عادت موجة العنف لتضرب بقوة الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية. إذ انفجرت قنبلة في سوق منطقة الاربعاء أوقعت 35 قتيلاً و80 جريحاً، بحسب حصيلة رسمية. وفي موازاة تجدد المواجهات في منطقة القبائل، دعا الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الهيئة الناخبة إلى إستكمال بناء المؤسسات، وحدد موعد الانتخابات المحلية في العاشر من تشرين الاول أكتوبر المقبل. واهتزت الضاحية الجنوبية للعاصمة على وقع إنفجار قنبلة شديدة المفعول في السوق الشعبي لبلدية الأربعاء. وخلفت 35 قتيلاً و80 جريحاً غالبيتهم أصيبوا بجروح خطيرة. وكانت حصيلة أولية أعلنتها أجهزة الأمن ذكرت أن عدد الضحايا هو 29 قتيلاً و37 جريحاً. وفي التفاصيل أن القنبلة التقليدية التي يعتقد بانها صنعت من مادة "تي. ان. تي" إنفجرت قرابة التاسعة صباحاً حين كان السوق الأسبوعي للخضر والفواكهة في أوج الإكتظاظ وتحول في لحظة إلى أشلاء ودماء وجثث ممزقة تناثرت في مختلف أنحائه. والى جانب مدخل السوق ظهرت حفرة كبيرة قطرها أكثر من خمسين سنتيمتراً من جراء الانفجار. ولوحظ أن من بين القتلى أحد الرعايا الأفارقة ورجل مختل عقلياً كانا قرب مدخل السوق حيث انتشر الباعة المتجولون الذين كانوا أول ضحايا هذا الإعتداء. وقال أحد المصابين: "لم ندر ما وقع. وجدت نفسي فجأة على الأرض والكل يجري في الإتجاهات المختلفة. صراخ وعويل ثم ظننت أن كل شيء توقف". وتابع: "لا أدري بالضبط ماذا حصل ... سمعت ذوياً هائلاً ولا أدري ماذا حصل إثر ذلك". وبادر عدد من سكان الأحياء القريبة من السوق بنقل الجرحى إلى عيادة البلدية ومستشفى زميرلي والحراش، بينما بقيت على الأرض الجثث الممزقة تنتظر أفراد الحماية المدينة الذين تولوا نقلها إلى مصلحة حفظ الجثث في إنتظار تحديد هوية الضحايا. وهذه المرة التي تتجاوز فيها حصيلة القتلى أكثر من أربعين قتيلاً في إعتداء في العاصمة منذ 1997. وهو يؤشر الى عودة قوية لعناصر الجماعات الإسلامية المسلحة على رغم تقلص عددهم بفعل العمليات الأمنية التي طاولت شبكات الإسناد والدعم أخيراً. وكان الأمير الجديد ل"الجماعة الإسلامية المسلحة" الرشيد أبو تراب توعد في سلسلة من البيانات وزعت أخيراً في الجزائر بتصعيد العمليات المسلحة ضد الذين يخرجون عن نهج "الجماعة" أو يقفون ضدها او الذين لا يمدون يد العون والمساعدة اليها. ويلاحظ أن "الجماعة" صعدت أخيراً عملياتها ضد المدنيين وافراد الشرطة. ويعتقد بأن لجوءها إلى إستعمال المتفجرات الشديدة المفعول يؤكد ما تردد منذ فترة في شأن حصولها على دعم خارجي لبعث نشاطها المسلح. وتزامن الإنفجار المروع الذي سمع دويه على بعد أكثر من خمسة كيلومترات، مع إحتفال الجزائريين بالذكرى الأربعين للإستقلال والتي تصادف الخامس من تموز يوليو من كل سنة. كما أنه جاء بعد يوم واحد فقط من إعلان الرئيس الجزائري إستدعاء الهيئة الناخبة للإستحقاقات المحلية انتخابات البلديات والولايات التي قرر اجراءها في 10 تشرين الأول أكتوبر المقبل. وحض الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في تعليمة رسمية، الحكومة على السهر "بوجه خاص على ضمان سلامة العمليات في جميع مراحل الإقتراع ومطابقتها التامة مع القانون". على صعيد آخر، أضرب معظم تجار ولاية تيزي وزو، أمس، استجابة لقرار تنسيقية العروش البربرية. وشهدت المدينة مشادات محدودة عند مدخلها الشرقي حيث أقامت شرطة مكافحة الشغب حاجزاً أمنياً لمنع متظاهرين من المرور نحو تيزي وزو. ورشق المتظاهرون بالحجارة اعوان حفظ الامن العمومي الذين حاولوا تفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع. وفي الوقت نفسه أضرم المتظاهرون الذين يُعدون ببضع مئات، النار في عجلات مطاطية قديمة واقاموا حواجز في العديد من النقاط على الطريق الوطني الرقم 12، مما اثار اضطراباً في حركة المرور. وفي العاصمة إنتشرت قوات مكافحة الشغب بأعداد كبيرة مدعمة بالشاحنات التي تحمل خراطيم المياه لقمع تظاهرة كان من المقرر تنظيمها مساء في ساحة الشهداء. ولوحظ أن غالبية مداخل العاصمة وضعت عليها حواجز أمنية لمنع توافد الناشطين البربر إلى مكان التجمع. في سياق آخر، دشن بوتفليقة، أمس، قرب قصر الرياس في باب الوادي في العاصمة نصباً تذكارياً ل"حاملي الحقائب"، وهو تعبير يُطلق على الفرنسيين الذين تعاونوا مع الثورة الجزائرية. وقال الرئيس الجزائري في كلمة بمناسبة ذكرى الإستقلال، أن هذا النصب مهدى "من طرف الشعب الجزائري اعترافاً منه لاخوتنا واخواتنا ورفقاء السلاح المحبين للسلام والحرية الذين ساهموا بالتضحية والشجاعة في الحفاظ على كرامة الشعب الفرنسي وشرف فرنسا ابان حرب التحرير الوطني".