العائلة المالكة البريطانية وما تملكه من قصور وما تشيعه من اجواء الثراء والرفاهية والقيل والقال تمثل عنصر جذب رئيس للسياحة في بريطانيا. وبالطبع فان قصوراً مثل باكنغهام ووندسور والبوابات والمتنزهات الملكية تتبوأ مكانة بارزة في لائحة زيارات اغلب المجموعات السياحية. الاميرة الراحلة ديانا منذ زواجها من الامير تشارلز، وعبر حياتهما القصيرة المليئة بالانشطة الخيرية والعائلية والعاطفية، وكل ما اثير حولهما من حقائق واشاعات، واخيراً موتها التراجيدي وجدت هي الاخرى مكاناً مرموقاً في قائمة المزارات السياحية الى بريطانيا، لا سيما في مثل هذا الوقت من كل عام، اذ تحلّ ذكرى رحيلها في آخر آب اغسطس. وفي كل عام يتوجه الآلاف من محبيها من السياح الى اماكن عدة في لندن لالقاء نظرة على مكان عيشها او موقع يحمل ذكرى عزيزة لديها او غير ذلك، ما يعكس مكانتها في قلوب الكثيرين. ويبدو ذلك جلياً في صيف كل عام، لا سيما مع اقتراب شهر اب الذي رحلت في آخر ايامه فجأة في الحادث المأسوي في احد انفاق العاصمة الباريسية. ابرز تلك الاماكن "قصر كينزنغتون" او "كينزنغتون بالاس" الواقع على الطرف الغربي من "حدائق كينزنغتون" المتاخمة لمنتزه "هايد بارك". هذا القصر كان بيت ديانا منذ زواجها من الامير تشارلز وحتى وفاتها في عام 1997. وبالاحرى كان "قصر كينزنغتون" المقر اللندني الرسمي لتشارلز وديانا، الى ان انفصل الزوجان رسمياً، وترك تشارلز بيت الزوجية عائداً الى مقره وقت كان اعزب في قصر "سانت جيمس". وفي الاشهر التي تلت وفاة ديانا، اختفت "بوابة كراوزر" الواقعة جنوب القصر تحت ملايين الورود والرسائل والاشعار والهدايا التي تركها عشّاق ديانا حزناً عليها. واليوم، وبعد مرور خمس سنوات، يتوافد السياح والانكليز من محبي الاميرة الراحلة على "قصر كينزنغتون" لزيارة الشقق الواقعة شرق القصر، الا ان شقق ديانا تقع في الجهة الغربية حيث لا يسمح للزوار بالدخول، ففي هذا القسم ما يزال يعيش افراد من العائلة المالكة ابرزهم دوق ودوقة كنت، ودوق ودوقة غلوستر. الطريف ان هذا القصر الذي لا يعد من القصور الشاسعة بالمقاييس الملكية لعائلة وندسور الحاكمة ابتاعه الملك ويليام عام 1689، اذ كان يعاني من الربو الذي زادته جدران "هوايت هول" الرحبة حيث كان يقطن سوءاً. ومن احلى المواقع المتاحة لرؤية القصر الموقع من الشرق، حيث البحيرة المستديرة التي كان يستخدمها الملك جورج الاول لتربية سلاحفه المائية. اما الممشى الطويل المؤدي الى البحيرة واسمه "بروك ووك" فيرتاده حالياً المئات من محبي التزلج من الشباب والشابات. وعلى مقربة من "قصر كينزنغتون" او KP كما يطلق عليه افراد العائلة المالكة اختصاراً لKensington Palace يقوم احد افضل ملاعب الاطفال في لندن، وهو "ملعب الاميرة ديانا التذكاري". هذا الموقع الذي صمم على ارض مقتطعة من "حدائق قصر كينزنغتون" لم يترك لعبة من اللعب التي يتوق اليها الاطفال الا وضمها في ذلك الموقع الذي يعد قبلة الآباء والامهات في العطلات. وهناك يجد الاطفال الفرصة سانحة لبناء قصور على الرمال المحيطة بالسفينة الخشبية الضخمة، وكأنهم يحيون ذكرى الايام الاخيرة التي امضتها ديانا مع صديقها المليونير عماد، او "دودي" الفايد، على متن يخته. وسواء كان الزائر يؤيد او يعارض النظرية التي تروج لمقتل ديانا عمداً بسبب علاقتها بإبن المليونير المصري محمد الفايد، فان زيارة "نافورة داي ودودي" ديانا وعماد التي تتوسط الطابق الارضي من متجر "هارودز" الاشهر في لندن تستحق تكبد عناء ازدحام المرور بين "قصر كينزنغتون" وحي "نايتس بريدج" حيث "هارودز". هذه "النافورة" شيدها محمد الفايد احياء لذكرى ابنه والاميرة ديانا، ووضعها في بقعة ظاهرة من مملكته في "هارودز" ضارباً عرض الحائط بتحفظات الملكة اليزابيث على تلك العلاقة، التي افقدته محمد الفايد مكانته المميزة لديها. المظهر المميز والمتألق الذي كانت الاميرة الراحلة تبدو به دائماً سلبها اياها متحف "مدام توسو" الشهير في منطقة "بيكر ستريت" في لندن. فعلى رغم الدقة الشديدة والشكل الاقرب الى الطبيعة المعروف عن نماذج الشمع في المتحف، الا ان نموذج الشمع المعروض في "مدام توسو" للاميرة ديانا يبخسها حقها بعض الشيء، اذ تبدو زائغة العينين، وان كانت جميلة كالعادة. ويلاحظ كذلك ان نموذج الاميرة ديانا بعدما كان موضوعاً بين بقية افراد العائلة المالكة قبل عقد من الزمان، انتقل ليقف وحيداً في الجهة المقابلة. والحقيقة ان ديانا بموقعها الجديد الوحيد اثبتت شعبيتها، على رغم انف حماتها الملكة اليزابيث اذ تحرص غالبية زوار المتحف على التقاط الصور بجانبها دون بقية افراد العائلة المالكة. وعلى رغم الانفصال النظري بين ديانا والعائلة المالكة، الا انه، حتى بعد رحيلها بخمسة اعوام، ما زال الجميع ينظر اليها نظرة ملكية. ولمَ لا؟ فحتى المزارات السياحية الملكية في لندن تحمل بصماتها. فعلى الضفة الجنوبية لنهر "التايمز" تقع "حدائق النبات الملكية" والمعروفة ب"حدائق كيو". هذا المتنزه اسسته اميرة ويلز "اوغستا" عام 1759. وفي عام 1987، افتتحت الاميرة ديانا "أميرة ويلز" ايضاً مستنباً زجاجياً يحمل اسم "اميرة ويلز" يحوي نباتات من عشر مناطق مختلفة الطقس في العالم تراوح بين نباتات الصبّار والنباتات الاستوائية. ويشكل افتتاح "المستنبت" تخليداً لذكرى "اوغتسا" وتكريماً ل"ديانا" الا انه سرعان ما تحول الى بادرة تخليد لذكرى الاميرتين الراحلتين في قلب المتنزه الملكي. ويؤكد العاملون في "حدائق كيو" ان عدداً كبيراً من الزوار المليون الذين يزورونها سنوياً يمضون نحو ساعة او يزيد في ذلك المستنبت، لمجرد انه يحمل اسم الاميرة ديانا. وعموماً فان حدائق كيو تستحق الزيارة فهي تقع على مساحة 300 آكر الآكر نحو اربعة آلاف متر مربع وتحوي ما يزيد على 33 الف نوع من نباتات من شتى انحاء المعمورة. ومن شتى انحاء المعمورة ايضاً يحرص ملايين السياح الذين يزورون لندن في كل عام على شراء الهدايا التذكارية التي تحمل صورة "أميرة القلوب" واسمها من اكواب واطباق، وتي تشيرت، وبطاقات معايدة تحمل تاريخي ميلاد الاميرة الراحلة ووفاتها 1 تموز يوليو 1964 - 31 آب اغسطس 1997. ومع اقتراب حلول ذكرى وفاة الاميرة ديانا، اشتعل الجدل على صفحات الجرائد وفي البرامج الحوارية في بريطانيا حول النافورة التذكارية التي كان يفترض ان تشيد منذ وفاتها. تلك النافورة التي تأسست لجنة على اعلى مستوى لاختيار الموقع والتصميم المناسبين لها بإيعاز من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من دون ان تخرج الى النور بعد. وعلى رغم المسابقة التي انعقدت لتصميم الشكل الامثل لها، والتي اختارت اللجنة مئة تصميم من بين التصاميم المعروفة تمهيداً للفصل النهائي، الا ان كثيراً من اللغط والأقاويل يعرقل سيرها. في انتظار ذلك لا يزال الموقع المقترح لها في متنزه هايد بارك الاشهر في لندن ينتظر النافورة سيما وانه تحول هو الآخر الى مزار يرتاده محبو ديانا للإطلاع على النافورة الافتراضية.