} بعد ليلة عاش الفلسطينيون فيها أجواء حرب حقيقية، اتهم رئيس جهاز الامن العام الاسرائيلي شاباك آفي ديختر الرئيس ياسر عرفات امس بتهريب اسلحة الى قطاع غزة بواسطة طائراته عبر مطار غزة الدولي. ووصف عرفات من جهته الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة بانه "انتهاك فاضح للاتفاقات وجريمة لا تغتفر". واستهدف الهجوم البري والبحري والجوي ليل الاثنين - الثلثاء مواقع ومنشآت أمنية ومدنية فلسطينية في غزة ودير البلح وبيت حانون، وذلك رداً على قذائف "هاون" استهدفت مدينة سديروت داخل اسرائيل. وادى الهجوم الى استشهاد فلسطينيين وجرح 40 آخرين، اضافة الى تقسيم قطاع غزة ثلاثة اجزاء وعزل مدينة غزة وشل الحركة بين شمال القطاع وجنوبه واغلاق معبر رفح. ووصفت المصادر الاسرائيلية الهجوم بأنه الأكبر منذ بدء الانتفاضة، وقالت انه مرحلة أولى من خطة عسكرية وضعت قبل ايام. واعلنت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس مسؤوليتها عن اطلاق القذائف وتوعدت بتحويل حلم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بتحقيق الأمن لمواطنيه الى "كابوس". استخدم الجيش الاسرائيلي المروحيات العسكرية ومنصات الصواريخ والزوارق الحربية في الهجوم الذي بدأ الساعة السابعة بالتوقيت المحلي من مساء الاثنين واستمر حتى ظهر امس، خصوصاً في مدينة بيت حانون الخاضعة للسلطة الفلسطينية والتي توغلت قوات الاحتلال داخلها نحو كيلومتر واحد من الجهتين الشمالية والشرقية. وفيما تصدت قوات الأمن الوطني الحدودية للقصف الاسرائيلي ما اسفر عن استشهاد الرقيب محمد رمضان المصري 21 عاماً. وصرح قائد الفرقة العسكرية المنتشرة في قطاع غزة بأن "القوات الاسرائيلية قد تبقى اياما بل شهرا" في المناطق التي احتلتها ليلا "ان لم يكن اشهراً عدة لمنع حدوث هجمات جديدة بالهاون على الاراضي الاسرائيلية". وكان وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر عقد اجتماعاً طارئاً مع أركان قيادة الجيش الاسرائيلي والاجهزة الأمنية، بهدف مناقشة اقتراحات محددة للرد على اطلاق "الهاون" من بيت حانون في اتجاه مدينة سديروت في اسرائيل. ولاحقاً انعقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية برئاسة شارون لاتخاذ "القرارات المناسبة" للرد على الهجمات الفلسطينية، التي اعتبرها المسؤولون الاسرائيليون بأنها "تصعيد خطير". صواريخ وعند منتصف الليل اطلق الجيش الاسرائيلي الصاروخ الأول من ستة صواريخ "أرض - أرض" استهدفت موقعاً لقوات حرس الرئاسة "القوة 17"، في حي الشيخ عجلين جنوبغزة، الى الغرب من مستوطنة "نتساريم". وتوالى سقوط الصواريخ من منصة داخل الخط الأخضر الى الشمال الشرقي من بيت حانون، فسقط الثاني على مقر قيادة شرطة المدينة "الحجوزات" في حي الرمال الراقي في غزة، ما أدى الى تدمير بناية من ثلاث طبقات تشغلها "وحدات التدخل السريع" في الشرطة. وسقط الصاروخان الثالث والرابع على مقر للأمن الوقائي في شارع خليل الوزير أبو جهاد في حي النصر في المدينة. ثم أطلق الجيش الاسرائيلي صاروخين على برج سكني ومقر قيادة الدفاع المدني في حي تل الهوى جنوبغزة. دير البلح وفي الفترة من مساء الاثنين حتى منتصف الليل سقطت خمسة صواريخ على مواقع في مدينة دير البلح. وبدأ الهجوم في المساء عندما اطلقت مروحيتان عسكريتان صاروخين في اتجاه مواقع عسكرية تابعة لحرس الرئاسة "القوة 17"، ما أدى الى تدمير غرفتين من مبنى تابع للقوة وناقلة جنود ومسجد. وسقطت ثلاثة صواريخ "أرض - أرض" شرق مخيم المغازي للاجئين، واصاب اثنان منها 3 مباني متجاورة احدها تابعاً لحركة "فتح" وآخر للدفاع المدني، وثالث لوزارة الشؤون الاجتماعية. وسقط الثالث على إحدى البنايات السكنية وسيارة كانت متوقفة أمامها. ومع بدء الهجوم خرج المواطنون الى الشوارع بكثرة، وانتشر آلاف آخرون على اسطح المنازل والبنايات العالية لمتابعة تطور الاحداث. وفضل آخرون متابعة الضربات عبر شاشات التلفزيون ومحطات الاذاعة، خصوصاً الاسرائيلية منها. واستذكر المواطنون الهجوم الذي شنه الرئيس صدام حسين على الدولة العبرية عام 1991 بالصواريخ، وقال مواطن في الاربعينات من عمره ل"الحياة" انه شاهد من شرفة منزله الصواريخ تنطلق من المنصة من بيت حانون واثناء "سيرها ببطء في الجو" ثم سقوطها على الاهداف المقصودة. وأوضح ان المشهد يذكره بتساقط 39 صاروخاً عراقياً على مدن اسرائيلية، مع فارق هو ان الفلسطينيين آنذاك شعروا بالغبطة والعزة والكرامة، أما الآن فيشعرون بالحزن والأسى وفقدان الأمل من الدول العربية التي تقف صامتة، في الوقت الذي تتساقط الصواريخ على غزة. أما الصحافيون فتدفقوا الى القطاع مع ساعات المساء، وشرعوا في تثبيت كاميرات التصوير فوق أسطح الأبراج العالية، وتابعوا الصواريخ بعدساتهم. وتبنت "كتائب الشهيد عزالدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" المسؤولية عن اطلاق قذائف "الهاون"، وذلك ك"رد مباشر على عمليات القصف المنظم ضد شعبنا، التي كان آخرها قصف بيت المجاهد محمد ياسين نصار السبت الماضي ... وفي ذكرى اغتيال القائد العسكري في حركة فتح الشهيد أبو جهاد على أيدي العصابات الصهيونية". وزادت: "اننا نحذره شارون من الولوغ في دماء المدنيين". استشهاد فتى الى ذلك، استشهد الفتى حمزة خضر عبيد 15 عاماً من حي الشجاعية في مدينة غزة امس، اثناء مواجهات مع قوات الاحتلال في محيط معبر المنطار شرق المدينة جراء اصابته بعيار ناري قاتل في الصدر. واصيب اثناء تلك المواجهات عدد آخر من الفتية والشبان. كما أصيب طفل في العاشرة من عمره من مخيم رفح يدعى براء الشاعر بعيارين ناريين في رأسه في الوقت الذي كان يقف امام باب منزله، اطلقهما جنود الاحتلال المتمركزين عند بوابة صلاح الدين، كما أصابوا مواطناً في الاربعينات من عمره اثناء مروره قرب البوابة.