بات الفيديو كليب، مع مرور الوقت، ملازماً للأغنية السائدة. ومن الواضح ان زمن الأغنية الحالي هو زمن الفيديو كليب. وربما كان هذا علامة فارقة لهذا الغناء وصفة من صفات مطربي هذه الأيام مقارنة مع الأغاني القديمة التي لم يعش اصحابها مع الكليب. كانت الأغاني صوتاً فقط، وربما كان الاستماع إليها اكثر هدوءاً وصفاء واستيعاباً، خصوصاً ان الكثير من المتابعين والنقاد يعتبرون ان الكليب يخلق نوعاً من المزاحمة مع الأغنية نفسها، وهذا ما يجعل المستمع والمشاهد يضيعا بين كلمات الأغنية وبين السيناريو المصور على خلفيتها، هذا السيناريو الذي غالباً ما يراد به اظهار أناقة المغني وثرائه وكثرة محظياته من النساء الجميلات وسيارته الفارهة الخ. المغنون المقتدرون مادياً يستطيعون جلب عشرين راقصة أو توب موديل أو عارضة أزياء، انهن المادة المطلوبة لأي فيديو كليب حالياً. لم يعد المغني يرضى بواحدة يغني لها، وحتى إذا قبل بواحدة فلا بد من ان تتواجد الكثيرات حولها. هؤلاء يريدون ان يظهروا صورة معينة لأنفسهم في كليباتهم. إنها صورة فارس الأحلام أو الشاب "الجذاب". وهي صورة غالباً ما تتناقض مع صورتهم الواقعية. من بين الكليبات الجديدة كليب لأغنية "السلام عليكم" للمطرب المصري حكيم. يقدم هذا الكليب صورة مختلفة عن السائد. حكيم لديه اغنيات باتت تشكل نبرة خاصة به تقريباً. إنه يغني أغاني شعبية وقريبة من الناس العاديين. وهو بهذا المعنى ليس بطلاً أو فارساً كما يريد غيره ان يصور نفسه. ولكن شعبيته، في الوقت نفسه، لا تجعله من صنف احمد عدوية او شعبان عبدالرحيم مثلاً. إنه حال بين هذين وبين أقرانه وزملائه من المغنين المصريين. إنه ابن الحارة ولكنه ليس من عالمها السفلي. وفي اغنيته "السلام عليكم" يحاول حكيم ان يكسر، كم فعل في اغنيات سابقة، سواء بكلمات الأغنية أو بالكليب المصور عنها، الصورة السائدة للفيديو كليب فنراه متلائماً مع النمط الذي يغنيه ومع الصورة التي يروّجها لنفسه كمواطن بسيط و"جدع". سيناريو الكليب مبني على فكرة المهن وحكيم يمثل سلسلة من هذه المهن. فنراه ميكانيكياً وعجلاتياً وعامل Delivery وسائق اوتوبيس وقاطع تذاكر وعامل في مقهى شعبي وطبيباً في الطوارئ وموظفاً يركض خلف الباص. كل ذلك في مونتاج سريع وإيقاع متدفق يلعب على حضور حكيم المحبب والبسيط من دون اي بذخ في المشاهد أو في الثياب أو الديكورات. اغنية تشبه نفسها وتشبه صاحبها. لا نريد من الآخرين ان يقلدوا حكيم ولكن لعل فائدة هذا الكليب انه يظهر الفرق الكبير بين ما يريده المغنون وبين واقعهم الفعلي!