قالت مصادر أوروبية ان الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الارجنتين باتت تؤثر سلباً في نشاط الشركات الاسبانية وقدرتها على التوسع في بعض مناطق العالم ومنها شمال افريقيا والمغرب تحديداً. وتوقعت المصادر ان تتكبد شركات اسبانية مثل "ريبسول" لتوزيع المحروقات و"تيليفونيكا" للاتصالات خسائر كبيرة من جراء تراجع مبيعاتها في الارجنتين التي تعتبر أكبر مركز للاستثمار الاسباني خارج الاتحاد الأوروبي. وينتظر ان تمتد الأزمة لتشمل مصارف تجارية وشركات خدمات واخرى لانتاج الصناعات الغذائية والمعادن خصوصاً النحاس. وكان تراجع العملة الارجنتينية "البيزو" ازاء الدولار أثر على عائدات الشركات الاسبانية وحد من توسيع استثماراتها في مجموع اميركا اللاتينية. وتتوقع "تيليفونيكا"، التي استثمرت نحو 25 بليون دولار في جنوب القارة الاميركية، تحقيق خسائر بمئات ملايين الدولارات في الربع الأول من السنة. وكانت "تيليفونيكا" التي تملك غالبية اسهم شركة "ميديتيل" التي تدير الشبكة الثانية للهاتف النقال في المغرب قررت تجميد بعض مشاريعها الاستثمارية حتى يتضح الموقف في الارجنتين. وسبق لتيليفونيكا ان قدمت ضمانات لفرعها في المغرب لاقتراض بليون دولار من السوق المالية الدولية بدعم مباشر من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي. وتحتاج الشركة الى أموال جديدة لمواجهة منافسة "اتصالات المغرب" التي تحالفت مع "فيفاندي يونفرسال" الفرنسية كما تحتاج الى دعم اضافي من المجموعة الأم في مدريد للفوز بصفقة الشبكة الثانية للهاتف النقال في تونس. وعلى رغم ان مصادر "ميديتيل" تقلل من تأثير الأزمة على نشاطها في المغرب الا ان مراقبين يعتقدون ان "تيليفونيكا" ستضطر على المدى المتوسط لمعاودة النظر في بعض استثماراتها في شمال افريقيا لتعديل موازنتها المرشحة لتكبد خسائر هائلة في السوق الارجنتينية. وكانت "تيليفونيكا" قادت قبل ثلاثة اعوام كونسورتيوم برتغالي - مغربي لشراء الشبكة الثانية للهاتف النقال في المغرب مقابل 1.2 بليون يورو. وتواجه شركة "ريبسول"، التي تملك محطات توزيع المحروقات في الارجنتين وحقولاً اخرى لاستخراج الغاز الطبيعي، مخاطر اغلاق بعض الفروع والتوقف عن التنقيب عن النفط في بعض المناطق. ولا يستبعد المراقبون توقف نشاطها في عرض مياه جزر الخالدات حيث بدأت عمليات استكشاف للنفط يعتقد الخبراء ان لها علاقة بالخلاف البحري مع المغرب اكثر منه بسبب مردوديته التجارية. وحسب المصادر يحول الخلاف السياسي بين مدريدوالرباط دون انتقال بعض الشركات الاسبانية من الارجنتين الى المغرب بسبب الموقف المعارض لرئيس الحكومة خوسي ماريا ازنار الذي طلب الى شركات بلاده تجميد استثماراتها في المغرب في الوقت الراهن انتقاماً من موقف الرباط الخاص بتجديد اتفاقية الصيد البحري التي كانت تسمح لنحو 500 باخرة للعمل في المياه المغربية. وذكرت المصادر ان بعض الشركات الاسبانية تقع بين فكي الأزمة الاقتصادية في الارجنتين والخلاف مع المغرب وهما المنطقتان اللتان تعودت تلك الشركات على الاستثمار فيهما. كما امتدت الأزمة في الأرجنتين الى شركات برتغالية قررت هي الأخرى الانسحاب من دول في اميركا الجنوبية والمغرب، وأعلنت شركة "الكترسيداد دو بورتغال" الانسحاب من شركة "ريدال" التي تدير خدمات الماء والكهرباء والتطهير في العاصمة الرباط وكانت الشركة تملك نحو 29 في المئة من الاسهم التي تقرر بيعها الى مجموعة "فيفاندي يونفرسال" الفرنسية.