تصاعدت أمس حدة الصدامات الدموية في منطقة القبائل في الجزائر، وأرسل الجيش مدرعات انتشرت فيها، في حين كان متوقعاً أن يصدر قرار بحظر التجول ليلاً بعد اتساع "رقعة التخريب" في مناطق متفرقة من خمس ولايات أساسية ينتشر فيها البربر بكثافة. وعلمت "الحياة" من مصادر مستشفيات ان حصيلة الضحايا بلغت أمس 21 قتيلاً و300 جريح، ليصبح مجموع ضحايا المواجهات بين المتظاهرين البربر وقوات الأمن في الأيام الثلاثة الماضية 37 قتيلاً و600 جريح. وأكدت الحكومة ان عدد القتلى بلغ أمس 15، كما أفيد عن اعتقال سبعين من المتظاهرين. وكان بين الضحايا رضيع ومراسل لصحيفة "لا نوفال ربيبليك". وأفاد شهود ان مدرعات للجيش دخلت المنطقة لإخماد المواجهات. ويتخوف مراقبون من أن يؤدي استعمال القوة الى نتائج عكسية من شأنها تصعيد التوتر، خصوصاً مع رغبة كثيرين من الشباب الغاضب في إبداء دعم لعناصر الجماعات الاسلامية المسلحة التي قتلت أمس 40 جندياً في مكمن نصبته في ولاية تبسة راجع ص 6. وتوسعت حركة الاحتجاجات والمواجهات العنيفة أمس لتشمل مناطق أخرى في بعض الولايات التي لم تشهد سابقاً حوادث عنف، ودمر متظاهرون مكتب "لانوفال ربيبليك" في ولاية بجاية وقتل مراسل الصحيفة أحمال كمال برصاصة في الرأس خلال تغطيته الصدامات في ولاية تيزي وزو. وعلى رغم قرار "جبهة القوى الاشتراكية" حزب بربري تأجيل تظاهرتين كانت دعت الى تنظيمهما أمس في كل من تيزي وزو وبجاية، خرج المتظاهرون الى الشوارع في مسيرات تحولت الى مواجهات مع قوات مكافحة الشغب في عدد من الولايات. وتجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين توافدوا من مناطق ولاية بجاية وقراها وسط مدينة بجاية في مسيرة سلمية، تحولت الى صدامات عنيفة بعد احراق الشباب شاحنة أمام مقر الولاية، وتدخلت قوات مكافحة الشغب للرد بعنف. وفي ولاية تيزي وزو اشتبك مئات من الشباب البربري مع قوات الأمن، وتحولت الشوارع الى ما يشبه ساحة حرب، اثر تدمير مقرات للهيئات الحكومية وحرق سيارات. وامتدت اعمال العنف الى ولايات أخرى مثل البويرة وسطيف وجيجل حيث دمر الكثير من المنشآت. وتوجهت وحدات تابعة للجيش الجزائري الى منطقة القبائل في أهم عملية أمنية تنفذها الحكومة، لتطويق أعمال العنف في المنطقة. ولم تعلن المصادر الرسمية هذا القرار، لكن مواطنين زاروا ولاية تيزي وزو أمس أفادوا انهم شاهدوا عشرات المدرعات والشاحنات التي تقل عناصر من الجيش تتجه الى المنطقة. ودأبت الدولة على مواجهة أحداث الشغب باللجوء الى الجيش بسبب اصابة مئات من رجال الأمن خلال المواجهات الأخيرة. وأجمعت القوى السياسية على ادانة لجوء الشباب الى العنف وتخريب الممتلكات الحكومية لفرض مطالب ثقافية، ودعت قوى أخرى الى حوار حول هذه القضية التي باتت تمثل "تهديداً للوحدة الوطنية".