سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زيارة لذاكرة الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين . شلح: الشعب فجر انتفاضة 1987 والشرارة جاءت من معركة الشجاعية نتلقى دعماً شعبياً من عرب ومسلمين في بلدان مختلفة بينها إيران الأخيرة
ولد الدكتور رمضان عبدالله شلّح الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" في الأول من كانون الثاني يناير 1958 في حي الشجاعية في غزة في أسرة تضم 11 ولداً. في عام 1977 غادر إلى مصر للدراسة في جامعة الزقازيق حيث التقى فتحي الشقاقي وبدأ رحلته مع "الجهاد". نال في 1990 دكتوراه في الاقتصاد من جامعة درم البريطانية. عمل باحثاً ثم غادر إلى الولاياتالمتحدة حيث كان رئيساً مشاركاً لتحرير دورية "قراءات إسلامية". بعد اغتيال الشقاقي في 1995 تولى الأمانة العامة. وهنا نص الحلقة الخامسة والأخيرة: من الذي فجر الانتفاضة الأولى أنتم أم "حماس" أم القيادة الموحدة؟ - الانتفاضة فجرها الشعب الفلسطيني وليس من حق أي تنظيم أن يزعم أنه صاحب قرار تفجير الانتفاضة. وإذا فتح باب المنافسة في هذا الموضوع فلدينا من الوثائق والأدبيات التي يعترف فيها العدو الصهيوني قادة وباحثين وصحافيين بأن "الجهاد الإسلامي" هي التي أشعلت شرارة الانتفاضة منذ معركة الشجاعية في 6/10/1987، التي استشهد فيها أربعة من مجاهدي حركة "الجهاد" في مواجهة مع قوات الأمن والجيش الصهيوني وصولاً إلى عمليات طعن المستوطنين التي سبقت حادثة المقطورة التي دهست العمال الفلسطينيين بعد ذلك. لكن أعود وأؤكد أن الانتفاضة هي ملك الشعب الفلسطيني فهو الذي أشعلها وهو الذي حافظ على ديمومتها لسنوات بدماء الشهداء. هل لكم وجود في مناطق 48؟ - نعم، ولكن ليس بالمعنى التنظيمي الواسع. هناك تيار متعاطف معنا. لكن المصادر الإسرائيلية تحدثت عن تغلغل "الجهاد الإسلامي" وتجنيده لعناصر في أراضي 48 للعمل العسكري؟ - إذا قامت علاقة بين المجاهدين في الضفة وبين شعبنا في 48 فهي تتركز حول تقديم خدمات لوجستية أو معلوماتية للمجاهدين من دون مشاركتهم في تنفيذ عمليات. هل هذه سياسة أن لا يشارك أبناء 48 في الجهاد معكم؟ - لا، ليست سياسة. وفي السابق نفذ إخوة لنا من أبناء 48 عمليات وهم الآن في السجون الإسرائيلية وأشهرها عملية "ليلة المناجل" التي استهدفت معسكر قلعاد الصهيوني ونفذها الإخوة محمد وحسن وابراهيم غبارية في 19/2/1992، لكن الشخص الذي قد ترسله لتنفيذ عملية مرة واحدة ثم يضرب أو يعتقل هو أو مجموعته قد تستفيد منه لشهور أو سنوات من دون أن تولد ضغوطاً جديدة على أهلنا وشعبنا في 48، فنحن نقدر أن ظروفهم حساسة جداً وليست مثل ظروفنا في الضفة وغزة. هل لكم علاقة بمجموعة "الجهاد" التي تأسست في بداية الثمانينات؟ - لا لم تكن بيننا علاقة. وهذه كانت مجموعة ترأسها الشيخ عبدالله نمر درويش اعتقلوا عام 81 وقاموا ببعض عمليات حرق المزارع وما شابه ذلك. ثم أطلق سراحهم في 83 تقريباً في تبادل للأسرى. وبعدها تغيرت مواقف الشيخ درويش وأصبح يؤيد التعايش مع المشروع الصهيوني واختلف مع الآخرين في الحركة الإسلامية في 48 حيث يوجد تياران الآن، تيار الشيخ عبدالله نمر وتيار الشيخ رائد صلاح. هل التقيت الشيخ رائد صلاح أو هل هناك علاقة بينكم وبينه؟ - أنا شخصياً لم ألتقه. وليس هناك تواصل بيني وبينه ولكن أعتقد بأن هناك تواصلاً بين إخواننا في الداخل وبين الكثيرين من رموز الحركة الإسلامية والوطنية في مناطق 48. هل تؤيدون دخول عرب 48 في الكنيست الإسرائيلي؟ - لا. لماذا؟ - ببساطة لا جدوى، بل يضفي مشروعية على الدولة العبرية. يعني أنتم تعارضون من باب المصلحة وليس من باب الدين؟ - الدين ليس نقيض المصلحة، الدين جاء لمصالح العباد وعندما تبحث في مصلحة العباد في مسألة ما، فهو بحث في صميم الدين. العلمانية هي التي فصلت بينهما وقالت "ما لله لله وما لقيصر لقيصر"، هي تريد أن تخرج الله من المعادلة وتعطي كل شيء لقيصر. هذا هو جوهر العلمانية الشرسة في عالم اليوم. فنحن عندما ننظر إلى مشاركة الفلسطينيين أو العرب في الكنيست الإسرائيلي لا نجد أنهم يزيدون عن عشرة مقاعد أو أكثر قليلاً. وهؤلاء لن يستطيعوا فعل شيء أو تغيير شيء. أنا أحياناً أشفق عليهم عندما أتابع على التلفزيون بعض جلسات الكنيست الإسرائيلي. كأنهم في مسرحية هزلية تجمّل وجه هذا الكيان البشع وتضفي عليه طابع الديموقراطية والتسامح والقبول بالآخر، في حين أنه كيان عنصري لا يريدنا ولا يطيقنا وينظر إلى أهلنا في 48 بأنهم حصان طروادة الذي يفكر دوماً في التخلص منه قبل أن ينفجر في وجهه يوماً ما. هل تخشى أن يستغل شارون الحرب على العراق إذا وقعت لتنفيذ ترانسفير ضد الفلسطينيين من 48 أو الضفة وغزة؟ - هذا الاحتمال وارد لكن الأمر يتوقف على نتائج الحرب. لذلك نحن لدينا خشية كبيرة أن أميركا إذا استطاعت أن تمرر مخططها بضرب العراق وإقامة نظام أميركي هناك، فالمنطقة كلها ستكون مهددة، لكن الضحية الأولى ستكون فلسطين. على أي صعيد؟ - على كل الأصعدة. مسألة الترانسفير التي ذكرتها سيكون اسمها ترانسفير أو تهجير قسري. سيكون هناك نظام أو حاكم أميركي يستوعب أعداداً هائلة من الفلسطينيين لتخفيف الكثافة السكانية في 48 والضفة الغربية التي ترعب الإسرائيليين، ومؤتمرات هرتسيليا وتحذيراتها من القنبلة الديموغرافية معروفة. وعندها سيتم فرض مشروع التسوية الذي تعثر وبالعصى الأميركية. النظام العراقي الجديد في هذه الحالة ستكون وظيفته امتصاص آثار التسوية أو الحرب الجديدة إذا قررت إسرائيل أن تفرض حلاً بالحديد والنار، تماماً كما كانت وظيفة الأردن في الجغرافية السياسية للمنطقة لاستيعاب آثار قيام الدولة العبرية وامتصاص الفلسطينيين، فقد تحدث موجة نزوح طوعية استجابة لمغريات من جهة ولضغوطات إسرائيلية من جهة أخرى. ما هو مصير عرفات ومصيركم في هذه الحالة؟ - نحن حركة مقاومة نقول "ما يقع من السماء تتلقاه الأرض". أما عرفات فهو الآن في الثلاجة الأميركية - الإسرائيلية. وهم ينتظرون إلى ما بعد حرب أميركا على العراق، ومن وجهة نظر أميركية عرفات "ماشي" وإذا صح له لقب رئيس فخري فهم كرماء جداً معه. هكذا هم يفكرون... ويريدون رئيس حكومة يمسك مقاليد الأمور ويوقع حلاً نهائياً كما تريد إسرائيل. من هو رئيس الحكومة برأيك؟ - لا أعرف. هناك كلام عن أبو مازن؟ - كائناً من كان، الشعب الفلسطيني لن يقبل من تفرضه عليه أميركا. وأنتم ما هو موقفكم؟ - نحن من الشعب الفلسطيني، ماذا تتوقع أن يكون موقفنا؟ هم يقولون إن التغيير للإصلاح ولا بد من المؤسسات. أنتم ضد الإصلاح والمؤسسات؟ - أميركا لو أذَّنت للإصلاح من أعلى مئذنة لن نصدقها ولن نقول لها آمين، أما زلم أميركا في الصف الفلسطيني الذين يشكون الآن من عرفات ويتحدثون عن المؤسسات، فهم الذين صنعوا عرفات وكرسوا الشخصانية وظاهرة الزعيم الأوحد. قال "يا فرعون مين فرعنك"؟! الآن افتكروا المؤسسات والديموقراطية عندما أرادتها أميركا كغطاء لتصفية القضية الفلسطينية؟ أليس غريباً أن تدافع أنت عن بقاء عرفات ويطالب بعض جماعته بإزاحته في حين أنكم كنتم ضده؟ - نحن لم نكن ضده شخصياً. كنا ومازلنا ضد سياساته التي لا تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني ونهجه. لكن هو الذي كان دوماً ضدنا، ولم يرحمنا لا بالسجون ولا بالملاحقات ولا بالمؤامرات واصطياد بعض الصبية الساقطين للمشاغبة علينا. وهذا بالمناسبة فعله مع الجميع والآن نحن ندافع عنه إذا كان تغييبه مطلباً أميركياً وإسرائيلياً لأن "كل إناء بما فيه ينضح". هو لم يدخر وسعاً في محاربتنا ونحن لن ندخر وسعاً في محاربة أي مخطط أميركي أو إسرائيلي يستهدف تصفية قضيتنا تحت عنوان الإصلاح أو إزاحة عرفات. حركة "الجهاد" في زمن الشقاقي عانت من انشقاقات وكان فيها محاور هل ما زالت تعاني من ذلك؟ - لم يحدث أي انشقاق في تاريخ الحركة، وليس هناك محاور. هناك أفراد خرجوا نتيجة ظروف تجاوزناها وأصبحت جزءاً من الماضي. هناك محور واحد في "الجهاد الإسلامي" اليوم هو محور مجدو، والخليل، وبحر غزة، يعني محور الجهاد والاستشهاد ومن يخرج عن هذا الخط فقد سبق وأن قلت "لا يفل الحديد إلا دم الشهيد" يعني دماء الشهداء تسيح الحديد وتزيل أي صدأ قد يعلق بقلوب أو عقول الناس. إسرائيل تقول إنها ضبطت وثائق في مقر الأمن الوقائي تثبت أن "حماس" تريد إزاحة عرفات وتدمير السلطة؟ - هذا موضوع يسأل عنه الإخوة في "حماس" والأمن الوقائي. نحن لسنا معنيين بتدمير السلطة ولا بإطاحة ياسر عرفات. ومشروعنا ليس الوصول لسلطة أو حكم. نحن نريد تحرير أرضنا والوقوف عليها وبعدها الشعب يختار من يحكمه. ما هو موقفكم من شعار "وحدانية السلطة" الذي تطرحه السلطة الفلسطينية وترفضونه أنتم "وحماس"؟ - مرة أخرى أقول، أنا أتكلم عن موقف "الجهاد" ولا أريد أن أحمّل إخواني في "حماس" أشياء قد لا تعبر عن مواقفهم. هذا المصطلح للأسف مصطلح مستفز جداً وقد قلت مرة أن الذي نحته يريد أن يحاكي مصطلح "وحدانية الله" والعياذ بالله. الذين نحتوا هذا المصطلح هم أبواق ومتزلفون ينظرون إلى الشعب الفلسطيني كفئتين: فئة من حقها أن تتسلط وتستخدم القوة وتصدر الأوامر وفئة الآخرين الذين عليهم الطاعة والامتثال. هذا الكلام يمكن أن يمرر عندما يكون لنا وطن ولنا دولة وهناك حاكم ومحكوم، لكن الآن نحن شعب منكوب مضطهد نعاني تحت الاحتلال، فلماذا لا يبصر هؤلاء الاحتلال ولا يحسون بقهره؟ لأن بعضهم يتنقل بسياراته ومواكبه تحت حراسة الدبابات الإسرائيلية التي تقصف وتدمر البيوت على رؤوس الشعب الأعزل. لم تلتق ياسر عرفات؟ - لم ألتقه. هل يمكن أن تلتقيه؟ - إذا تحررت فلسطين وعدنا لها إن شاء الله. وإذا تحرر عرفات من الحصار وجاء إلى دمشق؟ - إذا خرج عرفات قد لا يعود إلى فلسطين لذلك هو لن يخرج. لو خرج هل ستلتقيه؟ - إذا خرج وطرح الموضوع نقرر في حينها. ونحن في كل الأحوال ليست لدينا عقدة اسمها ياسر عرفات. هل شاركتم في معركة تحرير الجنوباللبناني؟ - قمنا بدور متواضع فقد قدمنا عشرات الشهداء جنباً إلى جنب مع المقاومة اللبنانية وإخواننا في "حزب الله". علاقتكم ب"حزب الله" الآن كيف تصفها؟ - جيدة جداً. سبق أن قلت إنها ممتازة هل يعني هذا أن هناك مشاكل بينكم وبين "حزب الله" الآن؟ - هل درجة جيدة جداً تعني المشاكل؟ يا سيدي ممتازة. إسرائيل تقول إن "حزب الله" يساعدكم في العمليات في الداخل؟ - هذه أكاذيب صهيونية وليس عليها أي دليل. العدو يستدل على ذلك بأن الإعلان عن عملياتنا يتم في قناة المنار، علماً أن قناة المنار تعلن للجميع ولأسماء لم يسمع بها أحد من قبل! إسرائيل أعلنت قبل شهرين أنها اعتقلت كادراً من "حزب الله" دخل إلى مدينة الخليل وأنتم نفذتم عملية الخليل النوعية على غرار عمليات المقاومة في جنوبلبنان ماذا نفهم من ذلك؟ - إسرائيل تعلن ما تريد. لكن أنا أؤكد لك أن أحداً من "حزب الله" لم يتصل بإخواننا في الخليل ولم يتلقوا تدريباً أو مساعدة على يد أحد من "حزب الله"، وشعبنا لديه القدرة والخبرة الكافية. وأنا أقول لك ان هذه العملية في الخليل لم تكن بالنسبة لحركة "الجهاد الإسلامي" الأولى من نوعها وإن كانت الأولى في نتائجها. ففي 19/3 أو فجر 20/3/2002 قامت مجموعة من مجاهدي حركة "الجهاد" من الخليل بمهاجمة مستوطنة "أفيعزر" داخل الخط الأخضر في منطقة بيت شيمش، ولكن قوة من حرس الحدود اكتشفت المجاهدين واصطدمت معهم ووقع اشتباك وحصلت مطاردة للمجاهدين بالمروحيات وآليات عسكرية استمرت أكثر من ساعتين، استشهد لنا يومها مجاهدان هما الشهيد نبيل النتشة والشهيد علي أبو بسمة. والعدو اعترف بإصابة 3 جنود يومها. الأسلوب والتكتيك ليسا جديدين، لكن النتائج اختلفت لأن المجاهدين يتعلمون ويستفيدون من أخطائهم ويطورون أنفسهم، والذين خططوا لهذه العملية هم الذين خططوا للعملية الأخيرة. لكن الخبرة، وقبل هذه توفيق الله سبحانه وتعالى هما أساس النجاح. ثم إن حركة الجهاد اليوم لها رصيد القيام بمئات العمليات العسكرية المختلفة وعشرات العمليات الاستشهادية. يعني انك تنفي أي دور ل"حزب الله" في دعم المقاومة في فلسطين؟ - أنا لم أنفِ دور "حزب الله" في دعم المقاومة. "حزب الله" يدعم حركة "الجهاد" ونحن استفدنا كثيراً من إخواننا في "حزب الله" وإمكاناتهم وخبراتهم، خصوصاً في زمن الاحتلال الإسرائيلي لجنوبلبنان. كما أن المقاومة في فلسطين ليست مقصورة على "الجهاد الإسلامي". تقصد أنهم يدعمون قوى أخرى؟ - أنا لا أريد أن أتحدث باسم أحد، أنا أتحدث باسم "الجهاد" فقط مع احترامنا وتقديرنا للجميع. من يمول حركة "الجهاد الإسلامي"؟ - تبرعات العرب والمسلمين والشعب الفلسطيني. هل هناك تبرعات من دول عربية؟ - دول عربية مرة واحدة!! أصلاً بعض الدول تسعى لحجب ومنع دعم الشعوب العربية والإسلامية عن الانتفاضة والمقاومة. يعني دعمكم فقط من إيران؟ - نحن نتلقى دعماً شعبياً من كثير من العرب والمسلمين في بلدان مختلفة بما في ذلك إيران. إيران الدولة لا تدعمكم؟ - إيران الدولة متهمة بأن العلماء أو من يسميهم الغرب بالملالي يسيطرون عليها، ونحن نتلقى دعماً من العلماء والمراجع والجمعيات والهيئات والمؤسسات واللجان التي يشرفون عليها، وهذه كلها تقع ضمن مؤسسات المجتمع الأهلي. كيف تقارن دعم إيران لكم أو ل"حماس" مقارنة ب"حزب الله"؟ - أنا لا أعرف طبيعة أو حجم الدعم المقدم من إيران ل"حزب الله" أو ل"حماس". يعني ألا تشعر أن هناك تمييزاً بينكم وبين "حزب الله" في الدعم على أساس أنه شيعي وأنتم حركة سنية؟ - من حق الإيرانيين أو أي طرف أن يضع المعايير التي يريدها لدعم شعب أو قضية ما. لكن لا أعتقد أن العنصر المذهبي أو الطائفي داخل في المعادلة. هل تتلقون دعماً من مناطق الخليج؟ - أيضاً دعم شعبي لكنه محدود للغاية. والدعم الليبي هل ما زال موجوداً؟ - أولاً دعني أوضح أن كل ما تلقيناه من ليبيا طوال تاريخ العلاقة معها لا يساوي عندنا ظفر فتحي الشقاقي الذي استشهد في عودته من زيارة لليبيا. وبعد استشهاده لم تعد الأمور إلى ما كانت في السابق. ما السبب؟ هل تتهمونهم؟ - أنا قلت إننا لا نتهمهم لكنهم لم يتعاملوا معنا بما يليق بمكانة حركة "الجهاد" ولا بمكانة شهيد كالدكتور فتحي الشقاقي. كيف؟ - تصور، حتى أمتعته، حقائبه، ملابسه التي استشهد فيها لم يحضروها لنا. لماذا لم تستردوها من المالطيين؟ - هو استشهد كمواطن ليبي لأنه يحمل جواز سفر ليبياً وهم الذين يجب أن يحضروها إلينا. أميركا طلبت من دمشق أن تغلق مكاتب "الجهاد"، لكن دمشق رفضت، ألا تخشى أن يتكرر الضغط على سورية؟ - الضغط موجود باستمرار وهذا مؤشر على ظلم ولاعدالة السياسة الأميركية. نحن نقول دائماً إننا هنا كلاجئين فلسطينيين، فلتتفضل الإدارة الأميركية وتعيدنا إلى وطننا فلسطين وتنتهي المسألة. لكن ألا تعتقد بأن العالم يضيق من حولك وعدد الدول المستعدة لاستقبالك يزداد ندرة؟ هل تخشى أن تتحول إلى طريد؟ - لسنا قلقين على مصيرنا طالما أن باب الشهادة مفتوح. مَن من الشعراء الفلسطينيين أو العرب أنت معجب به أو شاعرك المفضل؟ - أنا قرأت لكثيرين من الشعراء العرب، قرأت السياب، والبياتي، ونازك الملائكة، ومظفر النواب، وصلاح عبدالصبور، وأحمد عبدالمعطي حجازي، وأحمد مطر وغيرهم. وفي فلسطين يعجبني شعر مريد البرغوثي، لكن الشاعر المفضل لدي هو محمود درويش. هذا لا يعني أنه لا توجد تحفظات أو انتقادات لبعض نصوصه. أليس غريباً أن تُعجب بمحمود درويش العلماني؟ - أنا لست معجباً بمحمود درويش العلماني لأن المسألة ليست مسألة ايديولوجيا. أنا معجب بمحمود درويش الشاعر ومتعصب له، وأنا أعتقد بأنه أهم شاعر عربي بعد المتنبي، ولو لم يكن فلسطينياً لمنح جائزة نوبل بدل المرة ثلاث مرات! هناك من يهاجم الغموض في شعر محمود درويش الأخير، ما رأيك؟ - أنا لست ناقداً أدبياً ولا أريد الخوض في تفاصيل هذا الموضوع. لكن الغموض جزء من جمالية القصيدة وصوفيتها عند محمود درويش. وهذا الغموض قد تنفك طلاسمه في لحظة وعي تداهم الإنسان ولا يختارها. أذكر أنني كنت معجباً جداً بقصائد محمود درويش في ديوان "أعراس" منذ صدر، وهو من الدواوين التي بدأ فيها الغموض، وكنت لا أفهم معاني ومدلول الكثير من الأشياء فيه. عندما تحرر الجنوباللبناني ذهبت لزيارة الجنوب ووقفت على السياج أنظر إلى فلسطين وأمامي إحدى المستوطنات التي بدت خالية من السكان. نظرت بالمنظار فشاهدت تفاصيل المكان بوضوح وكان هناك حبل غسيل منشورة عليه ملابس في المستوطنة، بمجرد أن رأيت هذا المنظر لا أدري لماذا خفق قلبي، وفجأة قفزت إلى ذهني أبيات لمحمود درويش أحفظها منذ عشرين سنة، لكنني لم أحس بها وبطعمها الذي أحسسته تلك اللحظة، أبيات قصيدة الأرض التي يقول فيها: خديجة لا تغلقي الباب لا تدخلي في الغياب سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل سنطردهم من هواء الجليل. كنت أتنفس هواء الجليل القادم من فلسطين وأنظر إلى حبل الغسيل وأردد أبيات محمود درويش التي حضرت عند رؤية حبل الغسيل. أنت كإنسان وكشاعر كيف تعيش وماذا تقول في ظل تهديدات شارون لك؟ - أولاً أنا لست شاعراً. أنا أتذوق الشعر. وكتبت شعراً يوماً ما، لكن هناك مقولة تقول: ان تكتب شعراً وأنت في العشرين فأنت شاب وان تكتب شعراً وأنت في الأربعين فأنت شاعر. ونحن دائماً نردد ما كان يقوله الشهيد الشقاقي "حارس العمر الأجل". لكن لدي معلومات أنك كتبت شعراً وأنت في الخامسة والأربعين؟ - كيف عرفت؟ الشريط الذي سمعناه بالأمس، قال الشباب إن بعض قصائده من تأليف الدكتور رمضان. وهي حديثة وعن الاستشهاديين والاستشهاديات. - هذا تسريب معلومات ضاحكاً هذه ليست قصائد بمعنى قصائد، هذه أناشيد كتبها آخرون وأنا أسهمت بجزء منها من باب تكريم الشهداء. وأنا لا أنكر أن القريحة موجودة لدي، لكن لا أقوى على الشعر في زحمة وأعباء ما نقوم به. نحن نقوى بالشعر أمام ما نواجهه من تحديات. والرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يطلب من حسان بن ثابت أن ينشد الشعر ويقول "أهجوهم به يا حسان". يحضرني الآن مقطع قاله أحد الأخوة الشعراء يوماً، عندما اعتقل الدكتور فتحي الشقاقي في مصر، لكنه غادر الشعر مثلي: "لا يعرف العشاق أين سيلتقون في الموت أم في السجن أم في ظل وردة". يا عزيزي نحن نشتهي الموت من أجل أن يتنسم أسرانا الحرية، ومن أجل أن يعيش شعبنا في ظل وردة في فلسطين إن شاء الله.