ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي "مجزرة" جديدة فجر أمس في قطاع غزة راح ضحيتها أربعة مواطنين أبرياء، فيما أصيب خمسة آخرون ينتمون الى عائلة واحدة كانوا ينامون في بيت من الصفيح عندما أطلقت دبابتان قذائف عدة في اتجاههم في حي الشيخ عجلين جنوب مدينة غزة قرب مستوطنة "نتساريم" اليهودية. وتعهدت "كتائب القسام"، الجناح العسكري ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس بالانتقام لشهداء المجزرة التي دانتها السلطة الفلسطينية، فيما اعلنت اسرائيل انها باشرت تحقيقاً فيها. والشهداء الأربعة هم الأم رويدا عبدالله الهجين 42 عاماً وولداها أشرف 22 عاماً ونهاد عثمان الهجين 19 عاماً وأحد أقاربهم محمد سمير الهجين 18 عاماً. في حين ذكرت مصادر طبية في مستشفى الشفاء في المدينة ان حال اثنين من الجرحى الخمسة خطيرة. وينتمى الجرحى الى عائلة عثمان الهجين، وهم الاشقاء رأفت 24 عاماً وشريف 21 عاماً وصلاح 15 عاماً وسعيد 3 أعوام واحد اقاربهم محمد هاشم الهجين 20 عاماً. وشيع آلاف المواطنين في مدينة غزة الشهداء الأربعة إلى مثواهم الأخير في مقبرة الشهداء وسط صيحات الغضب والسخط الشديدين والدعوة الى الانتقام. ووصفت السلطة الفلسطينية الجريمة بأنها "مجزرة جديدة وجريمة حرب تهدف الى تخريب جهود التهدئة". وحمل نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس ياسر عرفات اسرائيل المسؤولية الكاملة عن "المجزرة". في حين اكد وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر ان السلطات المعنية باشرت تحقيقاً لمعرفة ملابسات إطلاق القذائف على مدنيين. وروى أبو إسماعيل الهجين أحد أقارب الضحايا ل"الحياة" أمس، كيف وقعت المجزرة الجديدة التي أكد أنها مقصودة. وقال أن "دبابتين توغلتا في أراضي حي الشيخ عجلين مسافة كيلومترين وتمركزتا على مسافة 200 متر من بيت الصفيح والعشة المجاورة له التي كان ينام فيها الشهداء والجرحى فوق أرضهم المزروعة كروم عنب واشجار تين". وأضاف أن "الدبابتين اخترقتا المنطقة وأطلقت إحداهما قذيفة، وسمعنا أصوات استغاثة تصدر من المكان فتوجهنا إلى حيث الصوت، فاطلقت الدبابة قذيفة أخرى في اتجاه المنطقة، وشاهدت أقاربنا بين شهداء وجرحى يئنون". وأشار إلى أن أحد المصابين فقد ساقه وذراعه نتيجة تعرضه لشظايا القذيفة. ولفت إلى أن سقوط القذائف حال دون وصول الأقارب الى مكان الجريمة، الأمر الذي حدا بهم إلى الاتصال بالمستشفيات والمراكز الصحية لارسال سيارات الإسعاف التي منعتها قوات الاحتلال من إخلاء الجرحى أو نقل الشهداء إلى المستشفيات، وذلك قبل تدخل طاقم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر لاقناع قوات الاحتلال بالسماح لسيارات الإسعاف بالوصول الى مكان الجريمة . وأوضح ان أقاربه الذين يبيتون في المكان منذ بدء موسم قطاف العنب والتين قبل حوالى شهر ونصف شهر كانوا نياما عندما قصفت قوات الاحتلال المنطقة. وقال أن جنوداً إسرائيليين جاؤوا مرات عدة خلال الأسابيع الأخيرة إليهم، وقالوا لهم انهم يعرفون أن النساء والأطفال والرجال يقيمون هنا من اجل العمل قي قطاف التين والعنب. ولفت أبو إسماعيل إلى أن المزرعة تبعد مسافة 1.5 كيلو متر عن مستوطنة "نتساريم" التي اقيمت فوق أراضي الحي وقرية المغراقة المجاورة، ونحو 200 متر عن المكمن الذي ترابض فيه الدبابات. واعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل أفراد العائلة بقذيفة دبابة إسرائيلية، و أعرب بن اليعيزر عن أسفه للحادث. وقال قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة يسرائيل زيف في تصريحات صحافية أمس ان "الجيش يحقق في ملابسات العملية، ويبدو ان الدبابات اطلقت النار في اتجاه مشبوهين كانوا في منطقة يُحظر على الفلسطينيين التنقل فيها، ويبدو ان إحدى القذائف أصابت أحد المنازل في حي الشيخ عجلين". ونفى الهجين الرواية الاسرائيلية، وقال :"يشهد الله انه لم يكن هناك أحد غير افراد عائلتنا ولم تُطلق رصاصة واحدة او قذيفة في اتجاههم"، مشدداً على أن العملية "نُفذت عمداً بهدف قتل أكبر عدد ممكن من أقاربي". وكانت الطائرات الإسرائيلية من طراز "اف 16" الاميركية الصنع، قصفت في 22 من الشهر الماضي أحد أحياء مدينة غزة المكتظة بالسكان ما أدى إلى استشهاد 15 مواطنا بينهم القائد العام ل"كتائب عز الدين القسام" وتسعة أطفال. وجاءت المجزرة الجديدة بعد أقل من 24 ساعة على عملية توغل واسعة في حي الشيخ عجلين ليل أول من أمس بحجة محاولة الفلسطينيين تهريب أسلحة عن طريق البحر. ووصف أبو ردينة المجزرة بأنها "تشكل جريمة حرب تهدف الى تخريب الجهود الدولية، خصوصاً التي يبذلها المبعوث الاميركي ديفيد ساترفيلد، والى تخريب اللقاء بين وزير الداخلية الفلسطيني عبدالرازق اليحيى وبين بن اليعيزر"، والذي أجل مرة أخرى أمس الى موعد آخر.