أعلن رئيس لجنة التفتيش عن الأسلحة التابعة للأمم المتحدة هانس بليكس امس ان العراق لم يبد تعاوناً كافياً وحقيقياً مع فرق التفتيش التي زارت امس مخازن للجيش العراقي، ومصنعاً للاغذية وجامعة بغداد ومواقع اخرى. في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء البريطاني "دعمه القوي" لعمل المفتشين الدوليين، فيما اعرب العراق عن أمله في حل كل النقاط العالقة أثناء زيارة بليكس غداً لبغداد. اعلن رئيس فريق المفتشين الدوليين لنزع اسلحة العراق هانس بليكس لدى وصوله الى لارنكا جنوبقبرص أمس ان السلطات العراقية لم تبذل "ما يكفي من التعاون" منذ بدء التفتيش. واضاف امام الصحافيين ان سلطات بغداد "سمحت بالدخول فوراً الى المواقع التي يريد المفتشون زيارتها، وهو أمر جيد، لكنها في العمق لم تبذل ما يكفي من التعاون. ينبغي ان يكون هناك تعاون مخلص وحقيقي" من جانبها. ومن المقرر ان يتوجه بليكس اليوم الى العراق مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي وصل أمس الى لارنكا. وتابع بليكس: "سنجري محادثات مطولة معهم العراقيين عن عدد من المواضيع وتقدم عمليات التفتيش"، وعن "الاعلان الواقع في عشرة آلاف صفحة" الذي سلمه العراق الى الاممالمتحدة. وقال: "من مصلحة العراق السماح للمفتشين بالذهاب الى اي مكان، سواء كانت أماكن عامة او خاصة". ورداً على سؤال عن مدة عمليات التفتيش المرتقبة قال بليكس "اذا كان لدينا تعاون صادق وكامل فإنها قد تكون سريعة". وذكر بأنه عند بدء عمليات تفتيش اللجنة السابقة انسكوم "في 1991، اعتقد كل الناس بأنها لن تكون سوى مسألة اشهر. وبعد 12 عاماً، لا نزال غير متأكدين ما اذا كانوا يملكون اسلحة دمار شامل". واضاف بليكس: "نحن لا نغلق الملف لأنه يتضمن الكثير من الثغرات. ان العالم يريد ان يتأكد من ان العراق تخلص من اسلحة الدمار الشامل، وما لم نقتنع بمعرفة الحقيقة لا يمكننا ابلاغ مجلس الامن بذلك". وعن الرؤوس الكيماوية الفارغة للصواريخ التي عثر عليها المفتشون الخميس الماضي، اكتفى بليكس بالقول: "نحن نقوم بعملنا" بعدما كان قلل من شأن هذه المسألة الجمعة في باريس. واعرب العراق عن أمله في حل كل المسائل العالقة في شأن برامجه السابقة لأسلحة الدمار الشامل أثناء الزيارة المرتقبة لبليكس والبرادعي. واعلن السفير العراقي لدى الاممالمتحدة محمد الدوري للصحافيين في بغداد ان مناقشة المسائل بين الجانبين ما زالت أمراً جيداً و"نأمل في تجاوز خلافات أو حالات سوء تفاهم محتملة يمكن توضيحها للطرفين". وعبر الدوري عن امله في توصل الطرفين الى تفاهم مشترك في شأن النقاط التي يرى البعض انها عالقة. واضاف ان العراق يؤكد انه ليس لديه ما يضيفه. لكن اذا اثار بليكس والبرادعي بعض النقاط او المسائل "ونعتقد بأنهما سيفعلان ذلك" فسيجيب العراق عليها. وأعلنت ناطقة باسم وزارة الخارجية الالمانية امس ان بليكس "سيزور برلين الشهر المقبل". ومن المقرر ان تتولى المانيا رئاسة مجلس الأمن في شباط فبراير حيث سيعود اليها خصوصاً تحديد جدول اعماله وذلك بعد أيام من 27 كانون الثاني يناير موعد تقديم التقرير النهائي للمفتشين. من جهة اخرى، عاد مفتشو الأسلحة امس الى موقع مخازن تابعة للجيش العراقي كانوا عثروا فيها على رؤوس كيماوية فارغة وتفقدوا معامل متنقلة عشية زيارة بليكس والبرادعي للعراق. وعاد فريق تابع للجنة التحقق والمراقبة والتفتيش الى مخازن عتاد الاخيضر الواقعة على بعد 120 كيلومتراً جنوببغداد والتي يوجد فيها اكثر من 100 مستودع شيدت في نهاية التسعينات. وعثر المفتشون الخميس على 11 من الرؤوس الكيماوية الفارغة في المخازن مما أثار زوبعة وصفها العراق بأنها "زوبعة في فنجان". وقالت بغداد ان هذه الرؤوس مستهلكة وجرى نسيانها. ووصف ناطق باسم البيت الأبيض الاكتشاف بأنه "مثير للقلق وخطير" الا ان بليكس قال انها "ليست بالشيء البالغ الأهمية لأننا نتحدث عن رؤوس حربية فارغة". وتفقد فريق تابع للجنة التحقق والمراقبة والتفتيش يرأسه ديميتري بيركوس معملاً تديره شركة للتأكد من سلامة الأغذية تابعة لوزارة التجارة في الضواحي الشمالية لبغداد. وتفقد ثمانية مفتشين يرتدون قبعات الأممالمتحدة زرقاء اللون المنطقة المحيطة بالمعمل كما تفقدوا شاحنة بمقطورة وثلاث عربات "لوري" تقف قرب المعمل. وكانت هناك أعمال بناء داخل الموقع. وقالت نوال فتوحي رئيسة المعمل بعد تفتيشات استمرت ثلاث ساعات ان المفتشين اخذوا عينات لإجراء مزيد من الفحوص عليها من العربات التي قالت انها عبارة عن معامل متحركة تعمل على فحص الاغذية العراقية التي يجري استيرادها. واضافت ان هذه المعامل تقوم فقط بفحص الاغذية. واكدت انها أجابت على كل الاسئلة التي وجهها اليها المفتشون بما في ذلك عدد العاملين في المعامل وتخصصاتهم. ومنع حرس عراقي مسلح الصحافيين من دخول المنشأة اثناء التفتيش، وقال مسؤولون عراقيون ان فرق التفتيش زارت جامعة بغداد وشركتي القعقاع والنعمان الحكوميتين. وزار فريق كلية اخرى في بلدة الكوفة الواقعة على بعد 150 كيلومتراً جنوببغداد. وأضافوا انه جرى تفتيش موقع التويثة على بعد 20 كيلومتراً جنوببغداد ايضاً، وتفقد فريق تفتيش مقره الموصل الواقعة على بعد 370 كيلومتراً شمال بغداد مصنعاً للنسيج. وقال شهود ان مفتشين توجهوا الى مزرعة على بعد 40 كيلومتراً جنوببغداد. وفي لندن، اعرب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الجمعة عن "دعمه القوي" لما يقوم به المفتشون الدوليون في العراق، وذلك في ختام محادثاته مع بليكس الذي قال بلير انه ينتظر تقريره "بفارغ الصبر". وبحسب بيان لرئاسة الحكومة البريطانية عقب اللقاء بين الرجلين، لم يلمح بلير الى اكتشاف المفتشين الخميس رؤوساً تستخدم لأسلحة كيماوية. واستقبل بلير بليكس لمدة ساعة واطلع منه على تقدم المهمة في العراق. عالم عراقي استنكر "أساليب المافيا" وفي بغداد، ندد عالم عراقي أمس بما وصفه "اساليب المافيا" التي يتبعها المفتشون الدوليون لنزع اسلحة العراق، مؤكداً انه رفض عرضاً قدموه له بمغادرة العراق خلال عملية تفتيش عاصفة جرت الخميس الماضي. وقال فالح حسن حمزة 55 عاماً، مدير مصنع الرازي التابع لهيئة التصنيع العسكري العراقية، للصحافيين ان مفتشة اميركية ضمن فريق الخبراء عرضت عليه ان يغادر العراق مع عائلته وذلك بعد تفتيش منزله الخميس الماضي. واوضح العالم العراقي ان المفتشة استغلت غياب الموظف العراقي الذي كان يرافقها للحظات لتعرض عليه هذا الامر. وقال للصحافيين الذين اصطحبهم مسؤولو المركز الصحافي التابع لوزارة الاعلام الى منزله "عندما غاب مسؤول هيئة المراقبة الوطنية لثلاث دقائق التفتت المفتشة نحوي وسألتني ان كنت أبحث عن فرصة بديلة". واضاف: "قالت لي انهم المفتشون مستعدون لعلاج زوجتي خارج العراق بحيث أكون برفقتها... وقد اجبت لا شكراً". وتابع: "هذه أساليب تعتمدها المافيات... يريدون ان يخلقوا المشاكل بين المواطن والحكومة عندما يدعون انهم يعرضون فرصاً على العلماء العراقيين... وهذه ليست اساليب استخبارات فقط بل اساليب مافيات". وصادر المفتشون مئات الوثائق من منزل حمزة وقاموا بتصويرها قبل اعادتها اليه.