رجحت مصادر مطلعة في العاصمة الروسية ان تؤجل موسكو توقيع اتفاق التعاون الاقتصادي مع العراق الى حين اعلان التزامه غير المشروط تنفيذ كل قرارات مجلس الأمن. ورأى مراقبون في هذا التلويح عنصر ضغط اضافي على بغداد لحملها على قبول عودة المفتشين الدوليين، خصوصاً انه تزامن مع تشديد لهجة المسؤولين الروس. قال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف خلال لقاء مع الصحافيين الروس في نيويورك، حيث يشارك في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ان على العراق ان يقبل من دون شروط كل القرارات الدولية، وأن يؤمن ظروفاً ملائمة لعودة المفتشين، وممارستهم عملهم بحرية. وشدد على أن هذه "مبادئ عامة" يتفق عليها كل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، مشيراً الى أنه لا يستبعد أن يعقد اجتماعاً ثانياً مع وزير الخارجية العراقي ناجي صبري قريباً، ومؤكداً ان "من المهم للعراقيين ان يستمعوا الى وجهة نظرنا في شأن سبل حل المسألة العراقية". وترى أوساط ديبلوماسية روسية ان ايفانوف يسعى الى نيل موافقة بغداد على عودة المفتشين، قبل ان يصدر مجلس الأمن قراراً في هذا الشأن. وتشير الى أن هذا هو "الحل الأمثل" الذي سيعزز موقف الدول المعارضة لتوجيه ضربة عسكرية اميركية منفردة الى العراق، وسيحرج الذريعة الأميركية. ولم يستبعد الديبلوماسيون الروس ان يؤدي صدور القرار الذي "سيتضمن مطالب حازمة ومحددة" الى تراجع في الموقف الروسي خصوصاً في حال استمرار "عناد بغداد". وفي هذا الاطار قال نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما البرلمان قسطنطين كوسوتشيف ان موسكو تصر على موافقة واضحة وغير مشروطة على عودة المفتشين، مع تأكيد الالتزام الصارم بتنفيذ كل القرارات الدولية. وأشار الى أن لدى الجانب الروسي العديد من الاسئلة حول برامج العراق لتطوير أسلحة دمار شامل، وأن هذا الموضوع كان محور نقاشات منتظمة مع الجانب العراقي. ولم يستبعد "أي سيناريو لتطور الأحداث"، على رغم قوله ان ما سمعته موسكو حتى الآن لا يزيد على كونه كلاماً على صلات بغداد بتنظيم "القاعدة" أو مشاريعها لبناء أسلحة دمار شامل، مشيراً الى أن واشنطن لم تقدم بعد أدلة مثبتة على اتهاماتها. في غضون ذلك نقلت وكالة "انترفاكس" عن مصادر مطلعة في العاصمة الروسية ان موسكو ستؤجل التوقيع على اتفاق التعاون الاقتصادي الطويل الأمد مع العراق، والذي تزيد قيمته الاجمالية على 40 بليون دولار، الى ما بعد قبول بغداد كل القرارات الدولية، وانحسار احتمالات العمل العسكري ضد العراق. وقالت المصادر ان موافقة بغداد غير المشروطة على عودة المفتشين هي "البوابة الأساسية لتوقيع الاتفاق"، موضحة ان "تطور الأوضاع حول العراق" هو سبب تأخير صدور القرار النهائي في شأن اتفاق التعاون الذي وضع منتصف الشهر الماضي على مكتب رئيس الحكومة الروسية لبت توقيعه.