حسناً فعلت لجنة مهرجانات بعلبك الدولية بإسناد «الليالي اللبنانية» فيها، لهذا الصيف إلى الأخوين فريد وماهر صباغ. حسناً فعلت. وحسناً تفعل كلما سنحت الفرصة لإسناد تلك الليالي إلى شبان، أي إلى جيل جديد، أي إلى طاقات فنية تحمل نظرة جديدة وأسلوباً جديداً في العمل الفنِّي ككلّ. طبعاً، سيُقال أن فريد وماهر الصباغ نالا «الليالي اللبنانية» هذا العام في مهرجانات بعلبك لكون والدهما ووالدتهما من أعضاء لجنة المهرجانات، لا بأس في أن يُقال أي شيء، فاللبنانيون معتادون في هذه الحالات على تحليلات من هذا النوع. وربما ستندلع تخمينات بأن المهرجانات هذا الصيف ستكون ضعيفة لوجود شخصين جديدين على الحياة الفنية فيها. أيضاً لتندلع التخمينات. المهمّ أن «الليالي اللبنانية» تحرَّرت من ربقة الأسماء المكرَّسة ومن قيد «الأباطرة» من فناني لبنان المعروفين «أباً عن جدّ» ، ووصلت إلى «الشباب»، وهذا كان ولا يزال وسيبقى مطلباً أساسياً لدى الفنانين اللبنانيين خصوصاً الجيل الجديد الذي يرغب في أن تكون له فرصته في الوقوف على مدارج بعلبك العالمية. فريد وماهر الصباغ حضَّرا عملاً مسرحياً غنائياً منذ ثلاث سنوات، تدور أحداثه في حياة صلاح الدين الأيوبي. الأيوبي الرمز. تأخرت الموافقة في المجيء. الآن جاءت. بدأ التحضير. بطل المسرحية الفنان عاصي الحلاَّني. ممثل المسرحية أنطوان كرباج. وهناك حوالى مئة شخص بين نجم ونجمة وممثل وراقص وكومبارس في العمل. وتموز بعلبك هذا العام قد يكون حافلاً... لماذا نحتفل بإسناد مهرجانات بعلبك، تحديداً «الليالي اللبنانية» إلى جيل فني جديد؛ ببساطة لأن «القاعدة» التي كادت تسيطر هي اللجوء إلى المكرسين شكلاً ومضموناً وأصلاً وفصلاً ... خوفاً من الفشل. وحتى لو فشل بعض هؤلاء المكرّسين فإنه فشل لهم أما إذا فشلت «الليالي» مع فنانين جدد، فالفشل سيكون للجنة المهرجانات نفسها. هكذا يقدّر البعض ويقرر. ويبدو أن هذا المنطق انتهى شيئاً فشيئاً. أخذت لجنة المهرجانات تفتح الأبواب للجيل الجديد، وفي هذا إيمان بدورها الخلاق، بل في هذا رجوع إلى أساس شخصيتها وانطلاقتها أواخر الخمسينات من القرن الماضي. إن «الليالي اللبنانية» في مهرجانات 1957 وكانت الأولى لبنانياً أعطيت إلى مجموعة من الشبّان الحالمين الحاملين إبداعات كانت في بدايتها: عاصي ومنصور الرحباني، زكي ناصيف، محمد شامل ووديعة ومروان جرار، نزار ميقاتي، نصري شمس الدين، صبري الشريف وغيرهم. وأكبر واحد فيهم سناً كان لا يتجاوز الثلاثين من العمر يومها. آمنت لجنة مهرجانات بعلبك بما لديهم من المواهب والأحلام معاً. ومن تلك اللحظة في ذلك العام 1957 دخل الفنّ الغنائي والموسيقي والمسرحي اللبناني في حالة جديدة هي انتظار ما يمكن أن يفعله جيل جديد في الموسيقى والغناء والمسرح والرقص. لجنة مهرجانات بعلبك الدولية «استعادت شبابها». قالت ينبغي أن تكون الأبواب مفتوحة للجيل الجديد. فريد وماهر صباغ من الجيل الجديد، وبدأ العمل. التحضير. وضع القطار على السكة... ولا ضرورة لا لتضخيم النتائج من الآن ولا لتصغيرها. الانتظار افضل. لكنّ، فريد وماهر الصباغ لا يصعدان إلى بعلبك من دون خلفية فنية أو مسرحية وموسيقية، قبل سنوات قدما مسرحية عن « تشي غيفارا» على أحد مسارح العاصمة ونالت نجاحاً جيداً. بعدها فوراً بدأ التحضير لعمل مسرحي عن صلاح الدين الأيوبي، أنجزاه وراحا ينتظران، إلى أن حان الوقت. انه وقت العمل لدى فريد وماهر الصباغ. الامتحان جدي: نجاح المسرحية سيُنسب إلى الشابين المنكبين على العمل. أما فشلها – لاسمح الله – فسيُنسب إلى كون والديهما من أعضاء لجنة المهرجانات. امتحانان لا امتحان واحد.