بيروت - "الحياة" - شهد لبنان خلطاً للأوراق في سوق الاتصالات امس حين لجأت الحكومة اللبنانية الى انهاء عقدي تلزيم الهاتف الخلوي لشركتي "ليبانسيل" تمثل شركة فنلندية وسيليس تمثل شركة فرانس تيليكوم الفرنسية، من اجل استدراج عروض بمناقصة عالمية لتحويل الالتزام رخصة امتياز لمدة 20 سنة مبدئياً، بدلاً من مواصلة التفاوض مع الشركتين القائمتين على اتمام هذا التحويل الذي يفترض ان يدرّ اموالاً على الخزينة، في سياق خطة الحكومة خفض العجز من طريق الزيادة الواردة، وبينها التخصيص. راجع ص 5 وأحدث قرار المجلس الأعلى للتخصيص، الذي التأم مساء اول من امس برئاسة رئىس الحكومة رفيق الحريري، الطلب من وزير الاتصالات جان لوي قرداحي عضو في المجلس انهاء عقد التلزيم للشركتين، "مفاجأة" للرأي العام والمستثمرين وبعض الدوائر الرسمية والسياسية، خصوصاً ان المفاوضات قائمة منذ ما يقارب السنتين مع الشركتين الملتزمتين الخلوي منذ العام 1994 حتى 2006، من اجل تحويل عقد الالتزام الى ترخيص امتياز، ومرّت في حالات من الجمود ثم التنشيط، وفق الظروف السياسية. وكانت الشركتان عرضتا، منتصف العام الماضي في عهد الحكومة السابقة، إثر نزاع على مداخيل الدولة من عقد التلزيم B O T ان تدفع كل منهما مبلغ بليون و400 مليون دولار اميركي من دون عائدات للدولة من التخابر في مقابل جعل العقد ترخيصاً لامتياز، الا ان تأخر الدولة في حسم الأمر في حينه ادى بالشركتين الى سحب العرض. وكان العرض يشمل ان تدفع كل شركة مبلغ 900 مليون دولار، دفعة اولى لخزينة الدولة، في إطار خطة التخصيص، لكن الشركتين خفضتا هذه المبالغ لاحقاً، في مفاوضات بعيدة من الاضواء خاضها الوزير قرداحي معهما باسم الحكومة الجديدة، وعرضتا مبلغاً لا يتجاوز البليون دولار عن كل منهما. واعتبر وزراء في الحكومة وشخصيات سياسية موالية للعهد ان الارقام المتداولة قليلة وان بيع الترخيص بهذا الثمن مجحف للخزينة، وتسبب الأمر بتباين حيال المفاوضات مع الشركتين، وبات احد بنود الخلافات الرئاسية التي استبدت بالعلاقات بين رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري ما دفع بالأخير الى الاخذ بخيار انهاء عقد الشركتين "تجنباً للمزايدة السياسية"، على ما قالت مصادر قريبة منه. وتركزت لقاءات الحريري مع كل من لحود وبري خلال اليومين الماضيين على اقناعهما بهذا الخيار على ان يقترن باجراء مزايدة عالمية على سعر ترخيص الامتياز، تشترك فيها الشركتان وشركات اخرى. يذكر ان مدخول الخزينة السنوي تدرج من عقد الالتزام منذ عام 1995 الى ان بلغ 280 مليون دولار السنة الماضية من الشركتين اللتين يبلغ عدد موظفي كل منهما نحو 420، وكان عقد التلزيم ينص على ان يعاد النظر في حصة الدولة في منتصف العام 2002 وعلى ان تسلم الشركتان ادارة القطاع للدولة في العام 2006. وفيما برزت اسئلة منها: هل يضر انهاء عقد التلزيم بالثقة الاستثمارية بلبنان؟ قالت مصادر مجلس الخصخصة ان القرار اتخذ على اساس تنفيذ حق الحكومة في انهاء العقد كما ينص، والاعتراف بحقوق الشركتين من التعويضات والسماح لهما بالمشاركة في المزايدة العالمية وهذا فيه من الشفافية ما يكفي. واستفسر السفير الفرنسي في لبنان فيليب لوكورتييه من الحريري، في موعد عاجل طلبه، خلفيات القرار فأكد له حرص الحكومة على حقوق الشركتين وعلى المناخ الاستثماري وعلى مشاركتهما في المزايدة المقبلة. ويأتي القرار في اطار خطة لتنظيم قطاع الاتصالات بقانون جديد سيعرضه مجلس الوزراء اليوم، يقضي بالتمهيد لخصخصته بالكامل من طريق انشاء شركة "ليبان تيليكوم" لادارة الهاتف الثابت والخلوي، تكون في البداية شريكة في الثاني، ويتم خصخصة اسهمها وادارتها لاحقاً بالتدرج، لتصبح الشركة الثالثة التي تستثمر قطاع الخلوي في لبنان. وتعد الحكومة لمشروع قانون لدرسه في المجلس النيابي واقراره من اجل الاجازة لها بيع رخصة الامتياز.