أعلن الرئيس جورج بوش أمس أنه متمسك بنهج التشاور مع الآخرين في شأن السياسة الأميركية حيال العراق، "ولكن على الأميركيين أن يعرفوا أنني سأحدد رأيي بناء على آخر معلومات الاستخبارات، وأفضل السبل لحماية بلدنا وأصدقائنا وحلفائنا". وجاء كلام بوش ليقلل من تحفظات اعضاء بارزين في الحزب الجمهوري عن الحرب، فيما تسعى واشنطن إلى تجديد ملف محاكمة الرئيس صدام حسين بتهمة ارتكاب "جرائم ابادة". وبعث رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون برسائل إلى إدارة بوش لحضها على استعجال ضرب العراق، وتحذيرها من سلبيات تأخير العملية التي أيدتها غالبية الإسرائيليين. وفي حين أيد 22 في المئة منهم الرد بأسلحة كيماوية إذا قصفت بغداد الدولة العبرية بالصواريخ، ساند 23 في المئة رداً نووياً. وكشِف أن وفداً من الجيش الإسرائيلي توجه إلى واشنطن في إطار "عملية التنسيق" لضرب العراق، في حين اعترف وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر بزيارة "مجموعة مهمة" من القيادة الأوروبية - الأميركية وقيادة المنطقة الوسطى الأميركية تل أبيب. راجع ص2 و3. وبدا واضحاً أن شارون تجاوز القنوات السرية الديبلوماسية والعسكرية في التنسيق مع واشنطن ازاء الهجوم المحتمل الذي طغى على اهتمامات وسائل الإعلام العبرية، وسط استمرار السجال في المانياوبريطانيا حول مبررات الحرب على العراق والمشاركة فيها. وكانت واشنطن أكدت ليل الخميس أن كل الخيارات ما زالت واردة مع العراق الذي أبدى بعض المرونة، متمسكاً بالحوار مع الأممالمتحدة، وعارضاً حواراً "من دون شروط" مع الإدارة الأميركية. وأفيد أن بغداد مستعدة لقبول عودة مفتشي الأسلحة إذا رافقهم مراقبون "محايدون". وقال سفير العراق لدى المنظمة الدولية محمد الدوري لوكالة "رويترز" أمس إن حكومته تريد ارساء قواعد أساسية قبل الموافقة على عودة المفتشين، موضحاً أنها أبلغت الأممالمتحدة خطياً رغبتها في اجراء مزيد من المحادثات. وعلمت "الحياة" أن الإدارة الأميركية تبحث مع مختصين بشؤون حقوق الإنسان وأكاديميين عراقيين في السيناريوات الممكنة لإحياء ورقة محاكمة الرئيس صدام حسين عن "جرائم ضد الإنسانية وجرائم ابادة". وقال مصدر مطلع على هذه الجهود إن فريقاً من المعارضين العراقيين المهتمين بحقوق الإنسان سيلتقي مطلع أيلول سبتمبر المقبل في واشنطن لدرس اقتراحات عملية لإعادة "وضع ورقة المحاكمة على الطاولة مجدداً". ودعت واشنطن عدداً من الإعلاميين العراقيين المعارضين لعقد اجتماع خبراء في العاصمة الأميركية نهاية الشهر الجاري. كما علم ان الأسبوع المقبل سيشهد اجتماعات تمهيدية تستضيفها لندن للاتفاق على هيكيلة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الموسع للمعارضة العراقية الذي تقرر عقده "في أقرب وقت"، كما أكد زعماء التنظيمات الستة الذين التقوا في واشنطن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ووزير الخارجية كولن باول. مبرر الحرب إلى ذلك، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" ان أعضاء بارزين في الحزب الجمهوري يشغلون مواقع في الكونغرس ووزارة الخارجية، وآخرين عملوا في إدارات سابقة، يجاهرون بعدم توافقهم مع الرئيس جورج بوش حيال شن حرب على العراق، ويعتبرون أن إدارته لم تقدم المبرر لهذه الحرب ولم تعدلها في شكل كافٍ. وأشارت الصحيفة إلى جهود تبذلها الخارجية الأميركية في سعيها إلى تركيز النقاش على الطريقة التي سيحكم بها العراق بعد إطاحة صدام، وفسرت ذلك بأنه وسيلة للالتفاف على "صقور" الإدارة الأميركية وابطاء الاندفاع إلى الحرب. ولم يقل السجال في بريطانياوالمانيا سخونة، وفي حين حذرت صحف في لندن أمس من أن رئيس الوزراء توني بلير قد يواجه "تمرداً واسعاً" في صفوف حزب العمال، إذا لم يتخذ موقفاً يبدل اندفاعه إلى دعم واشنطن في الحرب على العراق، اعتبر وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر أن الادعاءات الأميركية في شأن امتلاك صدام بنية أساسية لانتاج أسلحة نووية ليست صحيحة. ورأى أن لا أساس لاتهام العراق بالتعاون مع تنظيم "القاعدة"، مشيراً إلى أنه ما زال يملك أسلحة كيماوية وجرثومية ولكن ليست لديه القدرة الصاروخية لاستخدامها.