حض رئيس الوزراء السوري محمد مصطفى ميرو الدول العربية الاسلامية "على التشدد في مقاطعة البضائع الاسرائيلية وجميع اشكال النشاط التجاري والاقتصادي الذي تشارك اسرائيل فيه تصديراً او انتاجاً" لتعزيز المقاومة والتصدي للسياسات "العدوانية" الاسرائيلية. ووعد بتسهيلات كاملة لرؤوس الاموال الاجنبية في حين حض وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية على عودة رؤوس الاموال العربية المهاجرة. تحدث رئيس الوزراء السوري، ممثلاً للرئيس بشار الاسد، في افتتاح "الملتقى السادس لرجال الاعمال والمستثمرين العرب" الذي يشارك فيه 800 رجل اعمال من 15 دولة عربية بما فيها وفد فلسطين. وأكد ميرو على اهمية الملتقى الذي يلبي "حاجات وتطلعات اقتصادية واستثمارية راهنة لسورية". وقال: "اذا كان الهم الاقتصادي والاستثماري هماً قومياً واحداً من الطبيعي ان يقف العرب جميعاً صفاً واحداً في المسار الاقتصادي ليوفروا متطلبات الامن الوقائي ضد مختلف المتغيرات والتقلبات وليتقوا الآثار غير المحسوبة لهيمنة مفاهيم التجارة الدولية الحرة". تسهيلات لرجال الأعمال واشار الى اهتمام سورية برسم خطوط واضحة للمرحلة المقبلة اقتصادياً وتنموياً من "تطوير البنى والهياكل الادارية والمالية والانتاجية وتحقيق نقلة اساسية في التنمية الادارية وربطها بخطوات نقل التقنية وازالة السلبيات البيروقراطية واختيار القيادات ذات الكفاءة". لافتا الى ان "تقديم التسهيلات اللازمة لرؤوس الاموال الوطنية المقيمة والمغتربة ورؤوس الاموال العربية والاجنبية اصبح منطلقاً اساسياً للسياسة الاستثمارية السورية في المجالات كافة يواكبها اصدار التشريعات المناسبة واتخاذ الاجراءات اللازمة لفتح الطريق امام التدفقات الرأسمالية والاستثمارية كي تعمل في مناخ تشريعي واقتصادي خال من القيود وفي ظل استقرار سياسي واجتماعي راسخ". وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية غسان الرفاعي اهمية الملتقى الذي يُعقد تحت شعار "الوطن العربي الملاذ الآمن للاستثمار" في ظل ظروف استثنائية مهمة اولها بروز تيار العولمة المتعاظم والتحديات التي يطرحها للاقتصادات الناشئة والنامية، ثم احداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر التي اقحمت العالم العربي والاسلامي ورؤوس الاموال العربية المغتربة في دوامة لا يعرف لها قرار وآخرها المجازر المأسوية التي تنتهك حرمات العرب من مسلمين ومسيحيين في الأراضي المحتلة وتجرفنا الى تيار لا ينقذنا منه سوى وحدتنا القومية". دعوة إلى عودة الأموال المهاجرة ودعا الرفاعي المستثمرين العرب الى اعادة اموالهم الى الوطن العربي وقال: "آن الاوان ان نفكر جدياً بان الجزء الكبير من رؤوس الاموال العربية الهائلة الذي يُستثمر خارج الوطن العربي لن يجد له الامان الا في منطقته العربية وللمصلحة العربية". وتحدث في الافتتاح الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية عبد الرحمن السحيباني والامين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية احمد جويلي ورئيس اتحاد رجال الاعمال العرب حمدي الطباع. واكد المتحدثون ان الاسواق العربية اصبحت جاذبة للاستثمار وتشكل علاجاً ناجعاً لكل ما تعانيه الاقتصادات العربية من سلبيات خاصة بعدما تعرضت للتجميد والمصادرة في الاسواق نتيجة تهم مختلفة. خسائر الاقتصاد الفلسطيني وفي الجلسة الاولى للملتقى، الذي يستمر يومين، القى رئيس جمعية رجال الاعمال الفلسطينيين في القدس محمد سروجي "كلمة فلسطين" بعدما تم استبدال المحاضرة المقررة قبل الاجتياح بعنوان "الاقتصاد الفلسطيني تحت الحصار" نتيجة "تدمير قوات الاحتلال الاسرائيلي للاقتصاد الفلسطيني تدميراً كاملاً ابتداء من البنية التحتية وحتى الشجر والحجر... ولم يبق ما يمكن التحدث عنه كاقتصاد". وأشار سروجي الى ان نسبة الفقر الى نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر بلغت 32 في المئة مع بدء انتفاضة الاقصى ووصلت الى اكثر من 60 في المئة قبل الاجتياح الاخير، وبلغ الانخفاض في نسبة الاستثمار نحو 80 في المئة بسبب انعدام الاجواء الاستثمارية وانخفاض الاستهلاك العائلي بسبب انخفاض الدخل اكثر من 15 في المئة. وأكد سروجي انخفاض اجمالي الناتج المحلي 21 في المئة ما يعادل بليون دولار قبل تقدير الخسائر الفادحة التي لحقت بالبنية التحتية الفلسطينية والاملاك الخاصة والعامة. واقترح سروجي على رجال الاعمال العرب تنفيذ قرارات القمة العربية بفتح الاسواق العربية للمنتجات الفلسطينية واعفاءها من الجمارك وتنمية العمل العربي المشترك خصوصاً في اتجاه الوحدة الاقتصادية العربية وفرض ضريبة على صادرات وواردات الأمة العربية بنسبة واحد في المئة لصالح دعم الانتفاضة وان يتبنى رجال الاعمال العرب مبادرة تكون رداً على التحديات الاسرائيلية والاميركية بتبني مقاطعة تامة سياسية واقتصادية. وتساءل رجال الاعمال الحاضرون عن امكانات تضمين البيان الختامي للملتقى دعوة لمقاطعة البضائع الاسرائيلية بعدما رفضت سيدات الاعمال العربيات تضمينه قبل يومين. وأكد مدير الاستثمار السوري مصطفى العبدالله الكفري ان القطاعين العام والخاص في سورية يعانيان "من مشاكل ادارية ومالية وانتاجية وتسويقية متعددة الجوانب اضافة الى ان قوانين الاستثمار فسحت المجال للتوسع في قطاع الخدمات على حساب التوسع في المجال الصناعي". وأشار الكفري، الذي يشارك في الملتقى، الى ان سورية تملك قطاعاً صناعياً واسعاً من الناحية الافقية يشكل القطاع العام 70 في المئة منها، لافتاً إلى أن سورية تحتاج الى عدد كبير من المصانع في مجال التصنيع الزراعي وإلى صناعات حديثة وثقيلة. ودعا الى ضرورة تشجيع الاستثمار في هذه الصناعات عبر اعادة النظر بقانون الاستثمار بحيث تعطي الصناعات الزراعية افضلية عن غيرها. وقال: "إن السياسة الاستثمارية الناجحة والسليمة لا تعتمد فقط على الاعفاءات والامتيازات لان المحدد الاساسي لسياسة الاستثمار هو المناخ الاستثماري الذي يتضمن الاستقرار السياسي والاقتصادي وضمان العدالة واحترام الانظمة التي تحكم سياسات الدولة والتعهدات التي تلتزم بها". فكر التخطيط المركزي وتناولت ورقة رئيس "مجموعة الخرافي" في الكويت ناصر الخرافي، الذي لم يتمكن من الحضور، والقيت نيابة عنه، نظرة المستثمر العربي الى فرص ومناخ الاستثمار في سورية وقال:"ان هناك صعوبة في تسويق مشاريع استثمارية في دول بُنيت خلفية موادها القانونية على فكر اساسه التخطيط المركزي واعطاء الدولة الدور الاساسي في تحريك عجلة الانتاج" ولفت الى ان "من يريد دخول مجال الاستثمار في سورية سيكون اما مستثمراً له تجربة ناجحة في الدول العربية ويرغب في تطويرها والاستمرار فيها او مستثمراً يعتبر الاستثمار في سورية استثماراً عالي المخاطر وعالي العائد وبذلك يقبل المخاطرة". وبعدما اشار الى الرغبة الجادة لدى الحكومة السورية في دعم الاستثمار قال :"ان المستثمر الراغب في الدخول الى السوق السورية في الوقت الحاضر يستفيد من المزايا المتاحة للدخول الى سوق بكر تتوافر فيها الفرص الاستثمارية في مجالات مختلفة ويساعد في تحقيق الهدف رخص اليد العاملة وكبر السوق السورية نسبياً والحصول على اعفاءات وامتيازات تحسن العائد على رأس المال المستثمر". واشار الى الاختلالات في الاقتصاد السوري التي تتمثل في ارتفاع معدل البطالة، التي تُقدر بنسبة 20 في المئة وارتفاع الكلفة العالية للدعم الحكومي للمستهلك حيث يكلف دعم القمح والقطن ومنتجات اخرى الموازنة العامة نحو 29 بليون ليرة سورية ما يعادل 7،3 من اجمالي الناتج المحلي، اضافة الى سيطرة القطاع العام على نسبة عالية من الناتج المحلي. وحض على ضرورة اعادة هيكلة الاقتصاد وتحريره واعطاء دور اكبر للقطاع الخاص، علماً ان عائدات النفط تمثل 53 في المئة من الصادرات. وقدر نائب المدير العام للمؤسسة الاسلامية لتنمية القطاع الخاص خالد العبودي ديون المنطقة العربية حتى نهاية العام الماضي بنحو 197 بليون دولار. وأشار إلى أن أرقام النمو في الدول العربية تتخلف عن مثيلاتها في دول اميركا اللاتينية على رغم ان ديونها تتجاوز اربعة اضعاف حجم الدين العربي.