رأت مصادر ديبلوماسية عربية في بيروت ان استمرار رئيس وزراء اسرائيل آرييل شارون في حربه ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة يؤكد وجود ضوء اخضر من الرئيس الأميركي جورج بوش، مشيرة الى انه مشروط باحترام ثلاثة خطوط حمر: الحفاظ على امن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وسلامته، والامتناع عن ترحيل الفلسطينيين الى الدول العربية المجاورة، والتقيد بمهلة زمنية محددة لإنهاء العملية. وعزت المصادر ل"الحياة" سبب رسم هذه الخطوط الحمر الى ان عدم احترام شارون لأي منها سيؤدي الى فلتان الوضع، وقد يتسبب بإحراج الدول العربية التي تقيم علاقات ما مع إسرائيل، وخصوصاً مصر والأردن ما يضطرهما الى التفكير بتعليقها تحت ضغط الشارع. ونفت ان يكون للضوء الأخضر الأميركي علاقة مباشرة بانزعاج واشنطن من المصالحة السعودية - العراقية وكسر الجليد بين العراق والكويت اللذين تحققا اثناء عقد القمة العربية في بيروت. وقالت ان الإدارة الأميركية منزعجة على هذا الصعيد، لكنها لم تصل الى حد الرد عليه بإطلاق يد شارون للتمادي في عدوانه الذي يأتي تحت وطأة الهواجس التي تعيشها اميركا منذ شن الهجمات على نيويوركوواشنطن. ولفتت الى ان "الهوس" الأميركي المترتب على هذه الهجمات اتاح لشارون الدخول في شراكة مع واشنطن لمكافحة ما يسميه بالإرهاب متمثلاً بحسب زعمه، بحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي". وأوضحت: "ان الهجمات ضد اميركا قامت بها مجموعات دخلت او تسللت الىها خلافاً لمنطق الحرب التي يشنها شارون ضد الفلسطينيين فوق ارضهم المعترف بها في اتفاق اوسلو". وتابعت ان بوش يخطئ إذا كان يعتقد ان ما حصل في اميركا وما يحصل اليوم في الأراضي المحتلة وجهان لعملة واحدة، خصوصاً ان عرفات لا يعتبر اسامة بن لادن الثاني ما دامت الإدارة الأميركية وإسرائيل تعترفان بمرجعيته كرئيس للسلطة الوطنية. ورأت المصادر ان شخصيات اميركية عملت في الإدارات السابقة، حذرت بوش من خطورة التعامل مع عرفات بهذا الشكل وسألته عن الخطوة اللاحقة في حال لم يتمكن شارون من ضرب "الإرهاب"؟ ولاحظت الشخصيات - بحسب المصادر العربية - ان بوش يعيش حالاً من الإرباك وأن تأييده لما يقوم به شارون بذريعة ضرب الإرهاب لقطع الطريق امام احتمال تمدده مجدداً الى اميركا، سيؤدي الى إدخال منطقة الشرق الأوسط في نفق مظلم يعرف الجميع من اين بدأ لكن يتعذر عليهم تحديد الوجهة التي سينتهي إليها. وكشفت عن ان بوش يعتبر ان شارون قدم تنازلات للتوصل الى وقف اطلاق النار لكن عرفات لم يضبط الجماعات المتطرفة، مؤكدة ان ادارته غير قادرة على إقناع العالم بأن العدوان الشاروني لا يستهدف مبادرة السلام العربية. ودعت الى مراقبة الموقف في إسرائيل بعد ان يعلن شارون ان العملية العسكرية حققت اهدافها بجمع السلاح والقبض على الناشطين الفلسطينيين، ليكتشف لاحقاً تزايد العمليات الاستشهادية. وأشارت المصادر الى ان شخصيات اميركية من بينها المنسق العام السابق لمفاوضات السلام دنيس روس كان اقترح على بوش تشكيل لجنة رباعية من اميركا ومصر والسلطة الوطنية وإسرائيل تدعو الى وقف فوري للنار، لتنصرف الى تحضير الأجواء، من اجل اعادة الاعتبار للاتفاق المعقود بين عرفات وإسرائيل، مؤكدة ان تأييد الرئيس الأميركي الضمني لشارون يتناقض مع ترحيبه بمبادرة السلام العربية.