تلقى العروض الفنية المغربية إقبالاً واسعاً في فرنسا. فالجمهور الفرنسي يرتبط، ومنذ زمن طويل، بروابط مميزة ومتفردة مع بلدان المغرب العربي التي تتميز بتنوعها الجغرافي والثقافي وتتحلى بتلك الخصوصية لثقافة ذات جذور عميقة تقدم في فنونها التراث الأصيل والتراث الذي امتزج بروافد جديدة. وتترك الحركة الواسعة لشعوب تلك البلدان نحو أوروبا وكذلك العلاقة التي تربطهما بشمال المتوسط، آثارها على أشكال التعبير الفني بمختلف أنواعه وأساليبه. تعتمد الموسيقى المغربية التراث أساساً لها. لكن هذا التراث لا يقف حاجزاً أمام عملية الابداع الجديدة. هذه العملية القائمة في الكثير من الأحيان على المزج بين الأنواع الموسيقية. كذلك المزج بين الموسيقى الأندلسية والسالسا والفلامنكو والشعبي، أو بين الموسيقى الشعبية والصحراوية وبين الروك كما فعل رشيد طه. كل هذا لا يمنع انتشار اتجاهات جديدة تماماً، كالراب الذي وصل الى المغرب العربي في بدايات التسعينات ولقي فيه أرضاً خصبة، لا سيما في الجزائر، إذ عبر الراب. وبالنظر إلى سهولة تكيفه، يستطيع الشباب التعبير عن الأوضاع السائدة والظروف الحياتية المعاشة. كل هذه الأنواع الموسيقية، من تراثية كلاسيكية أو تراثية شعبية، إلى الراي والراب و الموسيقى الإلكترونية والأغاني البربرية الشاوي والغناوة، إضافة إلى الرقص التعبيري المعاصر، تعرض على أكبر المسارح الفرنسية: مدينة الموسيقى، باريس-فيليت، الغراند هول، وزينيت وأيضاً في الهواء الطلق. وذلك ضمن تظاهرة خط العرض- فيليت لاتيتيود-فيليت حتى الثامن من حزيران يونيو. وسيقوم مائتا وخمسون فناناً من النجوم ومن الأصوات الجديدة، سواء من القادمين من المغرب العربي وبعضهم للمرة الأولى الى فرنسا، أم من المقيمين فيها، بدعوة الجمهور الفرنسي لاكتشاف غنى الثقافة المغربية وتنوعها. محاطاً بمعلميه الكبار، ومنهم معلمه لسنوات السبعينات بو طيبة صغير شارل أزنافور الراي كما يلقبه خالد وبمغنين شبان من الجيل الجديد، ومنهم شابة خيرة إحدى نجمات الشباب الجزائري، سيغني خالد في حفلة على مسرح زينيت يستعيد فيه البدايات. وستكون رحلة في تاريخ الراي الماضي والحاضر منذ العشرينات وحتى يومنا هذا. ومعلوم أن خالد هو الذي أدخل في الثمانينات الأغنية العربية في المشهد الغنائي الفرنسي. ومن فرنسا صدّر الراي إلى العالم. ومحمد باجدّوب المغربي ولطفي بو شناق التونسي واوركسترا شباب الأندلس من الرباط سيقترحون رحلة بين الغناء المغربي والعربي، بين الموال والنوبة التي جاء بها زرياب إلى قرطبة ثم بعد سقوط غرناطة، أصبحت المغرب هي المهد الذي احتضن هذه الموسيقى العربية الأندلسية. وستحيي فرقة غرناطة من تلمسان أمسية من هذا التراث أيضاً. كما سيكون الغناء الصوفي لمدينة فاس حاضراً عبر فرقة الجيلالي والعود السماعي مع التونسي كامل فرجاني. ولا يفوتنا ذكر حضور المطربة نجاة عتابو الملقبة "لبوة الأطلس" والتي تتمتع بشعبية كبيرة في المغرب بأغانيها المتمردة. وسيمثل الموسيقى "المهاجرة" عدد من المغنين أشهرهم رشيد طه. وستخصص أمسية للراب المغربي مع فرقتي "أنتيك" و"م ب س" اللتين فتحتا الطريق أمام فرق أخرى ومغنين أصبحوا اليوم نجوماً في المغرب مثل "واهب" الذي يغني للمرة الأولى في فرنسا. وستخصص في الثامن من حزيران أمسية كاملة لتكريم فنانات: موسيقيات وراقصات ومغنيات محترفات يعبرن عن "ارتباط المرأة المغربية بأرضها وبعائلتها وبلغتها وبالعادات المتوارثة والمتناقلة جيلاً بعد آخر. في هذه البلدان ذات الحركة الدائمة والتي تبقى فيها المرأة الحارسة الأخيرة للكلمة"، كما يذكر كتيب التظاهرة. ويعتبر منظمو التظاهرة حفلة المغنية الجزائرية شريفة، رمز الأغنية القبائلية التقليدية، أحد أهم أحداث برنامجهم. إذ ستغني محاطة بنجوم كبار أتوا خصيصاً لتكريمها. وقد اختار المنظمون تقديم تقليد متبع في المغرب بقدوم مجموعة من النساء اللواتي يحيين الحفلات العائلية والدينية لجمهور من النساء فقط. مثل زهور من الجزائر ومجموعة ايمينتاتوف من جبال الأطلس والمشهورات بتقنيتهم الخاصة في الإيقاع التي تقوم على الضرب بعقودهن على الصدور.