بيروت - "الحياة" - عاد التعقيد الى ملف الهاتف الخلوي على خلفية التباين بين وزير الاتصالات جان لوي قرداحي، وفريق رئيس الحكومة رفيق الحريري وشركتي "سيليس" و"ليبانسيل"، في شأن توقيع عقد انتقال ملكية هذا القطاع مستند عدم الاعتراض على انتقال الملكية وشبكات التشغيل الى الدولة، ما أدى الى تأخير التوقيع وبالتالي مباشرة اجراءات الاعلان عن المزايدة العالمية تمهيداً لخصخصته بدءاً من الاثنين المقبل. وكان قرداحي تحفّظ عن قرار مجلس الوزراء الذي أقر صيغة انتقال الملكية لجهة تعليق مطالبة شركتي الخلوي اللتين كانتا تتوليان تشغيله، بسندات تحصيل بقيمة 600 مليون دولار وأصر على كفالات منهما بقيمة المبلغ للتحصيل، ولجهة إحالة هذه القضية على ملف دعويي التحكيم اللتين أقامتهما الشركتان بعد فسخ الدولة العقد معهما... انتهى اجتماع وزير الاتصالات جان لوي قرداحي مع كل من مدير "ليبانسيل" حسين الرفاعي ثم مدير "سليس" فرانس تيليكوم - لبنان صلاح ابو رعد بعد ظهر امس الى اتساع شقة الخلاف بين الطرفين على موضوع التحكيم الذي قال عنه قرداحي ليلاً "انه لا يجوز للشركتين فرض شروطه"، فيما رأت الشركتان ان الوزير ينقض الاتفاق السابق. وعلمت "الحياة" ان قرداحي اقترح على رئيس الجمهورية اميل لحود الذي التقاه الاثنين الماضي ان يضع بعض ملاحظاته في نص عقد انتقال الملكية، حسماً للجدل والحملات المتبادلة التي حصلت بين الوزير والأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة الدكتور غازي يوسف. وكان الحريري شرح للحود تفاصيل الخلاف متمنياً ان يبذل جهوده لمعالجة الأمر من أجل إنجاز توقيع انتقال الملكية. وسادت على الأثر أجواء توحي بأن توافق الرئيسين سيؤدي الى نهاية ايجابية للموضوع. وعلمت "الحياة" ان لحود أبدى تفهمه لملاحظات قرداحي، على الا تنسف الصيغة التي أقرها مجلس الوزراء، وان يزود الوزير بالمستندات التي يحتاجها من أجل عرضها على المحامين وكذلك الملاحظات التي أرفقها لاحقاً بصيغة عقد انتقال الملكية كما ان لحود نصح بأن يتدارس محامو الوزارة الموضوع من أجل معالجة الخلافات وايجاد مخارج لها... وبعث قرداحي امس بالصيغة الجديدة للعقد وفق ملاحظاته، الى ممثلي كل من الشركتين تقع في 60 صفحة فولسكاب، وحدّد موعداً ل"ليبانسيل" الثالثة بعد ظهر أمس ول"سيليس" الرابعة، من أجل التوقيع. الا انهما طلبتا مهلة من أجل دراسة الصيغة الجديدة، ثم حضر ممثلو الشركتين يرافقهم المحامون. وقد أبلغ ممثلو الشركتين، قبل الحضور، الوزير انهما تحتاجان الى الوقت لأن الصيغة الجديدة تحتاج الى دراسة من المحامين الذين يتابعون ملف التحكيم، خصوصاً ان في التعديلات على صيغة العقد ما يتعلق بهذا الجانب، وبالمهل الخاصة بالتحكيم. كما أبلغ ممثلو الشركتين قرداحي انهما لا تميلان الى التوقيع على عقد يتعارض مع الصيغة التي كان أقرها مجلس الوزراء، "لأن الأمر سيبدو وكأن الوزير على حق وسائر الوزراء ليسوا على حق، أو أنهم يريدون التفريط بمال الدولة". كما ان أوساط الشركتين اعتبرت ان موافقتهما على صيغة قرداحي ستتيح للاطراف التي تقوم بحملة اعلامية مواصلتها ضد قرار مجلس الوزراء. وقالت مصادر الشركتين بعد الاجتماع ان "صيغة قرداحي تنسف التحكيم اذ تدعو الى تجاوز مرحلة السنتين الماضيتين منذ بداية التحكيم وتتحفظ عن اللجوء الى محكمة لاهاي للتحكيم من جانب ليبانسيل". وذكرت المصادر ان قرداحي طلب من ممثلي الشركتين اما توقيع المستند من دون تغيير فيه وإما يعتبر انهم يرفضون التوقيع، فيما طلب ممثلو الشركتين مهلة لدراسة النص، خصوصاً انه يتضمن مطالب او بنوداً جديدة. كما طلبوا الجلوس مع محامي الوزارة لكن قرداحي رفض. وذكرت مصادر الشركتين انه ابلغ الرفاعي وأبو رعد انه سيعلن رفضهما التوقيع. وقالت مصادر وزارة الاتصالات ان قرداحي اطلع كلاً من الرفاعي وأبو رعد على "الصيغة النهائية لمستند عدم الاعتراض على انتقال الملكية". وقد خرج الرفاعي مشيراً الى عدم توقيعه، ولم يكشف الاسباب. اما ابو رعد فقال انه اطلع على النص "الذي ادخلت عليه تعديلات فطلب منا التوقيع لكننا طلبنا امهالنا بعض الوقت لدرس البنود المعدلة، وهي تمثل نقاطاً اساسية وثانوية"، رافضاً الكشف عن تفاصيلها. وأكد "السعي الى الاسراع مع محامينا وخبرائنا في انجاز دراسة هذه التعديلات ووضع الملاحظات، لنقرر في ضوئها بأي شكل سنوقع". واعتبر ابو رعد ان "الموضوع حساس جداً". ونفى "ان تكون هناك ازمة جديدة، ولا نريد التحدث عن ازمات"، مؤكداً اننا في اجواء الحل ونسعى الى التوقيع على الاتفاق في اسرع وقت. واعتبرت مصادر الوزير قرداحي "ان رفض توقيع الشركتين يعود الى رفضهما شروط التحكيم الواردة كما اقرها مجلس الوزراء". وعدد هذه الشروط كالآتي: 1- طلب الشركة الفرنسية نقل ملف التحكيم من غرفة التجارة الدولية في باريس الى جنيف ليتم التحكيم وفق نظام الأممالمتحدة. وطلب "ليبانسيل" نقل ملف التحكيم من باريس الى بيروت، في حين تمسك قرداحي بفتح صفحة جديدة في هذا الملف وإعادة تكوينه في جنيف وفق نظام الأممالمتحدة. 2- حددت الشركتان مهلة قصيرة لتتقدم الدولة بمستندات تقوي موقفها في الملف التحكيمي، في حين تمسك قرداحي بتطبيق قرار مجلس الوزراء القاضي باعطاء الحق للحكومة في تقديم اي طلب او لائحة او مستند او الادلاء بما تراه مناسباً تعزيزاً لموقفها دفاعاً عن حقوقها كاملة. ولم يحدد مجلس الوزراء وفق قراره اي مهلة لذلك. واعتبرت مصادر قرداحي ان "الكرة في ملعب الشركتين". وكشفت أوساط رسمية ل"الحياة" عن اتصالات أجريت ليل أول من أمس بعد مغادرة الحريري الى المملكة العربية السعودية. وقالت ان الاخير بحث في ملف الخلوي مع الرئيس لحود على هامش اجتماعهما مساء الثلثاء الذي خصص لتفعيل الادارات العامة. ولفتت الى ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي كان لعب ليل الاربعاء الماضي اي عشية عقد مجلس الوزراء، دوراً أثمر إقرار المجلس صيغة انتقال الملكية عاد وتابع الموضوع وكان محور اجتماعه امس مع لحود. وهدف التحرك الى الحؤول دون الوصول الى طريق مسدود بعد ان نُسب الى قرداحي قوله ان التعديلات التي يقترحها خط أحمر وان رئيس الجمهورية يتفهم موقفه خصوصاً بعد الاجواء السياسية المعترضة التي أعقبت موافقة مجلس الوزراء على الصيغة. وحصلت اتصالات أحيطت بالكتمان بدءاً من ظهر امس لتفادي مشكلة أو الوصول الى حائط مسدود وليكون المخرج الموقت اعطاء فرصة لدراسة الملاحظات. وذكرت مصادر "ليبانسيل" ان قراءة محاميها الأولية للصيغة الجديدة اعتبرت ان من غير الجائز ادخال بنود تتعلق بالتحكيم وبتقديم المستندات من الشركتين. ورد الدفوع الشكلية التي رفعها محامو الدولة... باعتبار هذه الامور من اختصاص الهيئة التحكيمية التي قد ترفضها، فتحديد المهل تقوم به الهيئة بعد تفاهمها مع المتقاضين أمامها.