعس عن النهوض بمسؤولياتهم عندما يجتمعون الاسبوع المقبل لدرس الازمة العراقية. وفي برلين، انتقدت المعارضة المسيحية خطاب وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر الذي ألقاه اول من امس في مجلس الامن. وقال نائب رئيس الكتلة النيابية للاتحاد المسيحي وخبير الشؤون الخارجية فولفغانغ شويبله ان رفض فيشر التام لحرب ضد العراق يعزل المانيا ويضعف نفوذها ونفوذ الاوروبين والمجتمع الدولي. ولم تشأ ناطقة باسم وزارة الخارجية الالمانية تأكيد برنامج الجولة التي سيقوم بها الوزير فيشر ابتداء من الجمعة الى الشرق الاوسط للبحث في الازمة العراقية وامكانات تفادي الحرب. لكن اذاعة "ان تي في" التركية، ذكرت ان الوزير الالماني سيصل الى اسطنبول الجمعة ويلتقي فيها رئيس الحكومة عبدالله غل ووزير خارجيته ياسار ياكيس. مضيفة ان فيشر سيتابع بعد ذلك سفره الى الاردن والى مصر للاجتماع مع المسؤولين فيها. واضافت الاذاعة التركية ان من غير المنتظر ان يلتقي فيشر احداً من المسؤولين العرب في القمة التي ستبدأ الخميس في اسطنبول على مستوى وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق وهي ايران وتركيا ومصر والمملكة العربية السعودية والاردن وسورية. ووسط النقاش الجاري بين الحكومة والمعارضة حول مدى المشاركة الالمانية في التحضيرات الاميركية والبريطانية الجارية لشن حرب على العراق، طلب الحزب الليبرالي معلومات واضحة عن التدابير التي اتخذت ويشتم منها ان المانيا تشارك في التحضيرات للحرب على رغم اعلانها عكس ذلك. واضاف ان تسليم اسرائيل بطاريتي صواريخ "باتريوت" يؤكد بدوره ان المشاركة الالمانية في حرب ضد العراق اصبحت حقيقية. وفي مدريد أعلن رئيس اركان الجيش البري الاسباني الجنرال لويس اليخادرو سينتيس ان اسبانيا لن ترسل قوات الى العراق في حال اندلاع حرب. وقال الجنرال الذي تولى مهماته امس رئيساً للاركان في مقابلة نشرتها صحيفة "الموندو": "لن تكون هناك مشاركة لقوات اسبانية". واضاف ان "الحروب تتركز على شبكة واسعة من عمليات المساندة وليس من الضروري ان تكون كل القوات مشاركة" في مسرح العمليات. واشار خصوصاً الى "القواعد الخلفية وسبل الدعم الاخرى". واعتبر ان موقف العراق يدفع الى شن الحرب. وقال: "هناك 17 قراراً للامم المتحدة لم تطبق ويجب ان يقول أحد ما كفى". واسبانيا عضو غير دائم في مجلس الامن منذ مطلع السنة الجارية وتدعم حكومتها الموقف الاميركي في الازمة العراقية. في وارسو أ ف ب نقلت الاذاعة البولندية العامة عن وزير الخارجية البولندي فلودزيميرز سيموزيويتش قوله ان بلاده مستعدة لدعم الولاياتالمتحدة في عملها العسكري المحتمل ضد العراق "ان اقتضى الامر حتى من دون موافقة الاممالمتحدة".