تكاد الدراما السورية الجديدة تحصر اهتمامها في فضاء واحد هو "دراما الشخصيات التاريخية". فخلال السنتين الأخيرتين، هناك سباق محموم بين شركات الانتاج على تحقيق أكبر قدر من هذه الأعمال التي تستدعي "صورة الماضي البهي أو المجيد". هكذا ظهر عملان تلفزيونيان عن "صلاح الدين الأيوبي"، في آن واحد. الأول حمل توقيع نجدت أنزور، والثاني توقيع حاتم علي، اضافة الى مسلسل عن "الزير سالم"، وآخر عن "ذي قار"... وتجرى معركة صامتة بين شركتين انتاجيتين حول شخصية "صقر قريش"، تكاد تتحول مبارزة انتاجية. فبعد ان أعلنت شركة "سورية الدولية" عن تحقيق عمل عن فاتح الأندلس، يخرجه حاتم علي، سارع نجدت أنزور الى الاعلان عن انتاج عمل عن "صقر قريش"، على ان يجرى تصويره في دمشق والمغرب والأندلس! وكانت "شركة الشام الدولية"، أعلنت، هي الأخرى، عن استعدادها لتصوير مسلسل عن "عمر الخيّام". وهناك مسلسل في الكواليس عن "أسمهان"... لكن مصير "المتنبي" هذا العمل الذي كتبه ممدوح عدوان منذ سنتين، ربما كان الأكثر تراجيدية بين هذه الأعمال... ليس لجهة النص واطروحاته، بل لجهة انتاجه! بعد ان تأجل تصويره أكثر من مرة، وكأن بيت المتنبي الشهير: "على قلق كأن الريح تحتي/ أوجهها جنوباً أو شمالا" مكتوب عن سيرة هذا المسلسل بالتحديد. وكان ممدوح عدوان أنجز سيناريو "المتنبي" بناء على ترشيح من المخرج هيثم حقي الذي واكب تفاصيل كتابة هذا المسلسل، ووضع رؤياه الاخراجية، وتصوراته للشخصيات والممثلين الذين سيلعبونها. وتردد وقتها اسم الممثل جمال سليمان للعب دور هذا الشاعر الاستثنائي. لكن صعوبات انتاجية واجهت العمل، فوصل السيناريو الى شركة "الصقر" التي يديرها الممثل سلوم حداد، وكان من الطبيعي ان يُسند دور "المتنبي" إلى نفسه. ثم اتسعت دائرة الخلاف بين هيثم حقي وسلوم حداد، بسبب اقصاء بعض الممثلين الذين رشحهم المخرج لأدوار حيوية في العمل، بذريعة ان الجهة الانتاجية "قناة أبو ظبي" اعترضت على تلك الأسماء. كل ذلك جعل هيثم حقي ينسحب من العمل، ويتنازل عن جهوده في بلورة السيناريو التنفيذي ومواقع التصوير. وهنا بدأ سلوم حداد بتغيير خريطة الأسماء، واختار مخرجاً لبنانياً هو إيلي أضباشي لاخراج العمل، بعد ان تداول البعض اسم مخرج لبناني آخر هو سمير حبشي. ويبدو ان مسلسل "المتنبي" أصبح جاهزاً للتصوير، إذ من المقرر ان تدور الكاميرا مطلع أيار مايو المقبل، بورشة جديدة من الفنانين، أبرزهم: رفيق علي أحمد بدور سيف الدولة، وسمر سامي بدور خولة شقيقة سيف الدولة. ويهمس بعضهم في كواليس الوسط الفني السوري، ان سلوم حداد، ببنيته الضخمة، أبعد ما يكون فيزيولوجياً عن شخصية "المتنبي". ويتردد انه بذلك يعيد سيرة زميله أيمن زيدان الذي احتكر أدواراً لا تناسبه، لمجرد انه كان مديراً لشركة "الشام الدولية". وطالب ممثلون ونقاد، أن تكف شركات الانتاج التلفزيونية في سورية، عن استخدام فنانين في ادارة هذه الشركات، بعد ان كثرت "القوائم السود" لدى كل شركة من هذه الشركات، بحسب رضا هذا المدير أو ذاك عن طواقم الممثلين.