الألعاب الاقليمية الثالثة لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، مناسبة رياضية مميزة لذوي الحاجات الخاصة، ينظمها الاولمبياد الخاص اللبناني، وقد انطلقت فاعلياتها امس وتستمر حتى 7 الجاري، بمشاركة 400 لاعبة ولاعب من 16 دولة، يرافقهم 200 مدرب واداري وموفد رسمي، وستشمل المنافسات ألعاب القوى والسباحة وكرة القدم وكرة السلة وكرة الطاولة. وهذه الشريحة من المشاركين اعطت الرياضة بعداً خاصاً ومعنى انسانياً مختلفاً، ولا سيما انهم اصروا على حياة طبيعية وهزموا المعوقات واخترقوا حواجز كثيرة، اجتماعية بالدرجة الاولى، ليثبتوا جدارتهم على ملاعب العافية. وتعتبر الألعاب الرياضية بالنسبة الى القائمين على هذا المشروع الرائد ادوات تحفيز تتخطى المعاني التنافسية بمفهومها التقليدي، وبالتالي فهي نافذة انطلاق الى انخراط اكبر وأوسع في المجتمع في شكل مريح، وبخطوات تدعو الى الاعجاب والتقدير، وتغيّر مفاهيم سائدة كثيرة. والعاملون المتطوعون في هذه الانشطة التي تأسست وانطلقت فكرتها على يد الاميركية يونيس كينيدي شرايفر، شقيقة الرئيس الراحل جون كينيدي، عام 1968، وضعت في اولى اولوياتها توفير التدريب الرياضي الملائم وتنظيم المسابقات للأطفال والبالغين ذوي الاعاقة الذهنية، ومنحهم الفرصة لتنمية مقدراتهم البدنية وابراز مهاراتهم، فضلاً عن توثيق علاقاتهم الانسانية والاجتماعية بالآخرين. واليوم، وبعد مرور 34 عاماً، تحول الاولمبياد الخاص برنامجاً عالمياً يضم زهاء 150 دولة، ويشارك فيه اكثر من مليون رياضي، وتعد الألعاب العالمية ابرز التظاهرات التي ينظمها كل اربعة اعوام، على غرار الألعاب الاولمبية. وقسّم الاولمبياد الخاص العالم سبع مناطق، من بينها منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، التي تضم 20 دولة، ووضع بروتوكول بين اللجنة الاولمبية الدولية واللجنة الاولمبية الخاصة، ينص على استقلالية الاولمبياد ونشاطاته. وتجرى الألعاب الاقليمية كل عامين، وكانت الدورة الاولى اقيمت في القاهرة عام 1998، والثانية في المغرب عام 2000. في هذا العالم "النموذجي" في علاقاته وارتباطاته، يقوم المشرفون بمتابعة دؤوبة للمشاركين بدءاً من الاختيار، مروراً بالأداء العشوائي وصولاً الى الأداء المنتظم والسلوكية الفنية المؤدية الى الانتصارات والانجازات، وذلك عبر توفير التدريب وتنمية المهارات، وإظهار الشجاعة والشعور بالزهو، ويؤدي هذا التفاعل الى تدعيم العلاقات الانسانية - وهي العنوان الاساس - بين "الرياضيين" وعائلاتهم وبين بعضهم بعضاً والمجتمع ككل. وتوفر هذه الانشطة التي تتوافق مع الكفايات العقلية والجسدية التركيز على زيادة الفهم الاجتماعي للمعاقين على انهم مساوون لأقرانهم ولذا يجب تقبلهم واحترامهم، وهي تصنف قدرات المشاركين وتؤمن بالتالي تنافساً بين القدرات المتساوية. وأدت هذه "الرسالة" الى تغيير في المفهوم العام للسلوكيات الاجتماعية، فكم من شخص كان يعتبر مصدر احراج لذويه وعبئاً عليهم بات موضع فخر لهم، اذ ساهمت انشطة الاولمبياد الخاص في اكتشاف مزاوليها ذواتهم وحسست اهلهم بالطاقات الكامنة فيهم. وتتطور البرامج لتوقظ الطموح عند المشاركين ليحسّنوا انجازاتهم، وتتيح لبعضهم عبر التدريب ان يصبح مساعد مدرب او مساعد حكم. ومن علامات نجاح الاولمبياد الخاص ادراج الألعاب الموحدة التي يشارك فيها لاعبون اسوياء وذوي حاجات معاً، وتعاون عدد من المدارس والجمعيات مع الاولمبياد الخاص اللبناني، الحائز على جائزة افضل برنامج من اللجنة الدولية، على اساس مساهمة فريق من تلامذتها وأعضائها في تدريب ذوي الحاجات وتعويدهم على العمل الجماعي. ولعل اصدق مثال على نجاح هذه الخطوة وريادتها اجماع المدربين والمسؤولين المتطوعين على "صدق هذا العالم الذي لا يعرف الرياء والانانية والغيرة، ويحفظ الجميل ويقّدر الغير، المنافسات بالنسبة اليه تعاون بناء وإلفة دائمة، والاخلاص والوفاء اقنوما حياة، انهم باختصار سكان المدينة الفاضلة".