وصلت الولاياتالمتحدة، أو تكاد تصل، الى ما تريد في ما يتعلق بخططها لضرب العراق، خصوصا بعد النتائج الممتازة التي حققها الجمهوريون في انتخابات الكونغرس النصفية. فبعد مفاوضات مضنية في مجلس الأمن تخللها قدر كبير من التأفف والتعبير عن الضجر، ادخلت واشنطن على مشروع قرارها، بناء على طلب باريس وموسكو، تعديلات لن تؤثر بأي حال في نياتها، استعجالاً للتصويت على مشروعها في المجلس، متشجعة بنتائج الانتخابات. وتشير فقرات مشروع القرار المتشدد الى ان واشنطن انما تستعجل التصويت لأنها تستعجل الحرب على العراق. وقد قويت يدا الرئيس جورج بوش بنتائج انتخابات الكونغرس التي تمكنه من فرض برامجه الداخلية وتعزز نفوذه في مجال السياسة الخارجية ويعتبر انها تعطيه تفويضاً لشن الحرب على العراق لدى ظهور اي اشارة الى اي تصرف يمكن ان تعتبره واشنطن "خرقاً مادياً" لقرار مجلس الأمن الجديد المتوقع في اي لحظة. والأهم من ذلك كله بالنسبة الى الرئيس انه بات بوسعه الآن الإعداد بثقة للفوز بولاية رئاسية ثانية. وعلى رغم ان مشروع القرار الاميركي الجديد المعروض امام مجلس الأمن في شكل شبه نهائي يعتبر متشدداً الى ابعد الحدود ولا يترك مجالاً امام بغداد للمناورة او المماطلة او التهرب من تنفيذه، فإن من المرجح ان تقبل به بغداد لأن رفضه سيعني حرباً عاجلة. ولكن حتى لو امتثل العراق لكل مطالب القرار المتوقع، ومن أبرزها تقديم قائمة كاملة ودقيقة بكل ما لديه من اسلحة بيولوجية وكيماوية ونووية وصواريخ باليستية وقائمة بكل العلماء الذين شاركوا في تطوير برامج الاسلحة، فإن الاميركيين لن يعجزوا عن افتعال ازمة سيعتبرونها مبررا لشن الحرب. وقد يرى الرئيس صدام حسين بعد ايام او اسابيع او اشهر من عودة المفتشين الدوليين ان تطبيق القرار المتشدد يشكل اذلالاً لا يطاق بالنسبة اليه والى العراق. ويجيز القرار للمفتشين ان يقابلوا داخل العراق اوخارجه اي مواطن عراقي من دون حضور مراقبين من الحكومة العراقية. ولكن انتهاء الولاياتالمتحدة من ضرب العراق والتخلص من نظام صدام والسيطرة على موارد النفط العراقية لن تعني بالضرورة ان واشنطن ستكافيء العرب بعد ذلك، مقابل اذعانهم، بحل الصراع العربي - الاسرائيلي حلاً عادلاً ونهائياً وشاملاً. ويبدو من شبه المستحيل، حتى لو أرادت ادارة بوش، ان يتعاون اليمين الاسرائيلي الحاكم في اسرائيل الآن والمرشح للفوز بالحكم من خلال الانتخابات المقبلة، مع واشنطن لتنفيذ اقتراحات "خريطة الطريق" التي تظهر اعتراضات ارييل شارون عليها أنه يريد نسفها من اساسها. واذا كان الصراع العربي - الاسرائيلي سيبقى على حاله، وربما ازداد تفاقما على الساحة الفلسطينية، فإن الحرب على العراق مرشحة لأن تجلب معها خضات اقليمية من المرجح ان تترك اثرها في المنطقة لسنوات طويلة. وفي غضون ذلك سيعلن وزير الخارجية الاميركي رؤيته لنشر الديموقراطية في الشرق الاوسط آملاً بأن يصيب رذاذها بعض الدول العربية.