الخرطوم، اسمرا - "الحياة" - يواجه السودان خطر تجدد الحرب الاهلية على نطاق واسع، خصوصاً في الجنوب، بعد اعلان انسحابه من مفاوضات السلام مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" في مشاكوس، وبعد إعلان الرئيس عمر البشير التعبئة العامة والاستنفار الشامل، وتهديد الجيش السوداني بحرب شاملة على كل الجبهات واعتباره ان "الحركة" التي يتزعمها العقيد جون قرنق ستظل تُعامل "كحركة تمرد" ما لم توقع اتفاق وقف اطلاق نار معه. وجاء هذا الرد من جانب الخرطوم إثر استيلاء "الحركة الشعبية" على مدينة توريت الاستراتيجية في الجنوب اول من امس. راجع ص 6 ولفت المراقبين بيان الجيش السوداني الذي اشار الى تحذيراته السابقة من التوقيع على "بروتوكول مشاكوس" مع العقيد جون قرنق وإعلانه انه التزم القرار السياسي، في حينه، لخلق مناخ موات للسلام. ووجد موقف الجيش دعماً من البشير الذي اعلن، بعد ساعات من بيان الناطق باسم القوات المسلحة، التعبئة العامة والاستنفار الشامل. وطلب من وفده الى المفاوضات العودة الى الخرطوم فوراً. وقال مساء امس امام حشد كبير في تأبين احد انجال قيادي في الحزب الحاكم توفي في توريت، انه "اطلق يد الجيش لاستخدام قواته في كل مناطق العمليات". وكان البشير اجتمع مع قادته العسكريين في حضور وزير الدفاع اللواء بكري حسن صالح، وبحث في الوضع العسكري. وقال الناطق باسم الجيش الفريق محمد بشير سليمان إنه تقرر أن تستمر "القوات المسلحة فيما كانت تخطط له بعد تداعيات الموقف لتجاوز هذه المرحلة بعمل متكامل لن يمكن الحركة من تحقيق غاياتها التي أعلنتها". وهدد "الحركة الشعبية" بعمليات شاملة، وقال: "نؤكد للخائن جون قرنق والعملاء الذين يقاتلون معه ان القوات المسلحة ستعالج هذا الأمر وستلقنه درساً لن ينساه حتى يدرك أن الحرب والقتال لن يحققا له الأهداف التي يرمي إليها". وأبلغت مصادر قريبة من المتفاوضين في مشاكوس "الحياة" أمس ان وفد الحكومة انسحب من جلسة المحادثات المباشرة امس بين الطرفين والتي كان من المقرر ان تبحث في ورقة عن اقتسام السلطة عرضها وسطاء "السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف" في شرق افريقيا ايغاد وشركاؤهم الغربيين الولاياتالمتحدة وبريطانيا وايطاليا والنرويج. واشاروا الى ان الوسطاء يجرون مشاورات بين الطرفين لاحتواء الازمة التي نشبت بعد استيلاء قوات قرنق على مدينة توريت ثاني اكبر مدن جنوب السودان. لكن الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان اكد في اتصال هاتفي اجرته "الحياة" بنيروبي، ان "الحركة لم تتلق اخطاراً رسمياً من الوسطاء، وسمعت بمقاطعة الوفد الحكومي من اجهزة الاعلام". واشار الى وجود مشاورات بين الوسطاء والاطراف و"ان المشاورات هي جزء من عملية التفاوض"، معرباً عن رغبة في مواصلة المفاوضات. لكنه هدد بالرد على اي هجوم حكومي عسكري معتبراً اعلان الخرطوم التعبئة العامة "كشف لنيات النظام الحقيقية ورغبته في الحسم العسكري".