المتتبع لشبكة "الإنترنت" وجريدة "المؤتمر" وجريدة "خه بات" وغيرها من وسائل الإعلام المشغولة في الشأن العراقي وتطوراته المتلاحقة، يقع على كثير من الديباجات ومسودات المشاريع الدستورية التي تأخذ انظمة دول في العالم عريقة في الديموقراطية مثالاً لها، ومنها اميركا وسويسرا وبلجيكا، ما يجعل المرء يبدي كثيراً من الملاحظات، لكون تلك المسودات منحازة الى مقدميها، وتعبر عن وجهة نظرهم، أفراداً كانوا أم احزاباً. المعارضون العراقيون من القوميين العرب لهم اتجاهات مختلفة، لكن القاسم المشترك بينهم هو اعتبار العراق بلداً عربياً، فلا يقرون بالتعددية القومية، ويعملون على إضفاء الصفاء القومي العربي على العراق. اما الأحزاب الكردية فرفعت شعارات قومية كردية توسعية. فالتجربة الكردية، بشعاراتها القومية التوسعية، والممارسات العشائرية، والبعد الديني في التعامل مع الآشوريين تدفعنا للتساؤل عن صدقية وشفافية تلك الأحزاب. اما الحركات الإسلامية فشعاراتها المعلنة، واستغلالها لنسبتها السكانية، وحقها في تطبيق الشريعة، يزرع الخوف والهلع لدى العراق، بكل قومياتهم وغير المسلمين منهم. والديموقراطية الحقيقية، والوحدة الوطنية للعراق، تبنيان على مثل هذه التطلعات والأفكار الموجودة والمهيمنة على تفكير المعارضة العراقية. الحقوق الأساسية للقومية الآشورية تتعرض الى انتهاكات متواصلة وجسيمة. فالشعب الآشوري قومية وكيان. وهذا الشعب غير ممثل بسبب غياب الدولة. فالشعب الآشوري هو قومية مميزة مسلوبة الوطن، بسبب خيانة القوى العظمى، ونتيجة الضغط والإجبار على النزوح، والدمج وسياسات التعريب والتتريك والتكريد التي لم تتوقف. الواضح من المسودات المقدمة من العرب والأكراد انها لا تتفق والمواصفات التاريخية لسكان المنطقة. فالحكومات السابقة، والنظام الحالي الذي اقدم على الخطيئة الكبرى وهو العارف بأن الآشوريين هم سكان البلاد الأصليين قبل اي شعب آخر في العراق، عليهم ان يتعاملوا مع الآشوريين على اساس انهم من السكان الأصليين للبلاد. وهذه حقيقة على اي نظام قادم ان يأخذها في الاعتبار، خصوصاً لمن يريد التغيير ووضع حد للاضطهاد القومي وينادي بالديموقراطية. فما هو المانع من ان يكون حق تقرير المصير مكفولاً لكل القوميات العراقية؟ وإذا كان نظام الحكم الفيديرالي هو الأمثل للدول المتعددة القوميات كالعراق، فما المانع من ان يضمن الدستور القادم خيار قوميات الشعب العراقي في النظام الفيديرالي على اسس قومية؟ لماذا يحترم الدستور خيار الشعب الكردي في النظام الفيديرالي ويهمش أو يلغي، متعمداً، وجود الآشوريين والتركمان؟ ما هو المانع، في النظام الفيديرالي القادم، ان يتكون الإقليم الفيديرالي الشمالي من اقليم كردي، وإقليم آشوري، وإقليم تركماني؟ لماذا لا ينص الدستور القادم على مدة ولاية رئيس الجمهورية رئيسة الجمهورية بأربع سنوات، ومن القوميات الأربع بالتناوب؟ ولماذا يكون نواب لرئيس الجمهورية من الكرد والتركمان، وما الخطأ في ان يكون نائب آشوري؟ تأكد، بالواقع الملموس، من طروحات المعارضة والمشاريع المقدمة انها لا تختلف عما يتبعه النظام العراقي في التعامل مع الآشوريين، ولا يتعدى الحقوق الثقافية والدينية، ويرفض التعامل معهم ضمن النطاق السياسي لإقرار حق الشعب الآشوري في حكم ذاتي في هذه المرحلة. فدعونا نحصل على حقوقنا أولاً ثم نتحاور في مسألة كيفية إرساء الوحدة الوطنية الحقيقية لعراق المستقبل. نورشبوري السويد - د. ابراهيم افرام - المركز الآشوري الثقافي