اتصل المخرج المسرحي والسينمائي السويدي انغمار برغمان 83 سنة بمديرة معهد الافلام السويدي اوسي كليفي لاند وبادرها بالقول: "في حال تمكنت من حجز شاحنة، ارسليها لتنقل الاوساخ الموجودة عندي". ويقصد برغمان بمصطلح "الاوساخ" الذي يستخدم باللغة العامية في السويد، ارشيف كل اعماله من مسرحيات ونصوص افلام وافلام جاهزة وافلام وثائقية عنه وكتب وصور تمثل ذكريات حياته. اتخذ برغمان قرار منح معهد الافلام السويدي درس ودرّس فيه كل ارشيفه بعدما اقنعته بذلك الباحثة السينمائية ماريت كوسكينن وكان سمح لها برغمان في البحث في ارشيفه لاعطائها معلومات عن حياته المهنية تساهم في الكتاب الذي ستصدره في الخريف المقبل تحت عنوان "في البدء كانت الكلمة". وجدت الباحثة كوسكينن قيمة تاريخية مميزة في ارشيف برغمان فاتصلت بمعهد الافلام وأنذرتهم ان يطلبوا من برغمان منحهم الارشيف. وافق برغمان على ذلك كاسراً بفعلته هذه العادات المتبعة بين الشخصيات العالمية، اذ ان ارشيفاً في هذه القيمة لا يمنح بأكمله الا بعد وفاة صاحبه. ولكن وجدت مديرة معهد الافلام فرصة ذهبية في الحصول على ارشيف برغمان وهو على قيد الحياة كي يعطي ملاحظاته على اشياء قد تثير بعض الاسئلة لدى الباحثين. وبعد موافقة برغمان على منح ارشيفه لمعهد الافلام ارسلت شاحنة الى جزيرة فوراو ونقلت 45 صندوقاً الى العاصمة استوكهولم يحمل تاريخ انتاج برغمان الفني منذ الانطلاق حتى الآن. ومن اجل الحفاظ على ارشيف برغمان القيم اعلن عن تأسيس ادارة مشتركة باسم انغمار برغمان تتألف من التلفزيون السويدي ومعهد الافلام السويدي ومسرح الدراما الملكي لأرشفة كل المواد الكترونياً ودعمها بأعمال برغمان الموجودة في ارشيف هذه المؤسسات. والمميز في ارشيف برغمان انه يكشف مرة اخرى انه كان دائماً قبل تاريخه، اذ يوجد في الارشيف 18 فيلماً وثائقياً عن الافلام، يطلق عليها مصطلح "وراء الكاميرا". ولكن حتى الآن لم يعرف من هم الاشخاص الذين سيسمح لهم بالبحث في ارشيف برغمان، خصوصاً ان بعض الاعمال يعتقد انها حساسة بالنسبة الى حياة برغمان المملوءة ب"الاخطاء السياسية" عندما كان يناصر النازية في المانيا وب"الاخطاء العاطفية" التي لا يعرف عنها الكثير. ولكن برغمان خول اللجنة الادارية التي تنتمي اليها ابنتاه لين اولمان من طليقته النروجية ليف اولمان وايفا برغمان من طليقة سويدية تقرير مصير الارشيف ونوعية الاشخاص الذين يريدون البحث فيه. وبعد اكثر من نصف قرن على الانتاج السينمائي والمسرحي والتلفزيوني والاذاعي، وبعد عزلة شبه تامة عن الاضواء يفتح برغمان باب حياته على مصراعيه للذين يريدون دراسة ماضيه وهو موجود على قيد الحياة. ومن الملاحظ ان برغمان يريد ان يلقى ردود فعل الاوساط الشعبية والفنية والصحافية على ارشيف بقي مقفلاً اكثر من 53 سنة. وهو يفتح عما قريب ابوابه للابحاث التي قد تساهم في اعطاء اجوبة كثيرة عن حياة برغمان الخاصة والفنية.