رئيس هيئة العقار يفتتح معرض ريستاتكس الرياض العقاري 2025    الخارجية الأمريكية: اجتماع «الثلاثاء» لمتابعة مكالمة الرئيسين ترمب وبوتين    أبرز الملفات المطروحة في المحادثات الأمريكية - الروسية بالرياض    البكيرية يقسو على العين بخماسية في دوري يلو        اختتام وطن بلا مخالف بالرياض    استعدادات إسرائيلية لاستلام جثامين 5 أسرى.. الخميس    وثيقة غزة العربية.. وقف الحرب 10 سنوات ولجنة للإعمار    أمير الحدود الشمالية يدشن مشروعات استثمارية ب29 مليار ريال في مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية    باختاكور يحافظ على أماله بالفوز على السد    فريق نيسان للفورمولا إي يستعد لخوض سباق ميامي إي-بري مدعومًا بشراكته مع إلكترومين    مريض يطمئن على مريض تركي السرحاني إنسانية ووفاء    "سدايا" تطلق معسكر المدن الذكية    أمير منطقة القصيم يكرّم 24 فائزاً بجائزة صناعة المحتوى    وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية المتعددة ووزير خارجية موريشيوس يستعرضان التعاون الثنائي    بلدية محافظة عنيزة تستعد لإطلاق مهرجان "حياة الورد" الثالث    الأمير سعود بن نهار يختتم جولاته التفقدية للمراكز الإدارية التابعة للطائف    150 شركة في ملتقى البنية التحتية السعودي - الكندي    سمو نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة العقيد جبران بن محمد بن خاطر -رحمها الله-.    مساعد وزير الداخلية يشهد تخريج الدفعة ال 6 من الدورة التأهيلية للفرد الأساسي (نساء)    "تخفيضات رمضان" على Amazon.sa تنطلق في 17 فبراير: خصومات مذهلة وآلاف العروض    إتاحة استرداد الضريبة للمتبرعين في تنفيذ مشاريع النفع العام    أكثر من 200 إعلامي و34 قناة نقلوا سباق" فورمولا إي جدة" إلى العالم    قائد القوات الخاصة للأمن البيئي يدشن القوة الخاصة للأمن البيئي بمحمية عروق بني معارض الطبيعية بمنطقة نجران    أدبي جازان يقيم عدد من الفعاليات بمناسبة يوم التأسيس    الأشخاص ذوي الإعاقة يكسرون حاجز الإعاقة ويزورون معرض جازان للكتاب 2025 "جازان تقرأ "    برعاية أمير منطقة الرياض.. "جمعية كفيف" تزف بعد غدٍ 45 شابًا وفتاة من المكفوفين    أمير القصيم يستقبل مدير عام الجوازات والفائزين بصناعة المحتوى    وزير الشؤون الإسلامية يدشن مشروع تشجير مساجد وجوامع منطقة القصيم    أسعار النفط إلى 74 دولاراً    تزامن فلكي بين التقويم الهجري والميلادي.. مطلع رمضان    حرم ولي العهد تُعلن إطلاق متحف مسك للتراث «آسان»    آل الشيخ يدشن مشروع لعقود الصيانة والنظافة والتشغيل لجوامع ومساجد القصيم    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف في مؤتمر المركز الوطني للوثائق    أمانة تبوك تكثف أعمال الإصحاح البيئي ومكتفحة آفات الصحة العامة    مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين يُقر أعضاء مجلس إدارة صندوق دعم الإعلاميين    المملكة تقدم نموذجًا عالميًا في مكافحة "الاتجار بالأشخاص"    ماذا تقدم بيضة واحدة أسبوعياً لقلبك ؟    التعامل بحزم مع الاعتداء على «اليونيفيل».. السعودية تدعم إجراءات لبنان لمواجهة محاولات العبث بالأمن    وزير الداخلية ونظيره اللبناني يبحثان مسارات التعاون الأمني    تراجع مفهوم الخطوبة بين القيم الاجتماعية والتأثيرات الحديثة    عيد الحب.. بين المشاعر الحقيقية والقيم الإسلامية    10 مسارات إثرائية لتعزيز تجربة قاصدي الحرمين في رمضان    زار اللاذقية ضمن جولة حشد الدعم ل«الحوار السوري».. الشرع: سنحاسب كل من تلطّخت أياديه بالدماء    تحذير من أجهزة ذكية لقياس سكر الدم    الشيخ السليمان ل«الرياض»: بعض المعبرين أفسد حياة الناس ودمر البيوت    «سلمان للإغاثة» يدشن مبادرة «إطعام - 4»    أمير الشرقية يرعى لقاء «أصدقاء المرضى»    الحجامة.. صحة وعلاج ووقاية    محمد بن ناصر يدشّن حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال    يوم «سرطان الأطفال».. التثقيف بطرق العلاج    الحاضنات داعمة للأمهات    غرامة لعدم المخالفة !    القادسية قادم بقوة    منتدى الاستثمار الرياضي يسلّم شارة SIF لشركة المحركات السعودية    الأهلي تعب وأتعبنا    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب أُعجب بصوتها عندما كانت في العشرين . ريما خشيش مطربة أصيلة بلا أغنية خاصة
نشر في الحياة يوم 02 - 02 - 1999

لا تستطيع هذه الأيام أن تسمع عرضاً موسيقياً غنائياً لبنانياً أجمل أو أرقى من تلك السهرة التي قدمتها ريما خشيش في مسرح المدينة، اللهم إلا إذا جاءتك فرقة من خارج لبنان ربما.
ريما خشيش، الصبية التي بدأت تغني الموشحات وهي في الثامنة، مع سليم سحّاب في فرقة بيروت، بلغت سن الرشد الفني أخيراً، وهي في الخامسة والعشرين، وبدا صوتها، وهي تغنّي لجمهور صعب، ناضجاً النضج الذي يشتهيه كل مغن يسهر الليالي ويمضي السنوات في الاستعداد والعمل والتعلم.
لم يكن رقي العرض وجماله من صنع ريما وحدها، فاختيار الأغنيات كان لا شك مسهماً إسهاماً طيباً في هذا، وكذلك الفرقة الموسيقية التي رأسها عازف الكمان ميشال خير الله. وضمت الفرقة على الكمان، مع خير الله، أنطوان خليفة وأنيس حاوي وعلى الناي سمير سبليني وعلى العود أندريه الحاج، وعلى القانون نهاد عقيقي، وعلى الرق غسان منصور، وعلى الطبلة فيصل حسن، وعلى التشيلو انطوان فرح، وعلى الكونترباص بسام صالح، وعلى البيانو جاد رياشي. ورافق ريما جوق ضم وليد الجلخ وفؤاد سوبرة وسامر حمدان ورياض شيرازي.
أثبتت الفرقة أن عدد العازفين ليس هو المهم، إذا كان العرض الموسيقي لا يتطلب عدداً كبيراً، وإذا أجيد التدرّب ولزم العزف مستوى من الاتقان والوقار والذوق. ولم يخرج العزف طول السهرة عن هذه الشروط، فخالف كل تقاليد الهيصة الدارجة التي يستخدمها بعض الموسيقيين لتغطية رداءة العزف وقلة الحيلة الموسيقية. ولم يعزف البيانو إلا حيثما يناسب روح الأغنية، مثل: الصبا والجمال لمحمد عبدالوهاب وسليمى، وخُلقتِ جميلة لخالد أبو النصر، وهي أغنيات استُخدم البيانو أصلاً في أدائها. ولولا بعض الأخطاء القليلة في التدوين الموسيقي لبلغ الاتقان في الفرقة الموسيقية حده الأقصى الممكن في لبنان اليوم بما يتوافر من امكانات بشرية.
أما اختيار الأغنيات فتنم عن معرفة ريما الجيدة بالتراث العربي، وعن ذوقها الجميل المطل على توليفة منوعة من موروث الغناء العربي: معزوفة حبّي لمحمد عبدالوهاب، يا عشاق النبي لسيد درويش، وموشح فُتن الذي فتن القلوب لفؤاد عبدالمجيد المستكاوي، وسكن الليل لمحمد عبدالوهاب، ويا ناعم لسامي الصيداوي، وهان الود لمحمد عبدالوهاب، وسليمى لخالد أبو النصر.
وفي القسم الثاني من السهرة، غنّت ريما: الصبا والجمال لمحمد عبدالوهاب، والقلل القناوي لسيد درويش، وخُلِقتِ جميلة لخالد أبو النصر، وموشح يا غريب الدار لفؤاد عبدالمجيد المستكاوي، ودور مين اللي قال لزكريا أحمد، وما في حدا للأخوين رحباني.
وإذا كان اختيار الختام هذا غير موفق، فإن ما بقي من البرنامج كان منوعاً ومرتباً بذوق مسرحي راق بلغ الذروة في أغنيتي محمد عبدالوهاب: الصبا والجمال، وسكن الليل، وأغنيتي خالد أبو النصر: خُلقتِ جميلة وسليمى. غير أن دور مين اللي قال الذي غنته أم كلثوم من ألحان زكريا أحمد، ويا ناعم التي غنتها وداد من ألحان سامي الصيداوي وأغنيتي الشيخ سيد درويش: يا عشاق النبي والقلل القناوي، أضفت على السهرة تلك الألوان التي جعلتها زاهية منوّعة، فجالت بالجمهور على جو الطرب التقليدي والطرب الشعبي، فيما صبغت أغنيات عبدالوهاب وخالد أبو النصر جزءاً من السهرة بتلك النفحة العصرية المرهفة.
كانت ريما دون العشرين بعد حين استمع اليها محمد عبدالوهاب في القاهرة، وسمّاها ريما كامل على اسم والدها كامل خشيش وقال لها: ان العُرَب السريعة في غنائها قلّما سمعها بعد أم كلثوم من المطربات. وكان هذا إطراء لا يقدّر بثمن. لكن صوت ريما الحساس والمطرب والأصيل ظل محدود الحجم سنوات، حتى كانت هاتان السهرتان اللتان سمعنا فيهما صوت ريما مفتوحاً وأقوى من ذي قبل، خصوصاً في أغنية سليمى، حيث تعلمت ريما من مغنية الأغنية الأصلية المطربة الكبيرة المرحومة زكية حمدان، كيف تجعل صوتها "فاجراً" في بعض الأحيان، ذلك "الفجور" المطرب، الذي ينم عن مقدرة، ويمارس "سلطة" لا تقاوم على أسماع الجمهور، فإذا كان أسلوب زكية حمدان قد دل ريما على طريقة لفتح صوتها وتكبير حجمه، فلا بد من أن تواصل السير على هذا المنوال، لترافقها هذه القوة المكتسبة في معظم غنائها، الذي يحتاج الى صوت قوي مفتوح. وتمكّنت ريما في كل الأغنيات من تأدية قفلة مطربة تدل على اقتدار متمكّن قلّما نسمعه هذه الأيام، في عصر الأصوات الركيكة والغناء السهل.
لم تغنّ ريما في برنامجها أي أغنية "خاصة" لها، أي لم تغنّ أي أغنية لُحّنت لها خصيصاً. وعقدة "الأغنية الخاصة"، اخترعها نقاذ آخر زمن، في صحافة الفن، وجعلوا منها أداة ضغط، يشهرونها في وجه أي مغن أو مغنية، حتى يسعى الى شعراء الأغنية وملحنيها. فتحس أن المغني الذي لم يُصدر "ألبوماً"، من أغنياته "الخاصة"، وكأنه لا يزال فناناً قاصراً لم "ينطلق" بعد. والكلمات بين المزدوجات، هي من مفردات النقاد أصحاب نظرية "الأغنية الخاصة"، ومن عدة شغلهم. وهي كلمات نسمعها في كل المقابلات التلفزيونية والإذاعية والصحافية التي نراها ونقرؤها في كل يوم، مع "نجوم" غناء آخر زمن. في معيار هؤلاء، بافاروتي وماريا كالاس ومونسيرا كاباييه ليسوا مغنيين بالغين سن الرشد بعد، ولا كاروزو حتى، لأن كل هؤلاء يغنّون تراث القرن التاسع عشر الأوبرالي، وإذا غنّوا من تراث القرن العشرين، فإن أحداً منهم ولا من الجمهور الناضج، لا يهتم إذا كانت الأغنية قد لُحّنت لهم أو لغيرهم. بل جل ما يسأل عنه الجمهور الناضج، غير الساذج، هو جودة الأغنية والغناء.
ريما خشيش لا ترضخ لابتزاز نقاد آخر زمن، وتلتزم الأغنية الممتازة، ولو كانت من العصور الوسطى، وهي في هذا المجال تكتفي بما تكتفي به فرقة برلين فلهارمونيك، أي التراث الجيد، ولو كان قديماً، ولا تطمح الى "الأغنية الخاصة" الرديئة. لذلك أطربتنا ريما كثيراً في سهراتها في مسرح المدينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.