انقسمت الأسرة الدولية في تقويمها لما صدر من تصريحات عن وزير الإعلام العراقي السيد محمد سعيد الصحاف في شأن انتهاء مهمات التفتيش في العراق. فاعتبرها البعض ولا سيما المتشددون داخل الادارة الاميركية، مثالاً على رفض العراق الامتثال لمطالب مجلس الامن، فيما نصح بعض آخر بالانتظار الى حين تسلم الامين العام كوفي انان رداً رسمياً من وزير الخارجية العراقي السيد ناجي صبري خصوصاً ان الرئيس العراقي صدام حسين لمح الى امكان عودة المفتشين الى العراق، مثلما فعل وزير خارجيته في رسالة سابقة الى الامين العام. في غضون ذلك، انتقد 14 من أحزاب المعارضة الاردنية امس أ ف ب المناورات الاردنية - الاميركية التي تجري في جنوب البلاد، ووصفتها بأنها "غير مقبولة" في وقت تهدد واشنطن بضرب العراق. وكان الناطق باسم الحكومة محمد عدوان اشار امس الى ان القوات الاميركية ستغادر الاردن بعد انتهاء هذه "المناورات السنوية الروتينية" التي اعتبر ان لا علاقة لها بالعراق. وعلى صعيد آخر دعا رئيس "المجلس الاعلى للثورة في العراق" السيد محمد باقر الحكيم في حديث صحافي في ايران الى "حل سياسي لأي تغيير في السلطة" في العراق، طالباً من الاميركيين تحاشي "اي هجوم" على بلاده. ووقعت تصريحات الصحاف ذخيرة ثمينة في أيدي المتشددين المتطرفين داخل الادارة الاميركية، الذين يعدّون الذرائع لشنّ عمليات عسكرية على العراق. والتقطت الادارة الاميركية، بشقيها المعتدل والمتطرف، ما قاله الصحاف وفسّرته على انه رفض لعودة المفتشين الى العراق. ويذكر ان الموقف العراقي الرسمي نص منذ فترة طويلة على ان عمليات التفتيش انتهت باعتبار ان العراق نفّذ متطلبات نزع السلاح. ويجدر التمييز بين عمليات التفتيش وبين الرقابة البعيدة المدى لبرامج التسلح في العراق، ذلك ان الحكومة العراقية لم توصد الباب امام احياء برامج الرقابة البعيدة المدى لكنها تصرّ على ان عمليات التفتيش انتهت. وعلّق خبراء في الملف العراقي ان اللغة الاعلامية في العراق تعبّر في معظم الاحيان عن المواقف الرسمية التي تتولى وزارة الخارجية ابلاغها الى الأطراف المعنية. ورأى مراقبون ان ما قاله وزير الاعلام العراقي قد يكون تهيئة لرد رسمي من وزير الخارجية يتطلب الاستيعاب والتفسير لاستهلاك محلي لئلا يظهر الموقف العراقي على انه تراجع. فيما تخشى مراجع دولية ان تكون مواقف الصحاف تمهيداً لمواقف رسمية سيعبر عنها صبري في رسالته المرتقبة الى الامين العام. وكان كوفي انان اوضح في رسالته الى ناجي صبري ان نقطة الانطلاق هي عودة المفتشين، وان هذا ما يلاقي اجماع اعضاء مجلس الأمن. وتمنى ان تعلن الحكومة العراقية موافقتها على التدريج الذي ورد في القرار 1284 كي يكون في الامكان استمرار الحوار. ويبدأ هذا التدريج باعلان الموافقة العراقية على عودة المفتشين للقيام بمهماتهم من دون عرقلة لفترة 60 يوماً قبل ان يقدموا الى مجلس الامن تقويمهم بشأن ما تبقى من مسائل عالقة في ملف نزع السلاح. واعتبر مسؤول اميركي، اشترط عدم ذكر اسمه، ان ما قاله الصحاف "يثير قلقنا لجهة عدم استعدادهم العراقيين للامتثال" بل انه "يؤكد ان العراق لن يمتثل ابداً واطلاقاً، ولن يسمح بإزالة الاسلحة المحظورة فيه، ولن يوافق على قيام الاممالمتحدة بالتفتيش والتحقق من خلو العراق من هذا السلاح". وأضاف المسؤول الاميركي: "كثيرون حولنا، لا سيما بين الاوروبيين والعرب، يدعوننا الى عدم استخدام الخيار العسكري ويعربون عن أملهم بامتثال العراق ويشيرون الى حركة ديبلوماسية مكثفة". وتابع: "لكن بيان الصحاف يدحض ما يقوله العرب والاوروبيون لاميركا بأن عليها الانتظار لان العراق سيمتثل. والآن اعطى العراق كلمته الرسمية بأنه لا يعتزم الامتثال". الناطق باسم الامين العام فرد اكهارت، قال إن الاممالمتحدة لا تزال تنتظر الرد الرسمي برسالة من وزير الخارجية ناجي صبري وذلك في رده على أسئلة بشأن تصريحات الصحاف. في غضون ذلك، أكد مصدر عسكري في واشنطن أن البحرية الأميركية قررت استئجار سفينتين لنقل معدات عسكرية من أوروبا إلى الخليج. وأوضح ناطق باسم القيادة المركزية الأميركية أن نقل تلك المعدات، ومعظمها مدرعات، يندرج ضمن نقل عتاد من أوروبا إلى مناطق أخرى في إطار "عملية روتينية".