شارفت مهرجانات بعلبك وبيت الدين على الانتهاء، ولم ينتهِ السؤال الكبير المطروح منذ عودة الاحتفاليات الى أدراج قلعة بعلبك، ومنذ توجه احتفاليات بيت الدين غرباً من دون أي التفات حقيقي، هنا وهناك، الى الجيل الجديد من فناني لبنان... إلاّ في ما ندر، وفي بعض المحطات التي لا تٍغني ولا تسمن من جوع! والسؤال هو: هل قدر فناني لبنان الكبار، من الشباب، أن يُستقبلوا في مهرجانات البلدان العربية بالترحاب، في حين تلقي بهم مهرجانات بعلبك وبيت الدين في التجاهل؟ هل نجوم "التاريخ" الفني اللبناني، منصور الرحباني وفيروز ووديع الصافي ثم بعد ذلك عبدالحليم كركلا وان بأقل تاريخية، كانوا كباراً عندما أُعطوا الفرصة ليقفوا فوق أدراج بعلبك... كي يُطلب اليوم الى الجيل الجديد ان يكون "تاريخياً"، ليحظى بنعمة الوقفة الاحتفالية في هذه التظاهرة أو تلك؟ جمعت مهرجانات بعلبك، العام 1957، عاصي ومنصور الرحباني وزكي ناصيف وفيروز وتوفيق الباشا وصبري الشريف ونصري شمس الدين ومحمد شامل ونزار ميقاتي، و"الكبير" فيهم سناً كان في الخامسة والثلاثين... ولم تخطئ لجنة المهرجانات حين وضعت "ثقتها" فيهم، تلك الثقة التي لما تسنّى لهؤلاء الكبار، من دونها، ان يحتلوا المواقع المتقدمة في الفن اللبناني. وكان كلّ نجاح جديد تحدياً حقيقياً وثابتاً لهم جميعاً، فباتوا يتسابقون الى تأكيد ذواتهم بأجمل الأعمال... في كل صيف، ومنذ سبع سنوات تقريباً، تطرح هذه الأسئلة الصعبة التي تتهرّب منها مهرجانات بعلبك وبيت الدين، تحت ذرائع واهية. منها أن بعلبك لن تجازف بإعطاء منصتها لغير النجوم المعروفين، وهم على ما يبدو: منصور الرحباني، فيروز، كركلا مع كامل التقدير لكلّ ما يقدمونه من جديد ابداعي عميق. ومن "الذرائع" أيضاً أن بيت الدين حاولت تقديم فرص لغير "التاريخيين"، فلم ينجحوا... فما ذنب الذين لم تُقدم لهم الفرصة، وهم مبدعون كبار، إذا كان غيرهم فشل في التعبير عن ذاته كما ينبغي؟ لا يمكننا اعتبار بعلبك، ولا بيت الدين، مهرجانات للمستقبل... إذا لم تحضن مواهب وامكانات فنية شابة، مسرحية وغنائية تحديداً، فتسهم في ذلك بخلق جيل فنّي جديد، يكمّل المسيرة لبنانيّاً وعربياً.