ربطت الحكومة السودانية إطلاق السجناء السياسيين بالتوصل الى اتفاق سلام شامل ونهائي في البلاد، فيما قضت محكمة في الخرطوم بسجن قيادي معارض وزع منشوراً ينتقد التفاهم الاخير بين الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة جون قرنق. وفي الاطار نفسه، اتهمت "الحركة" عناصر "نافذة في نظام الخرطوم تحاول القضاء على التطورات الايجابية في عملية السلام عبر محاولات الحسم العسكري وزرع الفتنة بين الجنوبيين في الخرطوم". لكن الخرطوم التي اعترفت امس بوقوع اشتباكات بين جيشها ومقاتلي "الحركة الشعبية" في جنوب البلاد، اكدت ان تلك الاشتباكات لن تؤثر على جولة المفاوضات بينهما التي تستأنف الشهر الجاري. وقلل عضو وفد الحكومة الى المفاوضات مع "الحركة" رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون أمين حسن عمر من اهمية العمليات العسكرية التي جرت في منطقة غرب أعالي النيل، واعتبرها أمرا طبيعيا لأن كل طرف يحاول تحسين موقفه، مؤكداً ان ذلك لن يؤثر على جولة المفاوضات بين الطرفين التي تبدأ في ضاحية مكاكوس قرب نيروبي في 12 آب اغسطس الجاري، مشيراً الى ان هذه الجولة ستناقش وقف اطلاق النار. وأعلن في ندوة نظمتها وزارة الارشاد امس ان حكومته لن تطلق المعتقلين والسجناء السياسيين الا بعد التوصل الى اتفاق سلام نهائي، ونفى اقرار الحكومة فصل الدين عن الدولة. واشار الى امكان انفصال جنوب البلاد اذا رفض الجنوبيون التصويت لمصلحة الوحدة في الاستفتاء المقرر ان يجري بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات. وكشف ان حكومته حصلت على تقرير سري يؤكد ان موقف شركاء هيئة "السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف" إيغاد التي ترعى مفاوضات السلام يتمسك بوحدة السودان. وشدد على ان المجتمع الدولي لا يرغب في دولة جديدة لأن ذلك من شأنه اعادة ترتيب المنطقة واثارة عدم استقرار واضطرابات. وفي اسمرا، صرح الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان ل"الحياة" بان "القوات الحكومية استولت على منطقتي لافون في شرق الاستوائية وتان في غرب اعالي النيل خلال الهجوم البري المسنود بمقاتلات". واضاف ان الهجوم جاء في وقت سادت فيه الآمال بتحقيق السلام في السودان عقب توقيع الحكومة وقرنق اتفاقاً للتفاهم في مكاكوس الكينية واللقاء التاريخي الاول الذي جمع بين الرئيس السوداني عمر البشير وقرنق في كمبالا السبت الماضي. ووصف عرمان الهجوم الحكومي بانه "محاولة من عناصر نافذة في النظام من سياسيين وعسكريين وامنيين يؤمنون بالحسم العسكري والشمولية ويحاولون القضاء على النتائج الايجابية التي تحققت في لقاء كمبالا واتفاق مكاكوس". اعتقال معارض الى ذلك، قضت محكمة جنايات الخرطوم برئاسة القاضي محمد سرالختم بالسجن 15 يوماً والغرامة 500 ألف جنيه 200 دولار على الناشط في "حزب التحرير الاسلامي" يعقوب ابراهيم، لادانته بتوزيع منشور في أحد المساجد يعارض "تفاهم مكاكوس" ويعتبره "تراجعاً عن العقيدة الاسلامية وخيانة للأمة". على صعيد آخر، بحث ممثلون لاحزاب المعارضة الشمالية والجنوبية وناشطين في مؤسسات المجتمع المدني في الخرطوم ليل أول من امس امكان التوصل الى اتفاق على صيغة للوحدة الطوعية باشراك كل القوى السياسية في المرحلة الثانية من مفاوضات السلام. من جهة اخرى اف ب، اعلنت منظمة "وورلد فيجن" الانسانية امس انها تعمل مع الاممالمتحدة والحكومة الالمانية لتحديد موقع ثلاثة من موظفيها المانيان وكيني وتحريرهما من خاطفيهم الذين يحتجزونهم منذ الاثنين في جنوب السودان.