استمر التصعيد العسكري أمس على جبهات القتال في جنوب السودان وشرقه، وربطت الحكومة السودانية بين الهجمات التي تشنها قوات "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق على مواقع استراتيجية في الجبهة الجنوبية، وبين العمليات العسكرية التي نفذتها قوات تابعة للمعارضة في الجبهة الشرقية حول مدينة كسلا. راجع ص 7 وذكر مسؤول سوداني أمس ان عدد القتلى من الجيش السوداني في الجبهة الجنوبية بلغ 20 عسكرياً بينهم أربعة ضباط. في غضون ذلك، أعلن مكتب الأمين العام ل "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض أمس ان السلطات السودانية أجرت محاكمة عاجلة لخطيب مسجد أنصار الإمام المهدي في مدينة أم درمان السيد عبدالمحمود أبو، وحكمت عليه بالسجن خمسة أشهر وبغرامة نصف مليون جنيه سوداني. وسيطر الغموض أمس على العمليات العسكرية في مدينة واو الاستراتيجية في جنوب السودان بعد الهجوم المفاجئ لقوات قرنق إثر نجاحه في استمالة أهم زعماء اقليم بحر الغزال الذي تقع فيه المدينة، واقناعه بالتخلي عن اتفاق سلام وقعه مع الحكومة السودانية. وأكد الناطق باسم "الحركة الشعبية" القائد المناوب ياسر عرمان ل "الحياة" وفي اتصال هاتفي مساء أمس ان القتال استمر طوال أمس في مدينة واو، وان قوات قرنق لا تزال تسيطر على ستة مواقع استولت عليها في شمال شرقي المدينة. لكنه أوضح أنه لم تصدر حصيلة جديدة عن الضحايا. وقال عرمان إن أهمية معركة واو، والتي بدأت ليل الأربعاء - الخميس، تكمن في "أنها تثبت فشل كلام الحكومة عن السلام من الداخل وتضعف الموقف السياسي للحكومة بعد خداعها الشعب والرأي العام بعودة الآلاف ونجاح السلام من الداخل". وأوضح عرمان ان قوات قرنق "لا تزال تسيطر على المواقع الستة في شمال شرقي المدينة التي تشمل حامية المدينة ومطارها ورئاسة خطوط السكك الحديد فيها". وقال ان قوات الجيش السوداني تتمركز في جنوب غربي المدينة وان القتال كان مستمراً بين الجانبين مساء امس. واشار في رد على سؤال الى ان "معظم احياء المدينة السكنية يقع تحت سيطرة قواته" لكنه لم يحدد عدد ضحايا القتال من المدنيين. وتزامن الهجوم المباغت في الجنوب مع هجمات في مواقع اخرى وعمليتين منفصلتين نفّذتهما قوات حزب الامة وتنظيم "قوات التحالف السودانية" في شرق السودان وشكل ذلك مفاجأة كبيرة للحكومة في وقت استبعد مراقبون حصول هجوم كبير في ظل هطول امطار كثيرة في المنطقة المليئة بالانهار والغابات. وشكل انشقاق الكوماندور كاربينو كوانين مؤسس "الحركة الشعبية" عام 1983 عن الحكومة وعودته الى قرنق ضربة كبيرة للحكومة التي اشادت اخيراً بجهوده في اعادة آلاف من مقاتلي قرنق الى جانب الحكومة. وامتنعت الحكومة السودانية عن تأكيد ما اذا كان كوانين تخلى عنها فعلاً لكنها اكدت انها صدّت الهجوم على المدينة. وتمكن قرنق من اقناع كوانين بالعودة الى صفوف الحركة وعلم انه سيتولى منصب نائب رئيس "الحركة الشعبية" وكانت الحكومة عرضت تعيينه نائباً لرئيس مجلس الجنوب. وقال عرمان ان كاربينو "يقود قوات الحركة حالياً في معركة واو وان قواته كانت تسيطر اصلاً على ريف اقليم بحر الغزال ما يعني اننا بتنا نسيطر على مناطق واسعة". ولفت الى ان السيطرة على الاقليم "ستمكن من اتصال قوات الحركة في جبال النوبة في الغرب مع قواتها" في الجنوب. الجبهة الشرقية وفي الخرطوم، اعترفت الحكومة السودانية بحصول "اعتداء جديد" قرب مدينة كسلا في شرق السودان وقال الفريق عبدالرحمن سرالختم الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني "ان قذفاً مدفعياً كثيفاً انطلق صباح امس الجمعة من مواقع داخل الحدود الاريترية في اتجاه بعض الاهداف العسكرية حول مدينة كسلا في قلسه وأبو قمل واللفه واستمر من الساعة السادسة صباحاً حتى الحادية عشرة حتى تمكنت القوات السودانية من إسكاته". وأضاف: "ان هذا الهجوم تزامن مع الهجوم على مدينتي واو وأويل ما يدل على وجود تنسيق". وكان الفريق سرالختم تحدث في مؤتمر صحافي عقده مساء امس وانتقد الولاياتالمتحدة وقال انها العدو الأول لبلاده وانها اعلنت موقفها صراحة باسقاط حكومة الخرطوم. وعرض تفاصيل الهجوم على مدينة واو. وقال: "ان الهجوم بدأ منتصف ليل الاربعاء - الخميس من ثلاث جهات في شمال واو واستهدف بعض المواقع العسكرية واستمر طيلة الليل وحتى الصباح، وتكبدت القوات الحكومية عشرين فرداً بينهم أربعة ضباط وتجرى حالياً عملية حصر القتلى من الخوارج" الذين ذكر ان عددهم تجاوز 600. انصار المهدي من جهة اخرى أفاد مكتب الأمين العام لپ"التجمع" في بيان اصدره مساء امس ان خطيب مسجد الانصار اجريت له "محاكمة صورية في منزل مهجور في احدى ضواحي ام درمان ليل الخميس - الجمعة" وان "القاضي محمد مختار اصدر في حقه حكماً بالسجن خمسة اشهر والغرامة من دون السماح له بالدفاع عن نفسه او توكيل محام". واعتقل أبو ظهر الخميس بعدما أمّ المصلين في مسجد الإمام عبدالرحمن المهدي في ودنوباوي ووجه انتقادات حادة الى سياسات الحكومة في خطبة العيد.