هل الخطأ الذي حصل في سهرة الشاب خالد "ملك الراي" الجزائري ارتكبته لجنة مهرجانات بيت الدين أم ان تخطي المطرب المصري حكيم الوقت الممنوح له واعتداءه على الوقت الذي كان من المفترض ان يغني فيه الشاب خالد هما اللذان احدثا البلبلة التي شهدتها السهرة الموسيقية والغنائية المشتركة؟ جاء الجمهور ليشاهد الشاب خالد ويستمع الى اغانيه لكنه فوجئ بأن المغني الجزائري لم يطل على المسرح إلا في الوقت الاخير، اي بعد منتصف الليل وبعدما كان انهكه المطرب المصري الشعبي حكيم الذي احتل المسرح اكثر من ساعة ونصف ساعة مغنياً وراقصاً ومؤدياً بعض اللقطات الهازئة. ولم يدر الجمهور الذي تململ طوال هذا الوقت الذي اختلسه حكيم على حساب الشاب خالد، السبب الذي دفعه ليحتل المسرح هكذا ومن دون اعلان مسبق. صحيح ان بعض الحاضرين رقصوا مع حكيم وصفقوا له ورددوا اغنياته وخصوصاً "السلام عليكم" و"بحبك يا وله" و"الحق عليك"، لكن معظم الجمهور اصيب بما يشبه الخيبة. فالحفلة التي اثيرت ضجة كبيرة حولها كان ينبغي ان تكون حفلة الشاب خالد وليست حفلة حكيم. وكان سبب الضجة التي كان وراءها بعض المعترضين على مشاركة الشاب خالد مغنية اسرائىلية في حفلة ايطالية. لكن الحملة التي هبت ضد الشاب خالد في لبنان ما لبثت ان هدأت. ولعل الاقبال الغزير على سهرة بيت الدين كان خير دليل على رضا الجمهور وعلى تقديره الشاب خالد. بداية السهرة كانت جميلة جداً وهادئة، اذ افتتحها الموسيقي الفلسطيني سيمون شاهين عازفاً مع الفرقة الموسيقية مقطوعات من اسطوانته "اللهب الأزرق" وعزف بدوره على العود حيناً وعلى الكمان حيناً آخر. اما الفرقة فكانت مزيجاً من آلات غربية وشرقية عود، ساكسوفون، غيتار، كيبورد، ناي... وراح سيمون شاهين يرتجل وحده أحياناً عازفاً تلك الارتجالات ببراعة وعفوية ودفء. ولكن ما إن أطل الشاب خالد بعد الصخب الذي احدثه حكيم حتى اشتعلت الصفوف تصفيقاً وارتفعت الاصوات تحيي "ملك الراي" الجزائري. اطل خالد على عكازين وراح يمشي الهوينى حتى وصل الى كرسيه. لكن وجهه كان على شيء من عدم السرور - لئلا اقول الحزن. فهو تأخر عن اطلالته "لأسباب تقنية" كما اذاع المسؤولون. لكن الاسباب حتماً لم تكن تقنية. ولعلها وقاحة المطرب حكيم واستئثاره بالوقت على المسرح هما اللذان جعلا خالد غير مسرور وربما غاضباً علاوة على الحملة "المناهضة للتطبيع" التي كانت قامت ضده. ولذلك لم يتوان عن ترداد جمل تعبر عن حال الغربة "خارج الاوطان"... إلا ان الجمهور الذي اصر على انتظار الشاب خالد كل ذلك الوقت سرعان ما تحمس له ولأغنياته وخصوصاً اغنية "عبدالقادر" التي راح الكثيرون يرددونها ويرقصون على ايقاعها. وعلى رغم عدم السرور او الرضا وعلى رغم جلوسه على الكرسي استطاع الشاب خالد ان يكون حقاً نجم تلك السهرة وخفف عن الجمهور وطأة الفوضى والعشوائية والسطحية التي فرضها المطرب حكيم. وحسناً فعلت لجنة مهرجانات بيت الدين بتخصيصها سهرة امس للفنان سيمون شاهين الذي يعتبر اليوم من الموسيقيين الطليعيين عربياً وعالمياً.