قالت 400 شركة اسبانية عاملة في المغرب انها تضررت من الخلاف المغربي - الاسباني الذي نشب قبل نحو عامين ومن استمرار تعثر الطرفين في الوصول الى صيغ مقبولة للقضايا العالقة بين البلدين، مثل الصيد البحري والهجرة السرية والمناطق الحدودية والتجارة. قدمت الشركات الاسبانية شكاوى مكتوبة حول الخلاف مع المغرب وانعكاساته على العلاقات التجارية والاقتصادية الى الحكومتين المغربية والاسبانية، قائلة ان المناخ السياسي الذي يخيم حالياً على العلاقات الثنائية لا يسمح بتطوير الاعمال وتنمية المشاريع المشتركة. واشتكت الشركات من تراجع نصيبها من عقود العمل التي تحصل عليها من القطاع العام المغربي منذ اندلاع الازمة مع اسبانيا، اذ بات الجانب المغربي يفضل الشركات الاميركية والاوروبية المنافسة وخصوصاً الفرنسية. وطلبت من حكومة رئيس الوزراء خوسي ماريا ازنار اخذ مصالح القطاع الخاص الاسباني في الاعتبار في علاقاته مع المملكة المغربية. ووجهت انتقاداً الى الطريقة التي تدار بها المفاوضات مع المغرب واعتبرتها غير سليمة وتغيب عنها اللباقة، في اشارة الى التدخل المتزايد للعنصر العسكري في ادارة الازمة مع المغرب. وتعمل نحو 800 شركة كبرى ومتوسطة الحجم في المغرب في قطاعات الاتصالات والنقل والسياحة والصناعة والتجارة والاشغال الكبرى وخدمات الماء والكهرباء. ويقدر حجم التجارة البينية بين البلدين بنحو 2,5 بليون دولار سنوياً ويصل الى سبعة بلايين دولار عند احتساب تجارة التهريب التي تمر عبر سبتة ومليلية المحتلتين. وتتخوف الشركات الاسبانية من ضياع فرص عقود في المغرب تصل قيمتها الى مئات الملايين من الدولارات في قطاعات البنى التحتية والاشغال والاتصالات والطاقة. وشاركت شركات اسبانية مطلع الاسبوع، ضمن وفد ضم شركات مقاولات دولية، في تقديم عروض لبناء مرفأ تجاري دولي في طنجة على البحر الابيض المتوسط كلفته بليون دولار، في محاولة للبقاء داخل السباق. وتعتقد الشركات الاسبانية انه طالما استمرت الازمة فان حظوظها ستظل ضعيفة في المشاركة في المشروع، خصوصاً لان مدريد نوهت للرباط ان بناء المرفأ بجوار ميناء سبتةالمحتلة هو من الاسباب غير المعلنة للأزمة. وكانت شركة "ريدال" الاسبانية البرتغالية تخلت عن حصصها في ادارة خدمات الماء والكهرباء في العاصمة الرباط لشركة "فيفاندي" الفرنسية. كما حرمت شركة النفط الاسبانية "ريبسول" من عقد التنقيب عن النفط في سواحل المغرب الجنوبية بسبب خرقها قانون البحار واجراء عمليات تنقيب في سواحل جزر الخالدات في جنوب المحيط الاطلسي. وتعتقد الاوساط الاقتصادية الاسبانية ان الازمة مع المغرب باتت مضرة للاقتصاد الاسباني الذي تكبد خسائر في الارجنتين والبرازيل كلفت شركاته بلايين الدولارات. وانتقد حوالى 2000 من رجال الاعمال والمثقفين والفنانين والصحافيين الاسبان موقف بلادهم من العلاقات مع المغرب وتم تحميل مدريد مسؤولية فشل لقاء كان مرتقباً مطلع الاسبوع بين وزيري الخارجية محمد بن عيسى وانا بلاسيو. وجاء في مذكرة رفعت الى الحكومة الاسبانية ان مدريد باتت تشعر بالعزلة حتى داخل الاتحاد الاوروبي بسبب موقفها "المتعالي" مع المغرب وتسخير قضايا جانبية لاثارة رد فعل الرباط. واعتبر بعض الموقعين على العريضة في تصريحات تلفزيونية مطلع الاسبوع الجاري ان حكومة خوسي ماريا ازنار اليمينية تتخد مواقف متطرفة قريبة من سلوك استعماري متقادم وهي تجاري مواقف رئيس الحكومة الايطالية برلوسكوني في موضوع الهجرة السرية ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في التعامل مع الاطراف العربية من دون اعتبار لخصوصية المغرب وعلاقاته المتميزة مع الاتحاد الاوروبي الذي يسعى بدوره الى علاقات طيبة مع المغرب. وتعتقد بعض المصادر انه منذ احداث 11 ايلول سبتمبر تغير الموقف الاسباني كلية تجاه المغرب وبات التهديد باستخدام القوة العسكرية يطغى على المفاوضات الثنائية اجتماع واحد في السنة. وتشكك بعض الاوساط الديبلوماسية في الرباط في ان تكون الحكومة الاسبانية تحت ضغوط من المتطرفين داخل وزارة الدفاع الاسبانية، وهو الموقف الذي باتت تعارضه الشركات الكبرى والقطاع الخاص الاسباني خوفاً على مصالحها في الضفة الجنوبية للبحر الابيض المتوسط واحتمال خروج بعضها من المنطقة على غرار ما حصل في اميركا اللاتينية.