جدد المؤتمر العام للحزب الوطني الحاكم في مصر ثقته في استمرار الرئيس حسني مبارك رئيساً للحزب لدورة جديدة بإجماع الأصوات، وذلك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمرالذي بدأ أعماله امس ويستمر حتى مساء الغد. وبدأ المؤتمر الثامن تحت شعار "فكر جديد وتحديث مصر"، وسط اجواء جدل في شأن مستقبل قيادة الحرس القديم المسيطر على الاوضاع منذ نحو عشرين عاما، وفي إطار توقعات باعادة النظر في هيكلية الحزب، من دون ان يعني ذلك تغييرات دراماتيكية في مواقع الرموز التاريخية. لكن التعديل الهيكلي يتيح تفعيل دور الجيل الشاب الذي يقوده السيد جمال مبارك، نجل الرئيس المصري، والذي يدعو الى التغيير والتطوير منذ الهزيمة الساحقة التي مُني بها مرشحو الحزب الرسميون في الانتخابات البرلمانية قبل عامين. ومن المقرر أن يصوت المؤتمر اليوم على لائحة مقترحة يقدمها الرئيس مبارك، بصفته رئيس الحزب، لتشكيل المكتب السياسي. ويعتقد ان هذه اللائحة ستحدد بدرجة كبيرة اتجاه القائمة التي ستطرح على المؤتمر غداً وتتضمن الاسماء المقترحة لعضوية الامانة العامة والتي سيختار منها رئيس الحزب اسم المرشح لمنصب الامين العام والذي يلفه الغموض حتى الآن. والقى مبارك كلمة عقب، تجديد اختياره رئيساً للحزب، ركزت على مسؤولية الجيل الشاب في المرحلة المقبلة. وشدد على ان "المؤتمر يأتي تتويجاً لعملية التطوير الشاملة التي ساهمت فيها قياداته وكوادره واعضاء الحزب"، معتبراً أن "الانتخابات البرلمانية الاخيرة العام 2000 اكدت الحاجة الملحة لصياغة منطلقات جديدة فكرية وعصرية تأخذ في الحسبان التطورات المتلاحقة التي مر بها الحزب الوطني منذ انشائه العام 1978 ومسايرة التطورات التي شهدها مجال الاصلاح السياسي والديموقراطي". ودعا الاجيال الشابة الى "التقدم من خلال النهج الجديد للعمل الحزبي لتحمل اعباء المسؤولية" والى "ضرورة تهيئة الظروف الملائمة للشباب لبلورة رؤية واضحة للعمل الحزبي والوطني الطموح"، لافتاً الى "اهمية المناقشات التي سيجريها المؤتمر حول السياسات الجديدة للحزب" ومؤكداً أن "شعار المؤتمر يؤكد ان التطوير داخل الحزب اصبح حقيقة واقعة تحظى بتأييد كل اعضاء الحزب وكوادره". وبدا من ترتيبات أوضاع المنصة التي قادت جلسة العمل الأول، انقسام قيادة الحزب الى فريقين اذ جلس جمال مبارك والى جانبه زكريا عزمي ومحمود محيي الدين ويمن الحماقي على منصة جانبية من حيث قادوا الحوار حول التطوير والتغيير في الحزب وأسبابه وضروراته، في حين جلس على المنصة المقابلة الحرس القديم برئاسة الامين العام الدكتور يوسف والي والى جانبه الأمينان المساعدان لشؤون التنظيم كمال الشاذلي والإعلام صفوت الشريف. وأكد نجل الرئيس المصري، في كلمته، أن خطوات التغيير استهدفت مواكبة التطورات على الصعد العالمية والاقليمية والمحلية بغرض تفعيل العمل الحزبي وتوسيع مشاركة القواعد الحزبية في القرار. وفي اشارة ذات مغزى للدعوة الى تغيير العلاقة بين الحكومة والحزب، لفت الى أن عملية التطوير ستتضمن تشكيل امانة سياسات تتبعها اللجان الفرعية وتكون مسؤولة عن صياغة الافكار والتشريعات قبل احالتها على البرلمان اضافة الى البرامج التنفيذية التي سيتم اقتراحها على الحكومة لتنفيذها وذلك في اطار تطبيق مفهوم "حكومة الحزب" بدلاً من مقولة "حزب الحكومة" التي سادت منذ تأسيس الحزب العام 1978. من جانبه أعلن امين الشؤون المالية والادارية زكريا عزمي، وهو رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، أنه سيتم انشاء "لجنة القيم والشؤون القانونية" وستتبع رئيس الحزب مباشرة والذي سيقوم بتشكيلها برئاسة عضو امانة عامة لمحاسبة غير الملتزمين حزبياً، مشدداً على أنه "لا احتكار للعمل القيادي داخل الحزب"، اذ سيعقد مؤتمر سنوي لتقويم القيادات واجراء عملية تجديد تشمل ربع عدد القيادات بصورة دورية. ومن المقرر أن تطرح على المؤتمر تعديلات جوهرية في لائحة الحزب تتضمن الى جانب ما أعلنه عزمي منح الاعضاء حق الترشح لمنصب رئيس الحزب بعد أن كان هذا المبدأ غير منصوص عليه منذ تأسيس الحزب قبل 24 عاماً، اضافة الى انتخاب الامانة العامة من اعضاء المؤتمر العام مباشرة وصياغة لائحة مالية جديدة لتحقيق الانضباط المالي داخل الحزب ومناقشة السياسات والأمور المالية، إلى جانب استحداث منصب مسؤول المتابعة للأمانات العامة للتأكد من الالتزام بتنفيذ السياسات الحزبية.