بيروت - "الحياة" - تفاعلت قضية التهديد الذي اطلقه رئىس الوزراء الاسرائىلي آرييل شارون ضد لبنان في شأن استخدام مياه نبع الوزاني ونهر الحاصباني، ورد لبنان امس على التهديدات الاسرائىلية بتحرك ديبلوماسي وسياسي واسع بالتزامن مع تسارع الاعمال في مشروع الوزاني لجر المياه الى بعض القرى الحدودية. وطلب رئىس الجمهورية اميل لحود من الجهات المعنية اعداد رسالة عاجلة تتضمن كل التفاصيل المتعلقة بحق لبنان بمياه الحاصباني والوزاني. ونقل رئىس المجلس النيابي نبيه بري عن لحود انه طلب تعميم هذه الرسالة على كل البعثات اللبنانية في الخارج والمحافل الدولية لحفظ حق لبنان. وقال بري: "ان لبنان سيواصل التحرك اقليمياً ودولياً للحصول على حقوقه من مياه الحاصباني والوزاني وهي اضعاف اضعاف ما يحصل عليه الآن، اذ ان اسرائىل تستولي على 150 مليون متر مكعب بينما لا يحصل لبنان الا على سبعة ملايين متر مكعب". وفي هذا الاطار نقل السفير الاميركي فنسنت باتل الى الرئىس بري رسالة من الادارة الاميركية تدعو لبنان واسرائىل الى التهدئة وضبط النفس. وأوضحت مصادر الرئاسة الثانية ان بري رد على الرسالة بالقول: "ان ضبط النفس يطلب من جنرال الحرب آرييل شارون المتعطش للدماء وليس من اللبناني المتعطش للمياه". وأجرى بري خلال لقائه باتل اتصالاً بمجلس الجنوب الذي اكد ان الكمية التي يعمل من اجل ايصالها الى القرى ليست لانشاء المسابح انما للحاجة المنزلية وهي لا تتجاوز واحداً على خمسة عشر من حق لبنان حالياً. وأوضح بري للسفير الاميركي ان "اسرائىل تسيطر على 150 مليون متر مكعب فضلاً عن سرقة الينابيع ومساقط المياه في مزارع شبعا" وطلب من باتل ان تدله الحكومة الاسرائىلية الى المعيار الذي تقيس به ما تسميه حقوقاً دولية لها وما هي المعايير التي تطبق عليها، هل القانون الدولي ام الاتفاقات الدولية القانونية ام القوانين الوطنية؟ وقال: "في كل المقاييس لا يجوز لإسرائيل اي اعتراض على لبنان". وأوضحت المصادر ان لقاء باتل مع بري كان بناء لطلب الاول، وأشارت الى ان باتل ابلغه ان السفير الاميركي لدى اسرائىل طلب موعداً من المسؤولين الاسرائىليين في الوقت نفسه لتسليم رسالة مماثلة اليهم. الى ذلك، كلف رئىس الحكومة رفيق الحريري الأمين العام لوزارة الخارجية السفير محمد عيسى استدعاء سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وابلاغهم رسمياً احتجاج الحكومة اللبنانية على التهديدات التي اطلقها شارون ضد لبنان وتأكيد حق لبنان في مياهه ودحض المزاعم الاسرائىلية المختلقة والتنبيه من مخاطر التهديدات الاسرائىلية المتواصلة. وكان الحريري اجرى مساء اول من امس اتصالاً هاتفياً بالسفير باتل وأبدى احتجاج الحكومة اللبنانية على كلام شارون وطلب منه نقل هذا الاحتجاج الى الادارة الاميركية. وأكد وزير الطاقة والمياه محمد بيضون ان من حق لبنان زيادة حصته من مياه الحاصباني والوزاني وفقاً للقانون الدولي. وقال: "نحن حالياً في ادنى مستوى لاستخدامنا المياه لأننا نحصل فقط على سبعة ملايين متر مكعب بينما حق لبنان هو اكثر من 70 مليوناً والمشروع الذي نقوم به هو لكي نحصل على كمية اضافية هي مليون متر مكعب زيادة على السبعة ملايين في الوقت الذي تستفيد اسرائىل من 150 مليون متر مكعب". ورأى رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ان "لدى رئىس الحكومة الاسرائىلية آرييل شارون الصلاحية المطلقة للقيام بما يريد، لكن في الوقت نفسه لدينا، بوحدتنا الداخلية ومقاومتنا، المقدرة على التصدي". ودعا رئىس لجنة الشؤون الخارجية النيابية النائب علي الخليل مجلس الوزراء الى اتخاذ قرار في جلسة اليوم لرفع شكوى الى مجلس الامن الدولي ضد اسرائىل لسرقتها مياه الوزاني وطلب تعويضات عن العشرين سنة الماضية التي كان الاحتلال يسرق خلالها المياه. ميدانياً، باشرت ورش الاشغال التابعة لمجلس الجنوب العمل في المرحلة الثانية من مشروع الافادة من مياه نبع الوزاني عبر مد قساطل 16 انشاً من النبع، مروراً بتلة الحمامص، الطرف الجنوبي لسهل مرجعيون، تل النحاس، كفركلا وصولاً الى بلدة الطيبة حيث مشروع تجميع المياه. ويبلغ طول مشروع مد القساطل 18 كيلومتراً ويستغرق العمل فيه نحو 25 يوماً. وعملت صباح امس 4 جرافات كبيرة ورافعة باشراف مهندسين من مجلس الجنوب على حفر جوانب الطريق المحاذية لمستوطنة المطلة، لتركيب القساطل، في وقت سجل استنفار عسكري اسرائىلي ملحوظ في الجهة المقابلة، حيث قامت ملالتان من نوع ام 113 بمواكبة 3 سيارات هامر بأعمال الدورية في شكل متواصل على طول الخط الفاصل المحاذي لأشغال الورش، واتخذ عدد من الجنود الاسرائىليين وضعيات قتالية في محيط معمل الحمضيات في مستوطنة المطلة. كذلك، تواصلت الاشغال عند نبع الوزاني وعمل عدد من العمال اللبنانيين على تأهيل الغرفة المحاذية للنبع حيث ستركب مضختان جديدتان بداخلها فيما قامت جرافة بتنظيف محيط النبع من الحجارة والصخور. وسجل عصر امس قيام قوة اسرائىلية مؤلفة من 3 سيارات هامر بالتقدم الى التلال المشرفة على مجرى الوزاني، وترجل منها 8 عناصر توزعوا على طول الخط الممتد من المدخل الجنوبي الغربي لبلدة الغجر لمسافة 500م جنوباً وعملت على مراقبة المنطقة المحررة المحاذية، خصوصاً مجرى النهر وبلدة الوزاني بواسطة مناظير. يذكر ان مشروع الافادة من نبع الوزاني ستتغذى منه 60 قرية وبلدة في المنطقة الحدودية.