أيدت روسيا للمرة الأولى مطالبة بغداد بتفعيل فقرة في القرار 687 تقضي بجعل الشرق الأوسط كله، بما فيه إسرائيل وليس العراق فقط، منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. وإذ جددت موسكو رفضها "تبرير سيناريوات القوة"، لم تستبعد موافقتها على قرار جديد لمجلس الأمن "لتفعيل مهمة المفتشين"، وأوفدت نائب وزير الخارجية للمشاركة في اجتماع تعقده لجنة المفتشين انموفيك. وتمسكت لندن بتفاؤلها بإمكان التوصل إلى قرار في مجلس الأمن لمعالجة الملف العراقي، وكررت أن الحرب "ليست حتمية"، مستبعدة أي تفاوض مع بغداد على نزع أسلحة الدمار الشامل. أما الرئيس جاك شيراك فأعطى مؤشراً جديداً إلى عدم موافقة باريس على الأهداف الأميركية في العراق، مؤكداً أن الهدف هو نزع السلاح وليس تغيير نظام الرئيس صدام حسين. حذر وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف من "عواقب خطيرة" للحرب على العراق، مشدداً على أن موسكو ترفض أي قرار "يبرر سيناريو القوة". لكنه أعرب عن دعمها مشروع قرار "لتفعيل" عمل المفتشين الدوليين. واستقبل ايفانوف وفداً من "الترويكا" الأوروبية ضم وزيري خارجية الدنمارك واليونان ومفوض الاتحاد الأوروبي، وأعلن في لقاء مع الصحافيين أن الجانبين، الروسي والأوروبي، يدعوان إلى "استخدام كل الإمكانات السياسية" لتسوية الملف العراقي، مشيراً إلى أن الحل العسكري يمكن أن تترتب عليه "عواقب خطيرة ليس على المنطقة فحسب، بل على نطاق أوسع". إسرائيل والخيار النووي وسُئل عن تهديد إسرائيل باستخدام السلاح النووي في حال تعرضها لقصف صاروخي عراقي، فأجاب ان الشرق الأوسط كله يجب أن يكون منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وأضاف: "هذه أفضل ضمانة للأمن والاستقرار". وهذه أول مرة يؤيد فيها الوزير الروسي ضمناً المطالبة العراقية بتفعيل الفقرة 14 من القرار 687 التي تنص على أن الشرق الأوسط كله وليس العراق فقط يجب أن يكون خالياً من تلك الأسلحة. وناقش ايفانوف الموضوع العراقي مع نظيره الأميركي كولن باول، وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية أن الاتصال تناول المناقشات الجارية في مجلس الأمن، وان الوزيرين اتفقا على أن "ضمان الانطلاق السريع لعملية التفتيش الفعالة" في العراق هو هدف المجتمع الدولي. ولم توضح الوزارة هل يعني ذلك تراجع الولاياتالمتحدة عن اصرارها على ارجاء عودة المفتشين إلى حين صدور قرار جديد لمجلس الأمن. قرار روسيا وسيناريوات القوة وناقش ايفانوف الموضوع ذاته في اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، وأبلغه أن موسكو قد توافق على صدور قرار جديد للمجلس "إذا كان هدفه استئناف عمل المفتشين بأسرع وقت، شرط ألا يتضمن موافقة على استخدام تلقائي للقوة"، كما في المشروع الأميركي الحالي. وفي حديث إلى التلفزيون الروسي "او آر تي" قال ايفانوف إن بلاده "لن تؤيد أي قرار يوفر أساساً قانونياً لسيناريوات القوة". لكنه أبدى الاستعداد ل"مناقشة جدية" لقرار "يفعّل" عمل المفتشين. وغادر موسكو نائب وزير الخارجية يوري فيدوتوف للمشاركة في اجتماع تعقده لجنة "انموفيك"، وقال إن بلاده "لا ترى مبرراً للابطاء" في ارسال المفتشين إلى بغداد. بريطانيا متفائلة بالقرار في لندن، أعرب نائب رئيس الوزراء البريطاني جون بريسكوت أمس عن تفاؤل بلاده بالتوصل إلى قرار جديد لمجلس الأمن، موضحاً أن هناك "تحركاً داخل المجلس نحو التوصل إلى اتفاق". لكنه أوضح أن هذا التحرك يمضي على نحو بطيء. وجاء كلام بريسكوت في مؤتمر صحافي عقده في رابطة المراسلين الأجانب، وأكد أن بريطانيا ملتزمة العمل من خلال الأممالمتحدة، و"نحن راضون بأن هذا هو السبيل الأفضل" لمعالجة المشكلة ونزع سلاح العراق. ورداً على سؤال، قال بريسكوت إنه يؤيد قول وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ان الحرب على العراق "ليست حتمية". وأضاف: "لا نعد لشن حرب، نعد لسيناريوات عدة يجري التخطيط لها". وشدد على أهمية توفير الأمن والاستقرار في منطقة الخليج. وأكد الناطق الرسمي باسم رئاسة الوزراء خلال المؤتمر الصحافي ذاته، أن المناقشات لا تزال مستمرة في مجلس الأمن حول القرار الجديد، مجدداً ثقة بريطانيا بالتوصل إلى هذا القرار الذي سيوفر "صلاحيات حازمة لعمل مفتشي أسلحة الدمار الشامل". وكرر أن العراق "لا يزال ينتهك قرارات الأممالمتحدة وليس هناك أي تفاوض حول نزع سلاحه" المحظور.