اثارت اعتداءات 11 ايلول فزع العالم. وفي مقر الاممالمتحدة في نيويورك تابعنا تلك الأحداث عن قرب. فقد أكثر من 80 من الدول الاعضاء في المنظمة الدولية مواطنين في مركز التجارة الدولي. لكن الاحساس بالوحدة وسط اعضاء الاممالمتحدة امتد على نطاق اوسع من ذلك بكثير. ادركنا جميعاً ان التهديد الذي يمثله الارهاب الدولي هو تهديد لنا جميعاً. لا يوجد بلد في منجىً من هذا الخطر. ولن يكون أي بلد في مأمن ما لم نتحرك كلنا. كان رد الاممالمتحدة فورياً وبالاجماع وعلى نحو لم يسبق له مثيل. في غضون 24 ساعة تبنت الجمعية العامة ومجلس الأمن بالاجماع قرارات تدين الاعتداءات. وفي 28 أيلول سبتمبر، صادق مجلس الأمن على القرار 1373 وانشأ "لجنة مكافحة الارهاب" للمساعدة على تنظيم جهد عالمي جماعي لمكافحة الارهاب. كانت الحكومات على دراية بمضامين المعاهدات الدولية ال12 بشأن لجم الارهاب، لكن لم تتحرك سوى قلة منها لتنفيذ هذه المعاهدات. ودعاها القرار 1373 الى اتخاذ اجراءات فاعلة فوراً. كان المطلوب هو موقف شامل ومنهجي، وقبل كل شيء على مستوى عالمي، لمعالجة التهديد الذي يصعب التنبؤ به وتمثله تنظيمات مثل "القاعدة". تتمثل وظيفة "لجنة مكافحة الارهاب"، التي اتولى رئاستها، في مراقبة تنفيذ القرار 1373. وتتألف اللجنة من كل الاعضاء ال 15 لمجلس الأمن - ولذا فإن مناطق العالم كلها ممثلة فيها- ومن ضمنهم دولة عربية واحدة هي سورية. أدركت اللجنة فوراً اننا بحاجة الى ان نعمل بشفافية وبالتعاون مع كل اعضاء الاممالمتحدة. لذا تعقد اللجنة اجتماعات منتظمة معهم ومع الجماعات الاقليمية. أكدنا بوضوح تام ان اللجنة ليست جهة مشرّعة او جهازاً يتولى تطبيق القانون، فهذه هي مهمة الدول. كما ان اللجنة لن تصدر لوائح بالمنظمات الارهابية او تسعى الى تعريف الارهاب. فالارهاب، بالنسبة الى اللجنة، هو ما يقرر اعضاؤها بالاجماع انه ارهاب. وفي غالبية الحالات لن نجد أي صعوبة في التوصل الى ان عملاً معيناً من اعمال العنف المتعمدة والعشوائية ضد اشخاص ابرياء هو ارهاب. وعندما يبرز خلاف سياسي حول طبيعة عمل عنفي يتعيّن عندئذ التعامل مع المسألة في السياق السياسي المناسب. ويمثل النزاع في الشرق الاوسط على الأرجح المثال الصارخ على ذلك. وكانت المملكة المتحدة دعت، مثل كل اعضاء مجلس الأمن، الى وضع حد لأعمال العنف هناك، وبشكل خاص العنف ضد المدنيين على كلا الطرفين. المطلوب هو حل سياسي شامل ودائم. لكن لا يمكن تحقيق ذلك عبر عدسة القرار 1373 أو لجنة مكافحة الارهاب. يدور القرار 1373 حول ضمان امتلاك كل الدول الادوات اللازمة للتعامل مع الارهاب على أراضيها. وهو يقضي بأن تقوم كل الدول الاعضاء في الأممالمتحدة بمنع كل اشكال الدعم المالي للجماعات الارهابية، ووقف توفير ملاذ آمن او الاسناد والدعم للارهابيين، وتقاسم المعلومات مع بقية الحكومات عن أي جماعات تنفذ او تخطط لاعمال ارهابية. وتتحمل كل حكومة المسؤولية عن ضمان الاّ تكون هناك أي حلقة ضعيفة في السلسلة. فتأمين حماية مناسبة ل95 في المئة من بقاع العالم ليس كافياً اذا كانت ال 5 في المئة المتبقية ستتمكن من رعاية وحماية وإمداد الارهابيين وتمويلهم. ويطلب القرار 1373 من كل حكومة ان تجري تقويماً لقوانينها القائمة واجراءاتها الأمنية، وان تكافح الارهاب، وان تدرس اية متطلبات اضافية. ويتعيّن على الحكومات ان ترفع تقارير منتظمة الى لجنة مكافحة الارهاب. وتلقت اللجنة حتى الآن تقارير من 170 دولة. وتظهر هذه التقارير بوضوح ان عدداً كبيراً من الدول أجرء مراجعة لقوانينه وطورها كي تتماشى مع القرار 1373. ويمكن للجنة ان تساعد بتحديد مواقع القوة والضعف في تنفيذ كل دولة للقرار 1373، وتقديم اقتراحات عملية لتعزيز ادائها، وتشجيع تحسين التعاون الاقليمي والدولي، وتمكين الدول التي تحتاج الى مساعدة، في صوغ قوانين أو تحسين الضوابط المالية مثلاً، من الاتصال بالجهات التي يمكن ان تقدمها لها. يمكن للجنة ايضاً ان تساعد على إدامة الزخم في ما يمثل تحدياً بعيد الأمد. فالتهديدات التي يطرحها الارهاب ستتطور، كما ستتطور تجارب الدول في مكافحته. ولا أتوقع ان تتمكن اللجنة من التصريح بأن أياً من الدول الاعضاء نفذ القرار 1373 بنسبة 100 في المئة. لقد شبّهتُ دور اللجنة بدور مدرب اللياقة البدنية: تثبيت مطالب صعبة ومؤلمة، لكنها مطالب ستجعلنا أقوى وتنقذ حياة كثيرين. وآمل بأن تتحرك كل الدول العربية بنشاط لدعم هذا الموقف. رئيس لجنة مكافحة الارهاب التابعة لمجلس الأمن وممثل المملكة المتحدة الدائم لدى الأممالمتحدة.