10.1 تريليونات قيمة سوق الأوراق المالية    1% انخفاضا بأسعار الفائدة خلال 2024    تستضيفه السعودية وينطلق اليوم.. وزراء الأمن السيبراني العرب يناقشون الإستراتيجية والتمارين المشتركة    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    البرهان يستقبل نائب وزير الخارجية    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    قدام.. كلنا معاك يا «الأخضر»    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة    جواز السفر السعودي.. تطورات ومراحل تاريخية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مترو الرياض    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبومازن رئيساً للسلطة وليس لعامة الشعب الفلسطيني
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين يتحدث ل « الرياض »:
نشر في الرياض يوم 23 - 01 - 2005

شكل موت الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات انعطافة هامة في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته المصيرية بسبب الفراغ القيادي والرئاسي الذي أحدثه، ولغياب شخصية فاعلة ومؤثرة تمتلك تاريخ وكاريزما «الختيار» بإمكانه أن تحل مكانه. من هنا أتت الانتخابات الفلسطينية الأخيرة لتحل شيئا من هذا الإشكال، وتعبد الطريق أمام الرئيس الجديد للسلطة الفلسطينية للقيام ولو بجزء من مهام الرئيس عرفات.
هذه الانتخابات رغم أهميتها ليس على صعيد الشعب الفلسطيني وحسب، بل على صعيد المنطقة ككل، إلا أنها لم تشكل توافقا تجمع عليه جميع الفعاليات الرئيسة والفصائل المقاومة على الساحة الفلسطينية، وقاطعها أهم فصيلين معارضين وهما: حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وحركة الجهاد الإسلامي.
مقاطعة حماس والجهاد الإسلامي لا تعني -بحسب قيادات الحركتين- معاداتهما للرئيس المنتخب، أو العمل على مقاطعته أو عدم التعاطي معه، وإنما نتيجة قناعة سياسية تمتلكها القوى المقاومة.
بغية استجلاء المشهد بعيد رحيل أبو عمار، ومعرفة رأي الفصائل المقاومة، التقت «الرياض» بالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور عبد الله رمضان شلح، وكان معه هذا الحوار حول رحيل الرئيس ياسر عرفات، والانتخابات الرئاسية الأخيرة، وعلاقة الحركة بالرئيس المنتخب الجديد محمود عباس أبو مازن، والحوار الدائر هذه الأيام بين أبو مازن والفصائل المقاومة في غزة. وهذا نص الحوار:
٭ بداية، كيف تصف الوضع الفلسطيني بعد رحيل السيد ياسر عرفات؟
- لا شك بأن الساحة الفلسطينية بعد رحيل السيد ياسر عرفات دخلت مرحلة جديدة بكل المقاييس، فهناك قيادة فلسطينية جديدة في أوساط السلطة وأوساط منظمة التحرير وحركة فتح. هناك توقعات سياسية جديدة على اعتبار أن ياسر عرفات كان من وجهة نظر الإسرائيليين والأمريكيين عقبة في طريق التسوية، ولذلك فهم يتوقعون أن غيابه سيفسح المجال أمام البرنامج الذي يحلمون بتطبيقه، والحصول على التنازلات التي كان يرفض أن يقدمها لهم. لذلك نحن مقبلون على مرحلة حساسة، وقد تشهد كثيرا من التطورات الهامة على صعيد مستقبل القضية الفلسطينية.
٭ بالنسبة لكم كحركة إسلامية معارضة لاتفاق أوسلو، هل شكل لكم رحيل أبو عمار مأزقا أم مخرجا وانفراجا. فمن ناحية رحل الرجل القوي والزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني الذي لا تستطيعون شطبه من الساحة. وفي نفس الوقت رحل الرجل الذي شكل نموذجا للصمود والمقاومة وهو محاصر في المقاطعة؟
- أستطيع أن أقول لا هذه ولا تلك، كما أن المسألة لا تخص الجهاد الإسلامي وحسب، بل تخص القضية الفلسطينية ككل. بالنسبة إلى ياسر عرفات نحن اختلفنا معه، ونعتقد كأي سياسي وكأي بشر كانت له أخطاء، ولكن في السنوات الأخيرة نحن نعتقد أن موقفه شكل رافعة للصمود وأسهم في دعم الانتفاضة والتمسك بالثوابت الفلسطينية، ولهذا السبب فنحن نعتقد أنهم قتلوه، وأنه قد سمم وتم التخلص منه.
٭ هذا اتهام منكم يحتاج إلى دليل. كما أنه يطال في ذات الوقت مقربين من أبي عمار. أم أنه مجرد تخمين يقوم على الظن فقط؟.
- نحن لا نتهم أي طرف فلسطيني، والطرف الوحيد الذي له مصلحة في تغييب ياسر عرفات عندما تمسك بالثوابت هو العدو الصهيوني.
٭ لكن هذا يعني أن هنالك اختراقا للجهاز الأمني المحيط بعرفات، وإلا فكيف سُمم ووصل السم إلى طعامه؟!
- هذه تفاصيل من واجب السلطة الفلسطينية وحركة فتح بحثها، وتشكيل لجنة تحقيق حتى يصلوا إلى الحقيقة ويعلنوها إلى الشعب الفلسطيني.
٭ أنتم من جهتكم هل قدمتم أي معلومات أو تفاصيل في هذا الصدد؟
- نحن لسنا على علاقة وثيقة بهذا الملف حتى نقدم أية معلومات، طرف الخيط يبدأ بالدائرة المحيطة بياسر عرفات، وحركة فتح، والسلطة الفلسطينية.
٭ كلامك يستبطن مطالبة بدم ياسر عرفات، وكأنكم ترفعون قميص عثمان، في حين أنكم في فترة سابقة كان أبو عمار يمثل لكم الشخص الذي فرط في الثوابت وتنازل عن البندقية في حياته، وبعد مماته تتحدث أنت شخصيا في تصريح سابق لك عن «أمانة ياسر عرفات» التي يجب الحفاظ عليها والتي هي «المقاومة»، أليس في ذلك ضرب من البرغماتية والنفعية في التعاطي مع الشخص والحدث؟.
- أولا أنا أرفض مصطلح «قميص عثمان» في الحديث عن قضية أبو عمار طالما انك ملم بأنني قلت إن المقاومة هي أمانة أبو عمار، فالمقاومة بالنسبة لنا ليست قميصا، لأنها قضية حياة أو موت بالنسبة للشعب الفلسطيني، وعندما يقتل قائد وزعيم بحجم ياسر عرفات على يد الصهاينة، أو يكون هناك شبهات حول دور للعدو في موته، فنحن لسنا أمام قميص عثمان، وإنما أمام قضية حقيقية يستدعي على الشعب الفلسطيني المطالبة بها.
٭ ليست المقاومة هي تركة عرفات الوحيدة، وإنما سلام الشجعان أيضا، فيما أنتم أخذتم البندقية وألقيتم غصن الزيتون. لمَ هذه الانتقائية؟!
- لهذا السبب أنا قلت نحن مختلفون مع ياسر عرفات، كما أننا لا يمكننا أن نصل لحالة اتفاق 100٪، نحن نقول الأخوة في فتح لهم اجتهادهم ولهم خيارهم، ونحن لنا خيارنا واجتهادنا المنسجم مع خيار الشعب الفلسطيني، خصوصا بعد أن وصلت التسوية إلى طريق مسدود.
٭ هل ستستمر طريقتكم في التعامل هذه حتى مع الرئيس الفلسطيني الجديد السيد محمود عباس أبو مازن؟.
- بناء على السياسات والمواقف التي سيتخذها خليفة ياسر عرفات ستتحدد مواقفنا.
٭ أبو مازن في برنامجه الانتخابي كان واضحا، وضمن هذا البرنامج العودة إلى طاولة المفاوضات كمخرج للأزمة الحالية، وإنهاء عسكرة الانتفاضة. أنتم كيف ستتعاطون مع هذا البرنامج؟.
- أولا بالنسبة لعسكرة الانتفاضة، نحن لا نقبل بهذا الوصف وهذا المصطلح. فالشعب الفلسطيني ليس لديه جيش جرار، ولا أسلحة ثقيلة، ولا أسلحة دمار شامل، في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل. وإنما استطاع من لا شيء أن يطور إمكاناته البسيطة في الدفاع عن نفسه أمام آلة الحرب الجهنمية. أما الإسرائيليون فيقتلون الرجال والنساء والأطفال، والشعب الفلسطيني الأعزل ينحت في الصخر كي يستطيع أن يحقق نوعا من توازن القوة المتواضع مع هذا العدو، لذا ليس من المقبول وصف إبداع الشعب الفلسطيني بمصطلح كالعسكرة الذي يستبطن الإدانة، وكأن هذا الشعب هو الأقوى وهو المعتدي ومن يمتلك السلاح الأعتى والأقوى في هذه المعركة.
٭ لكن 62,3٪ من الشعب الفلسطيني صوت إلى أبو مازن الذي يطالب بوقف عسكرة الانتفاضة، بمعنى أن هنالك تفويضا له في هذا الأمر..
- أولا، لا أريد الخوض في قضية النسب، لأن نسبة 62٪ ممن صوتوا لأبي مازن هي ممن شاركوا في الانتخابات، وليس من عموم الشعب الفلسطيني. كما أن نسبة المشاركة على أعلى التقديرات لم تتجاوز 45٪ من مجمل من يحق لهم التصويت، وهذه ليست هي القضية التي أود الحديث عنها. إن الذين شاركوا في الانتخابات وصوتوا إلى أبو مازن، إنما صوتوا لسد الفراغ الذي حدث بعد غياب ياسر عرفات، ومن أجل اختيار خليفة له. من هنا يجب أن ندرك أن هدفا أساسيا لهذا الانتخاب يرتبط بحرص هذا القطاع على ترتيب البيت الفلسطيني وعدم حدوث شرخ فيه. جميع هؤلاء الذين صوتوا لأبو مازن كانت حاضرة لديهم شخصية ياسر عرفات المقاوم والصامد والمحاصر في المقاطعة، ولديهم رهان في أن يأتي أبو مازن وأن يشغل مكان عرفات ويلبي طموحات الشعب الفلسطيني ويشتغل وفق رغباته، لا أن يأتي ليشتغل وفق رغبات بوش أو شارون أو الإسرائيليين. إن جزءاً أساسياً مما تسميه تفويضا له علاقة بتطلعات الجمهور الفلسطيني إلى السيد أبو مازن أن يملأ الفراغ الذي تركه السيد ياسر عرفات على كافة الصعد والمستويات.
٭ الذي يفهم من كلامكم أن هذا التفويض يعد ناقصا!.
- حقيقة، أنا مجازا أستخدم مصطلح «التفويض»، لأن الشعب الفلسطيني في حالة قيل مثلا أنه أعطى ياسر عرفات وفريق أوسلو تفويضا لتوقيع هذا الاتفاق، -رغم أننا لم نسمع بهذا التفويض، ولم نشهد استفتاءً في أوساط الشعب على أنه موافق أو غير موافق على اتفاق أوسلو،- وعندما أصبح هذا الاتفاق واقعا، تعاطى معه الشعب في الداخل في القطاع وغزة وصبر لسنوات، ولكن عندما لم يحصل الشعب على شيء من حقه ثار في انتفاضته التي يقدم فيها التضحيات تلو التضحيات، والآن يقال إن الشعب الفلسطيني أعطى تفويضا لشخص ليغلق ملف الانتفاضة بدون انجاز، أو مقابل، أو انتصار، أو ثمن سياسي، من يصدق أو يقول أو يقبل بذلك!!.
٭ كلامك هذا أليس فيه انتقاص من قيمة الانتخابات، والتي أعطت مثالا على النزاهة العالية والتجربة الديموقراطية التي شهد لها الجميع، ووصفها البعض بأنها أنزه انتخابات عربية على الإطلاق؟.
- الحديث عن الانتخابات بهذه الطريقة فيه نوع من الابتعاد عن الحقيقة وأصل المشكلة بالساحة الفلسطينية. إن الوضع في فلسطين مختلف عن أي بلد في العالمين العربي والإسلامي. في العالمين العربي والإسلامي دول وكيانات قائمة بها شعوبها التي تعيش على أرضها، وتمارس سيادتها. كونها تستطيع أن تختار حكوماتها أو أن لا تختار، فتلك مسألة داخلية تتعلق بالحريات وشكل الحكم. أما في فلسطين فليس هناك وطن، ليس هنالك أرض، ليس هنالك دولة. المشكلة أن الأرض مغتصبة، وهنالك احتلال جاثم عليها. أنا لم أسمع عن ديموقراطية وحرية يمكن أن تمارس قبل التخلص من الاحتلال!. نحن نريد انتخابات ونريد ديموقراطية، والشعب الفلسطيني يستحق انتخابات وديموقراطية حقيقية، ولكن أي انتخابات؟. نحن نريد انتخابات تجري على أرض محررة، ويشارك فيها كل الشعب الفلسطيني، وليس فقط ثلثه الموجود في القطاع وغزة. أكثر من 5 ملايين موجودون في الشتات لا علاقة لهم بهذه الانتخابات. نحن نريد انتخابات تجري بناء على إرادة الشعب الفلسطيني، وليس بناء على مطلب الاحتلال وحاجته لحفظ أمنه. نحن بحاجة إلى انتخابات محكومة بمصلحة الشعب الفلسطيني، وليس بسقف اتفاق أوسلو. ولا ننسى أن الانتخابات، بل حتى السلطة الفلسطينية صُممت لتنفيذ اتفاق أوسلو، وهذا الاتفاق يتنازل عن 80٪ من مساحة فلسطين الحقيقية، ويدخل في مغامرة غير محسوبة النتائج في 20٪ الباقية. الآن الذين يتحدثون عن الديموقراطية والجو الانتخابي الحر، يريدون منا أن ننسى ال 80٪ من أرض فلسطين، وأننا نخوض ضربا في المجهول، كالضرب في الرمل أو قراءة الكف فيما يتعلق بالباقي، يريدوننا أن ننسى 5 ملايين فلسطيني لا أحد يتحدث عنهم!. إنني أتساءل: كيف يمكن أن تسمي هذه الانتخابات انتخابات ديموقراطية والاحتلال يغادر لساعات من هذه المدينة أو تلك، من أجل أن يتم هذا الإجراء الذي تريده أمريكا وإسرائيل، ثم بعد ساعات وقبل أن ترجع الناس إلى بيوتها ترجع الحواجز الإسرائيلية والجيش الذي يحتل الضفة الغربية وقطاع غزة!.
٭ لا أحد يدعي، ولا حتى السيد أبو مازن بأن هذه الانتخابات هي السقف والإنجاز الكبير الذي لا يعلوه شيء. ولكن أليست هي خطوة في الاتجاه الصحيح نحو ترتيب هذا البيت بدلا من الفوضى المستشرية فيه؟.
- ليس هنالك فوضى. الفوضى موجودة في بيت من يصفون الانتفاضة بالفوضى.
٭ إذن ماذا تسمي فوضى السلاح والاغتيالات؟
- فوضى السلاح والاغتيالات اسأل السلطة من المسؤول عنها. حادثة الخيمة التي حدثت يوم زيارة أبو مازن إلى غزة، هذه ليست مسؤولة عنها فصائل المقاومة، هذه حدثت في البيت الفتحاوي والسلطوي. حوادث الاغتيالات التي حدثت لشخصيات ولصحافيين في غزة ليست مسؤولة عنها لا حماس ولا الجهاد ولا أي فصيل مقاوم، ولتسأل عنها السلطة وأجهزة الأمن.
٭ وحوادث الإطلاق العشوائي لصواريخ القسام وغيرها على المستوطنات الإسرائيلية والتي تجرح أو تهشم زجاج منزل أو تقتل مستوطنا في أحسن الأحوال، والتي يقابلها قصف بالطائرات الإسرائيلية ومقتل عشرات المدنيين الفلسطينيين، من المسؤول عن هذه العشوائية؟.
- هذه المسألة تخص طرائق وأسلوب المقاومة ومن الممكن التحاور بشأنها بين الفصائل، ولكن هذا الحوار حول الوسيلة الأنجع يجب أن لا يمس مبدأ المقاومة، خاصة أننا نقود معركة ميزان القوى فيها مختل لصالح العدو، فهو يملك القوة والسلاح الحديث والدبابات. ولو فكرنا منذ البداية أن العدو سيرد بقوة وبقسوة، لما فكر أي شعب في العالم في مقاومة الاحتلال.
٭ لو عدنا لعسكرة الانتفاضة -رغم رفضك لهذه التسمية- أو سمها ما شئت، ألا ترى أن اقتصار الانتفاضة على السلاح، وإبعاد خيار المقاومة السلبية والمدنية عبر الاعتصامات والاحتجاجات السلمية التي يدعمكم فيها نشطاء سلام غربيون، ألا ترى أن البندقية أبعدت كل هؤلاء وجعلت الانتفاضة مقتصرة على فئة قليلة من المقاومين المسلحين؟.
- شكل الانتفاضة الراهن فرضته الظروف الميدانية، لعدم وجود تماس واحتكاك مباشر مع الاحتلال كما كان في الانتفاضة الأولى، هذا من ناحية، ونتيجة للقسوة والعسكرة التي مارسها العدو في الرد على الانتفاضة التي بدأت بشكل احتجاجات سلمية وتحركات جماهيرية. وأنا هنا أذكر القارئ الكريم، أن الانتفاضة استمرت لشهرين ولم يكن هنالك أي عملية استشهادية لا من حماس ولا من الجهاد الإسلامي، وأن جمهور فتح والسلطة والشعب الفلسطيني كان يصرخ أين حماس والجهاد! وأين عملياتهم العسكرية والاستشهادية حتى يردعوا هذا الغول الكاسر، وعندما تحرك الشعب الفلسطيني ورد العدوان ودافع عن نفسه حقق نتائج مذهلة. إنني أتساءل ماذا ينتظر دعاة «عسكرة الانتفاضة»؟»، هل ينتظرون أن يقتل منا أكثر من 3000 شهيد والإسرائيلي لا يدفع أي ثمن لذلك. هذه الانتفاضة قتل فيها أكثر من 1000 إسرائيلي، وهو عدد أكثر حتى من بعض الحروب النظامية، وهو إيلام حقيقي للعدو الإسرائيلي، شعر به كل بيت داخل كيان العدو، ودون أن ننقل هذه المرارة إلى عمق الكيان الصهيوني لن يفكر في أن يقدم أي تنازل أو أن يعطينا أي شيء من حقوقنا. إن حقوق الشعوب تعطى مجانا، كما أن الدول لا تهدى.
٭ لو عدنا بالحديث مرة أخرى إلى شخص الرئيس الجديد للسلطة الفلسطينية أبو مازن، ألا ترون أنكم وفصائل المقاومة الأخرى ومن خلال تكثيف العمل العسكري قد استعديتم الرجل قبل أن يبدأ أولى خطواته، بل حتى قبل أن يؤدي اليمين الدستورية ويقسم على القرآن الكريم، لماذا كل هذه العجلة؟ وكأنكم كنتم تنتظرون إقفال آخر صندوق انتخابي لتبدأون عملياتكم؟.
- نحن لم نستعد أبو مازن، والعمليات تتعلق بظروف ميدانية ترتبط بعمل المجاهدين أنفسهم. وبالمناسبة علاقتنا بالأخ أبو مازن علاقة جيدة، ونأمل في أن نستثمرها في مصلحة الشعب الفلسطيني.
٭ إذا كانت العلاقة جيدة كما تقول، فكيف نفهم تصريح الدكتور محمود الهندي الذي اعتبر فيه أبو مازن رئيسا للسلطة الفلسطينية وليس للشعب الفلسطيني؟.
- هنالك شيء يجب أن يفهم، وهو أن السلطة الفلسطينية ليست هي كل شعب فلسطين، بل ليست هي كل النظام السياسي الفلسطيني. أبو مازن انتخب رئيسا للسلطة، وهناك منظمة التحرير، وهناك الفصائل الفلسطينية، وبعضها له حضور قوي في الشارع الفلسطيني وليس منضويا في منظمة التحرير أو السلطة، وهناك قوى المجتمع المدني بعناوينها المختلفة، ولذا فإننا لا نستطيع أن نقول ان السلطة هي معادل موضوعي لكل النظام السياسي الفلسطيني.
٭ بالرغم من موضوعية كلامك، ألا ترى أن مثل هذه التصريحات من شأنها أن تعكر الأجواء بينكم وبين أبو مازن وتثير شيئا من الحزازيات التي لن تصب في المصلحة الوطنية الفلسطينية؟.
- لا أعتقد ذلك، لأن أبو مازن ذاته يدرك هذه الحقيقة، كما أنه لم يطرح نفسه رئيسا للشعب الفلسطيني. حتى ياسر عرفات، مسألة الرئاسة كانت مسألة اعتبارية لها علاقة بتاريخ الرجل النضالي.
٭ كيف ستتعاملون مع دعوة أبو مازن قادة الأجهزة الأمنية إلى ضبط الأمن أو الاستقالة فورا. ودعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى وقف أعمال المقاومة المضرة بمصلحة الشعب الفلسطيني؟.
- هذه المسألة سيتم النقاش والتحاور حولها في اللقاء بين أبو مازن والفصائل الفلسطينية.
٭ هل من الممكن أن تقبلوا بهدنة أو وقف مؤقت من جهتكم لإطلاق النار إذا ما طلب منكم أبو مازن ذلك؟
- هذا الموضوع في السابق كان لنا معه تجربة عملية، بمعنى أنه قابل للنقاش. التجربة السابقة أثبتت أن المشكلة ليست في فصائل المقاومة، وإنما في الاحتلال الإسرائيلي، وهو الذي قوض الفرصة السابقة، وبالتالي فأي كلام في هذا الموضوع لن يتم بمعزل عن التجربة السابقة.
٭ بشكل مباشر، هل الموضوع قابل للنقاش أم أنه محسوم من قبلكم، بمعنى أن الهدنة غير واردة أصلا في هذا الوقت؟.
- الشيء غير الوارد بالنسبة لنا هو الحديث عن الهدنة المجانية، بمعنى أنه ليس هنالك وقف لإطلاق النار دون ثمن.
٭ ما هو الثمن المطلوب لهذه الهدنة؟.
- هذا يمكن النقاش حوله في حوار السلطة والفصائل.
٭ إذا أصر أبو مازن على وقف البندقية دون الثمن الذي تريدونه، إلى أين ستصل الأمور؟ هل ستنصاعون لأوامره، أم ستتصادمون معه؟
- إلقاء البندقية ووقف الانتفاضة بدون ثمن أمر لا أظن أن هنالك فلسطينيا يقبل به، كما أنه لا يمثل خيار الشعب الفلسطيني، ونحن نحتكم إلى الشعب الفلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.