بيروت - "الحياة" - ارتفعت وتيرة الحملات المتبادلة أمس بين وزير الاتصالات جان لوي قرداحي وفريق رئىس الحكومة رفيق الحريري، نتيجة الخلاف على طريقة معالجة ملف خصخصة الهاتف الخلوي، وبلغت حد اتهام قرداحي للحريري "باضعاف موقف الدولة التفاوضي" مع الشركتين اللتين تم فسخ عقدهما لتشغيل هذا القطاع تمهيداً لبيع رخصتيهما. وعلى رغم ان مجلس الوزراء حسم الخميس الماضي، بتغطية من اتفاق رئىس الجمهورية اميل لحود مع الحريري، آلية نقل ملكية موجودات الشركتين والشبكات الخلوية الى الدولة، واكتفى قرداحي بالتحفظ عن بنود هذه الآلية، فإن السجال عاد فخرج الى العلن، وصدرت 3 بيانات عن الأمانة العامة للمجلس الاعلى للخصخصة غازي يوسف مستشار الحريري كما صدرت 3 بيانات عن قرداحي في خلال أقل من 24 ساعة. بدأ السجال بين قرداحي والمجلس، عندما رد الاخير على رئيس الحكومة السابق سليم الحص في شأن تخلي الدولة عن حقوقها. وأفاد "ان الدولة لم تتخل عن حقوقها، وأدرجت وزارة الاتصالات بنداً يعطي للدولة الحق بابراز اي مستند لتعزيز موقفها التحكيمي، تخوفاً من ان يأتي القرار التحكيمي ضد مصلحتها". ودفع ذلك قرداحي الى الرد بالقول انه "لم يبد تخوفاً، لأن للدولة حقوقاً اكيدة". ولفت الى "ايداع المحامين المخالفات التي ظهرت بعد تدقيق حسابات الشركتين العام الماضي، وان هذا الايداع كان خارج المهل القانونية العائدة للتحكيم مع "ليبانسيل" والتي انتهت منذ اكثر من سنة". وشدد قرداحي على ان "موقف الوزارة كان ولا يزال احترام قرار مجلس الشورى بعدم الاعتراف بالتحكيم، ما جعل الوزارة تمضي به في ما يخص الشركة الفرنسية وفقاً لنظام الأممالمتحدة". ورد المجلس بعد منتصف ليل اول من أمس على قرداحي بعرض كلام له اورده خلال احدى جلسات المجلس وذكر ان قرداحي "اصر على نقل الدعوى التحكيمية من غرفة التجارة الدولية الى غرفة خاضعة لقواعد الأممالمتحدة، ما يتطلب تعليق تنفيذ سندات التحصيل وضمها الى النزاعات لدى هذه الغرفة وان قرداحي اعتبر ان خسارة الدعوى امام غرفة باريس مؤكدة، خصوصاً ان الوزارة تأخرت في تقديم الطعون والمستندات ضمن المهل". وقام قرداحي بالرد على ما اورده المجلس قائلاً: "يظهر ان امين السر العام للمجلس اضحى غير مؤتمن على ما يجري في ملف الخلوي"، متهماً اياه ب"اجتزاء الكلام وتحوير الوقائع". وأكد ان موقفه في مسألة التحكيم هو "التمسك باحترام قرار مجلس الشورى والاحكام القضائية، خلافاً لوصف دولة رئىس مجلس الوزراء القرار ب"الهرطقة" في مقابلة متلفزة على شاشة الشبكة الوطنية للارسال في آب اغسطس 2001"، معتبراً انه "اضعف الموقف التفاوضي للدولة". وشدد على ان "كل ما تقدمت به الدولة من مستندات للغرفة بقي لاطلاع المحكمين، من دون الاعتراف بصلاحياتهم بت النزاع بين الدولة والشركتين". وذكّر قرداحي "امين السر العام وفريق عمله الذي يضم محامياً هو نفسه على علاقة عمل بشركة "ليبانسيل" ان الوزارة تحفظت عن خفض شروط التصنيف التي وضعها مصرف HSBC لتصبح مفصلة على قياس "ليبانسيل"، وتجميد سندي التحصيل من دون ضمانات، ما يشكل خطراً على امكان استعادة الدولة حقوقها بعد تفريغ الشركتين من احتياطهما المالي، وعدم الاخذ باقتراح مؤسسة KPMG بتجميد 25 في المئة من مبالغ القيمة الدفترية لتغطية المخاطر بسبب نقص في الموجودات". ورد يوسف في وقت لاحق على رد قرداحي قائلاً: "نحن نحترم الدستور اللبناني والاحكام القضائية والقانون العام، حيث انه صدر قانون يسمح للحكومة باعتماد التحكيم في العقود الموقعة مع الغير، وبناء عليه من البديهي وحلاً لمشكلة مزمنة ان يعتمد المجلس الاعلى للخصخصة بنداً تحكيمياً لحل النزاعات بين الدولة ومشغلي شبكتي الهاتف الخلوي في العقد المزمع توقيعه والمتعلق بانتقال كافة اصول الشبكتين الى الحكومة علماً ان هذا القرار من خلال البند التحكيمي هذا يطوي صفحة نزاع دامت نحو ثلاث سنوات وكادت ان تفقد الدولة اللبنانية صدقيتها تجاه المستثمرين". وأضاف: "ان كلام الوزير عن فريق عمل الامانة العامة للمجلس الاعلى للخصخصة وخصوصاً مستشارها القانوني هو كلام تجريمي وافترائي وعلى مكتب المحاماة Dewey Ballantine ان يرد بما يراه مناسباً مع حفظ كامل حقوقه. اما بالنسبة الى شروط التصنيف التي وضعها المصرف البريطاني HSBC والتي كان بحثها المجلس الاعلى في حضور الوزير وأقرّها، فالوزير يعلم جيداً ان الشروط التي كانت وضعت ربما بناء لطلبه لاستبعاد المشغلين الحاليين من الاشتراك في المزايدة، وبعد تباحث المجلس وفي حضور الوزير وقبوله الشروط تم اعتماد الشروط التي ينتقدها الآن". وعن تجميد سندي التحصيل من دون اعطاء الضمانات اللازمة قال يوسف: "هذا موضوع بحث في مجلس الوزراء الذي رفض الآلية المقترحة من الوزير والتي كان يقترح فيها اعطاء ضمانات او مقاصة او تجميد قسم من المبالغ للقيمة الدفترية العائدة للشركتين وبالتالي تم اعتماد مبدأ دفع القيمة الدفترية الصافية للشركتين مع حفظ حقوق الدولة تجاه سندات التحصيل او اي مخالفات اخرى لدى الغرفة التحكيمية لحل النزاعات". وذكّر يوسف في بيانه الوزير قرداحي بأنه منذ تسلمه مهمات الوزارة لم يقم بادارة ملف النزاعات مع الشركتين بطريقة جدية على رغم الملاحظات التي كانت توجه اليه من المراجع المختصة في شكل مستمر ما دفعه منذ ثلاثة اشهر ان يكلف مكتباً استشارياً عالمياً لمتابعة هذا الملف نتيجة عجزه عن ادارته وما كان من هذا الاستشاري العالمي وبعد تطمينه للمجلس الاعلى للخصخصة بأن نسبة ترجيح نتائج التحكيم ستكون لمصلحة الدولة بنسبة 75 في المئة ما لبث ان تخلى هذا المكتب عن متابعة الملف لعلمه بالفجوات الفادحة المرتكبة من الوزير وفريق عمله وهذا يؤكد ان تخلفه عن ادارة هذا الملف في شكل سليم اعطى الشركتين نتيجة شبه اكيدة بالفوز بالنزاع التحكيمي". وفيما السجال مستمر بين قرداحي والمجلس دخل الرئىس الحص مجدداً على خط الردود وأوضح للمجلس الاعلى للخصخصة في شأن قوله "ان حكومة الحص التي اصدرت سندي التحصيل لم تنفذهما وهي في سدة المسؤولية". فأشار الى ان وزير الاتصالات في حكومته "عمد فوراً بعد صدور السندين الى ابلاغهما الى الشركتين اللتين اعترضتا بدعوى على الدولة، اعلن بعدها الوزير المختص "اضطرار الدولة الى القاء الحجز على موجودات الشركتين"، الا ان الابواق الاعلامية التي يملكها رئيس الحكومة الحالي رفيق الحريري زعمت ان ذلك يسيء الى اجواء الاستثمار، فارتأت حكومتنا التريث في انتظار قرار المحكمتين". وأضاف: "هنا لجأت الشركتان الى التحكيم لدى غرفة باريس، ما استدعى وزير الاتصالات مراجعة مجلس الشورى لابطال بند التحكيم، فتريثنا في انتظار قراره، الذي صدر في تموز يوليو 2001 اي بعد رحيل حكومتنا". واعتبر الحص انه "كان احرى برئاسة الوزراء التساؤل عما فعلت الحكومة الحالية لتحصيل هذين السندين بعد سنة ونيف من قرار مجلس الشورى".