على طريقة الفاتحين في العصور القديمة، اعتلى رئيس "الكونفديرالية الزراعية" جوزيه بوفيه، جراره الزراعي وانطلق به على رأس موكب، من منزله في لارزاك جنوب الى سجن فيلنوف لي ماغلون، الواقع على مسافة 100 كيلومتر لاكمال ما تبقى من عقوبة السجن الصادرة في حقه بعد ادانته بتحطيم احد مطاعم شبكة "ماكدونالدز" في آب اغسطس 1999. وكانت محكمة مونبيليه رفضت الاستئناف الذي قدمه بوفيه وأعادت تأكيد الحكم بالسجن لمدة ثلاثة اشهر، في شباط فبراير الماضي لكنها ارجأت تنفيذه الى ما بعد الانتخابات الرئاسية والاشتراعية. وبالفعل تلقى بوفيه غداة الدورة الثانية من الانتخابات الاشتراعية الاحد الماضي استدعاء رسمياً لتسليم نفسه والعودة الى السجن لقضاء شهرين وعشرة ايام، كونه سبق ان اعتقل احترازياً لمدة 20 يوماً. وبما ان لا مفر امامه من العودة الى السجن، قرر بوفيه الذي يعد رمزاً لمناهضي العولمة في فرنسا، والمعروف بتصرفاته الاستفزازية، تنظيم عراضة احتجاجية على سياسة الحكومة الفرنسية على مرأى ومسمع من المصورين والصحافيين الذين توافدوا بكثافة لتغطية الحدث. واختار بوفيه للمناسبة ارتداء قبعته الزرقاء الشهيرة و"البايب" الذي لا يفارقه، ووعد مواكبيه من اعضاء الكونفيديرالية ومؤيدين وإعلاميين بيوم جميل ودعاهم الى عدم التسرع "لأنني لست على عجل، خصوصاً ان المنطقة التي سنجتازها رائعة الجمال". وأعد بوفيه لعودته الى السجن اخراجاً مسرحياً وجد رجال الشرطة الفرنسية انفسهم ملزمين المشاركة فيه. فموكبه المكون من عشرات الجرارات والشاحنات الزراعية والسيارات، انطلق بمواكبة مدرجة من رجال الامن الذين تولوا قطع الطرقات. وتبعت الموكب مجموعة سيارات تابعة للشرطة، واستقبل بحرارة في البلدات التي اجتازها. وعلى الطريق، كان لا بد لبوفيه من الاجابة عن اسئلة الصحافيين، فانتقد مجدداً الحكومة الفرنسية التي باعتقاله "تسعى الى خنق صوت الحركة الاجتماعية وإلى اسكات الاحتجاجات ضد العولمة الهوجاء". وأشار الى انه تعمد احاطة نفسه بأنصاره ومؤيديه للتوجه الى السجن، نظراً الى تمسكه بأسلوب العمل الجماعي، معيداً التذكير بأنه عندما حطم مطعم "ماكدونالدز" كان برفقة عشرة من اعضاء الكونفيديرالية. واعتبر مرافقو بوفيه ومنهم المزارع بونوا لوجون، ان ما يتعرض له رئيس الكونفيديرالية "غير عادل، خصوصاً ان هناك الكثير من الجرائم التي لا تزال بلا عقاب لأنها تطاول سياسيين". والمرجح ان يخرج بوفيه من سجنه منتعشاً وعازماً على المضي في نشاطه الرافض للهيمنة الاميركية على الاقتصاد العالمي. فهو عندما حطم المطعم وعندما اتلف حقل المزروعات المعدلة جينياً، اعتبر انه يقوم بعمل سياسي نضالي وليس بعمل تخريبي، والعقوبات المتتالية الصادرة في حقه تشكل في رأيه دليلاً على صواب نشاطه.